كيف حول الحوثيون "المساجد" بصنعاء لحشد المقاتلين وبث خطاب طائفي؟ (تقرير خاص)

[ جامع "القبةالخضراء" في صنعاء محاط بأعلام الخضراء التابعة للحوثيين ]

"الحديدة تنادي الجميع، والحديدة ملك لجميع اليمنيين ويجب الدفاع عنها" هكذا يصرخ خطيب حوثي في جامع "ذي النورين" بصنعاء الجمعة 14 سبتمبر/أيلول لحشد المقاتلين إلى جبهات الساحل الغربي في مدينة الحديدة (غرب اليمن) لمساندة ميلشيات الحوثي بعد تقدم قوات الجيش خلال الأيام الماضية.
 
ودعا الخطباء الحوثيين المواطنين في صنعاء عبر منابر المساجد إلى الالتحاق بجبهات القتال، وخصصوا خطبتهم لذلك في عموم أحياء العاصمة، تطبيقاً لتعميم قيادات ميلشيات الحوثي عبر وزارة الأوقاف التي يديرونها منذ انقلابهم على الدولة في 21 سبتمبر/أيلول 2014 وعلى إثره فرضوا خطباء من مواليين لهم يروجون لخطابهم الطائفي.
 
ويأتي التحشيد عبر المساجد هذه المرة عقب التقدم المتسارع لقوات الجيش في محافظة الحديدة خلال الأيام الماضية، حيث سيطرت على "كيلو 16" وجميع مداخل المدينة وتتقدم نحو ميناء الحديدة الإستراتيجي والذي يمثل شريان رئيسي للحوثيين من خلال الحصول على إرادات مالية كبيرة، بالإضافة إلى عمليات التهريب للأسلحة التي تصل عبر الميناء من حلفائهم في إيران وحزب الله في لبنان.
 
استخدام المساجد

تحولت المساجد في صنعاء والمحافظات التي تسيطر عليها ميلشيات الحوثي إلى منابر تتبنى الخطاب الطائفي والسياسي للحوثيين، حيث يعمل الخطباء على تنفيذ توجيهات القيادات الحوثية في توعية المصلون بثقافتهم الفكرية والطائفية بالإضافة إلى جُملة التبريرات التي يسردها الخطاء لسلطات الأمر الواقع للحوثيين جراء تدهور الحياة المعيشية بعد سيطرتهم على مؤسسات الدولة.
 
وتعد منابر المساجد إحدى اهم التوعية للناس التي يستخدمها الحوثيين لصالحهم بشكل كلي وخاصة في الخطاب الطائفي الذي يعمل على تفكيك المجتمع، ولا يكترثون لغالبية المصلون الذين لا يؤيدون أفكارهم وغالبيتهم ليسوا من ضمن مذهبهم الديني، في حين يتعاملون وكأن جميع الناس من أنصارهم بينما الواقع عكس ذلك، غير ان سيطرتهم بقوة السلاح جعلت منهم أمر واقع على الناس.
 
وقال سكان العاصمة في عدد من الأحياء "أن أئمة المساجد التابعون للحوثيين يخصصون خطبهم كل أسبوع على التعليق على الأحداث العسكرية والسياسية في مختلف المحافظات اليمنية، بالإضافة إلى المناسبات الدينية الخاصة بالحوثيين ومذهبهم المختلف على الناس". 
 
أضاف السكان في حديث لـ"يمن شباب نت" إن خطبة الجمعة الماضية كانت تنادي المواطنين للقتال مع الحوثيين ودعوتهم للقتال ضمن ما أسموها توجيهات من زعيمهم عبد الملك الحوثي الذي دعا للنفير والقتال. في عملية تحشيد جديدة إلى محافظة الحديدة بعد خسارة مقاتلين خلال المعارك مع القوات الحكومية.
 
نفور المصلين واستياء السكان

ورغم أن الجمعة هي مناسبة دينية تجمع الناس لسماع وعظ ديني ملتزم يهتم بتفاصيل حياتهم ورفع روحانيتهم، لكن ذلك لا يحدث لدى خطباء الحوثيين في صنعاء، وهو ما جعل كثير من المصلون يعزفون عن الحضور إلى المساجد مبكراً ويكتفون بالوصول إلى المسجد قبل بدء انتهاء الخطبة لصلاة ركعتي الجمعة فقط، وتجنب الاستماع للوعظ الحوثي المكرر.
 
"أحمد عبد الكريم" (30عام) يسكن في أحد أحياء صنعاء لم يحضر خطبة الجمعة منذ فرض خطيب حوثي على مسجد في حارته، يرى "أن خطبة الجمعة تحولت إلى كلام فارغ، ولا يوجد مضمون مفيد والذي من المفترض ان نسمعه ونستفيد".
 
وقال في حديث مع "يمن شباب نت" خطاب الحوثيين منفر ويحرض على الكراهية بشكل معلن في خطاب مستهلك وكأننا نشاهد قنواتهم التلفزيونية، لم يكتفون بإيصال الحرب إلى كل مكان وزادوا سيطروا على المساجد بالقوة لفرض أفكارهم على الناس الذين سئمو كل الكذب الذي يسمعوه.
 
لم يقتصر النفور من خطباء الحوثيين عند المصلون فقط، حتى النساء في المنازل أصبح الخطاب الحوثي يستفزهن بشكل أسبوعي، وذلك بسبب التكرار الممل لتلك الأفكار المستهلكة للحوثيين في ترويج لانتصاراتهم ودعوة الناس للقتال، بالإضافة إلى فرض الشعارات الطائفية في ترديد الصرخة عقب الصلاة من قبل أنصارهم في مناطق غالبية المصلون ليسوا من أنصارهم.
 
كيف سيطر الحوثيون على المساجد؟

ومنذ انقلابهم على الدولة وحروبهم ضد فئات مختلفة من اليمنيين بدء من "دماج" في صعدة ضد السلفيين ومروراً بمحافظة عمران وصولا إلى صنعاء، عمد الحوثيون على استهداف المساجد بشكل منهجي إما بالتفجير أو اختطاف الأئمة والخطباء او تغييرهم بوعاظ من أنصارهم كما فعلت في مساجد العاصمة صنعاء إلى حد الآن.
 
وسبق ان فرض الحوثيون خطباء بالقوة على عدد من المساجد مما أثار غصب واستنكار المصلون الذين ما بين الحين والآخر يعبرون عن غضبهم من خلال الامتناع عن حضور خطب الجمعة، وأيضاً محاولات متكررة في طرد الخطباء الحوثيين من منابر المساجد والخروج منها بشكل جماعي.
 
ورصد تقرير حكومي انتهاك الحوثيين لحرمة نحو 750 مسجدا، واختطفوا 150 من الأئمة والخطباء، وتوزعت الانتهاكات بين التفجير الكلي والقصف بالسلاح الثقيل ونهب المحتويات، ووثق التقرير ما ارتكبه الحوثيون منذ حربهم على منطقة دماج بصعدة عام 2013، وحتى نهاية عام 2016، وكان لأمانة العاصمة النصيب الأكبر منها بواقع 282 مسجدا، تليها محافظة صعدة بواقع 115 مسجدا.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر