الإندبندنت: الخطر المختبئ في اليمن وصراع طويل الأمد في الانتظار لتنظيف البلد من الألغام

كان الضابط اليمني يشعر بالارتياح لأنه كان على بعد أمتار قليلة فقط من مطار عدن ، عندما اهتزت الأرض تحته فجأة واندفعت به عالياً في الهواء.
 
وقال علي صلاح (55 عاما) إن فريقه نزع بالفعل أكثر من 580 لغما ومتفجرات من المطار الذي كان فيما مضى ساحة معركة بين حكومة اليمن المعترف بها والتحالف الخليجي تدعمهم من جهة وجماعة الحوثيين المتمردة من جهة أخرى.
 
وكان لا يزال لدى فريق إزالة الألغام مهمة أخيرة للعمل عليها قبل أن يتم اعتبار الهيكل الخارجي للمبنى أمناً في نهاية المطاف ولكن صلاح داس على شيء ما .

وعندما تحرك ونظر حوله، كانت ساقه اليمنى قد اختفت وبعد شهر واحد، سيعاني ابنه كامل ذو ال 20 عاما، من مصير مماثل لينتهي به المطاف في نفس المستشفى حيث كان السائق البالغ من العمر 20 عاما يقوم بنقل فريق لإزالة الألغام حول المدينة الساحلية الجنوبية عندما مزق سيارته لغم مضاد للدبابات على طول الطريق.

وقال صلاح لصحيفة "الإندبندنت": "لقد كنا نقوم بوظائفنا لكن ذلك كلفنا ساقينا" بينما كان يستخدم أطرافه الصناعية داخل أحد المراكز القليلة في عدن التي تحاول أن تزود مبتوري الأطراف بأطراف صناعية.

ومن خلفه يلعب طفلان مصابان ينتظران العلاج معاً أفضل ما في وسعهما حيث أحدهم يدعى عماد يبلغ من العمر 14 عاماً ، فقد ساقيه أثناء هجوم بقذائف الهاون خارج منزله.
 
أصيب صلاح منذ ثلاث سنوات، لكن رفقائه لا يزالون يحفرون عن ألغام من مناطق حول عدن.
وأضاف "هذه واحدة من أصعب مشاكل اليمن حالياً حيث سيستغرق الأمر وقتًا طويلاً للتجهيز والفرز ".
 
ويعتبر تهديد الألغام والعبوات المتفجرة المرتجلة (IEDs) والمتفجرات من مخلفات الحرب، التي خلفها القتال، تهديداً لا يوصف يواجهه المدنيين في اليمن.
 
وفي الأسبوع الحالي قالت المملكة العربية السعودية إن الحوثيين زرعوا مليون لغم أرضي وعبوات ناسفة في أرجاء اليمن منذ اندلاع الحرب في عام 2015.
 
أما على الجانب الآخر من البلاد فقال مسؤولون حكوميون يمنيون إنهم عثروا على نصف مليون من مخلفات الحرب التي ترك معظمها تنظيم القاعدة.
 
ولا توجد هنالك طريقة للتحقق بشكل مستقل من هذه الأرقام حيث تفتقر فرق المراقبة الدولية إلى القدرة على الوصول كما أن هنالك أيضا مسألة أخرى تتعلق بتعريف ما هيه الألغام كونها التسمية التي تطلقها فرق إزالة الألغام في اليمن باستمرار على كل شيء من العبوة ناسفة إلى القذيفة هاون.
 
لكن مسؤولين في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، الذي يدعم المشاريع المحلية على الأرض، قالوا إن المشاكل التي تسببها الأنظمة المتفجرة المنتشرة في اليمن قد تستغرق "عقوداً" لإصلاحها.
 
وفي أقصى شرق البلاد تخوض القوات اليمنية المدعومة من قوات التحالف معركة مع تنظيم القاعدة، والتي كانت تسيطر حتى وقت قريب على مساحة تمتد 700 كلم على طول الساحل الجنوبي لليمن.
 
وقد تناولت تقارير إعلامية الكثير بخصوص التأثير المباشر للقتال الدائر غير أن القليل منها من يتحدث حول الآثار المدمرة لتلك الأسلحة التي خلفها .
 
ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قام المركز اليمني التنفيذي لمكافحة الألغام خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام بإزالة ما يقرب من 140 ألف من المخلفات الحربية المتفجرة فوق مساحة 5 ملايين متر مربع وهي عملية كلفت 2.4 مليون دولار.
وبين عامي 2016 و 2017، قال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن مركز العمل قام بنزع أكثر من 510 الفاً من المتفجرات الناجمة عن الحرب في تسع محافظات على الأقل.
 
وقال أحد مسئولي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: "إن مركز الإجراءات المتعلقة بالألغام قد أذهله الوضع الحالي كلياً، وليس هناك من موارد كافية للتعامل مع ذلك ".

وأضاف "المستويات الحالية من التلوث بمخلفات الأسلحة ستحتاج إلى عدة سنوات وستكون هناك مخاطر مستمرة لفترة طويلة بعد ذلك. نحن بحاجة إلى الحصول على فرق استطلاع على الأرض - حتى لو كان بإمكانهم إطلاق أن يقلبوا الأرض ليقولوا أنها آمنة."
 
وقالت منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش) في تقريرها الأخير، إنه "منذ عام 2015، يبدو بأن الألغام والأجهزة المتفجرة قد قتلت وشوهت "مئات المدنيين". وحثت المجموعة الحقوقية مرارًا الحوثيين وحلفائهم على التوقف عن استخدام الأسلحة العشوائية والمحظورة والالتزام بمعاهدة حظر الألغام التي صادقت عليها اليمن في عام 1998".
 
وحالياً يحذر مسئولو هيومن رايتس ووتش، من أن التأثيرات غير المباشرة للألغام ستؤثر على عدد أكبر من السكان.
 
وقالت كريستين بيكر باحثة لدى هيومن رايتس ووتش في اليمن والإمارات العربية المتحدة، لصحيفة اندبندنت "نحن أمام أشخاص بعد عامين من انتهاء القتال في مناطقهم ولا يزالون غير قادرين علئ العودة إلى ديارهم، لأنه قيل لهم أنها ملغومة. وبالتالي فإن سبل عيشهم قد دمرت". .
 
وأضافت: "لا يستطيع العاملون في مجال المساعدات الإنسانية الوصول إلى المناطق التي يعتقد أن الألغام أو العبوات الناسفة محصورة فيها مما يعرقل الاستجابة الإنسانية".
 
وغالبًا ما يجري تلغيم الأراضي الزراعية وحشوها بالمتفجرات أيضًا، مما يعني عدم قدرة الناس على تدبر قوت يومهم.
 
وقالت كريستين "هناك آثار ثانوية وثلاثية مدمرة للغاية".
 
على الجانب الآخر من البلاد وبالقرب من مدينة المكلا، التي كانت بين أبريل / نيسان 2015 وأبريل / نيسان 2016 معقلاً للقاعدة، تتعلم مجموعة من المتدربين الجدد كيفية التعرف على الألغام والعبوات البدائية الصنع بمجموعة أدوات بدائية، ويدعم عملهم الخطر والحيوي مجموعة من الممولين هم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والصليب الأحمر والإمارات العربية المتحدة.
ويعد الوصول إلى المجموعة المناسبة واحدة من المشاكل الرئيسية التي يواجهونها، وفقاً لمدير مركز التدريب الذي تم حجب اسمه لأسباب أمنية.
 
وقد تحدث رئيس المركز لصحيفة "الإندبندنت"بالقول "عندما غادرت القاعدة أخذوا جميع معدات إزالة الألغام والتخلص من القنابل معهم مما جعل مهمتنا أكثر صعوبة."
 
وأضاف أثناء ما كان يتعامل مع مجموعة عبوات ناسفة محلية الصنع "كان المسلحون والحوثيون يصنعون أجهزتهم الخاصة مثل هذه التي تعمل على جعل الضحية محفز الانفجار كالموجودة هنا مثلا ".. مضيفاً، أثناء ما كان يتعامل مع مجموعة من العبوات الناسفة محلية الصنع والأحزمة الانتحارية المليئة بالمسامير ومحامل الكريات المصممة لتشويه الضحية .
 
وقال "وضعوها على الطريق السريع الرئيسي حيث وجدنا 50 على الشاطئ كما وضعوها في المنازل. البعض حساس جدا وحتى الدجاجة يمكن أن تثيره."
 
ومن خلفه، كان هناك حوالي 12 شاباً يرتدون زياً عسكرياً ومعدات واقية يختتمون دورة تدريبية لمدة شهرين قبل الذهاب إلى الميدان حيث يزحف البعض على ركبهم على طول مسار الهجوم استعداد للبحث عن علامات تنبيهية من المتفجرات المدفونة.
 
وقال المتدربون إنه على الرغم من خوفهم من الألغام إلا أن التحدي الأصعب بالنسبة لهم هو تفادي هجمات السيارات المفخخة والهجمات الانتحارية من المسلحين المحاصرين.
 
في الوقت الحالي تركز الفرق في الغالب على تطهير المناطق الواقعة شمالي المكلا حيث واجهت القاعدة في التلال.
 
وقال صلاح البالغ من العمر 30 عاما وهو أب لطفلين وموظف جديد "توفي ستة من أصدقائي جراء الألغام حتى الآن".
 
وأضاف "إنه عمل مخيف ولكن بالنسبة إلينا فإن أكثر الأشياء خطورة هي السيارات المفخخة التي نواجهها في الطريق إلى العمل".
 
أما مدربه أحمد ذو ال 43 عاما،ً فهو خبير في إزالة الألغام من عدن و يعمل في هذا المجال منذ أن كان عمره 16 عاما فقط وقد قال، إنه وعلى مر السنين قُتل أكثر من 40 من أصدقائه جراء عمليات نزع ألغام.
 
وعلى الرغم من عقود من الخبرة ، قال إن مشكلة الألغام لم تكن سيئة على الإطلاق.
 
وقال "حالياً نعيش أسوأ أيام الألغام. إنه أسوأ ألف مرة عما كان عليه الحال في أي وقت مضى لأننا في هذا الجزء من اليمن نتعامل مع مسلحين يضعونها عشوائياً ".

المصدر الأصلي: الخطر المختبئ في اليمن وصراع طويل الأمد في الانتظار لتنظيف البلد من الألغام

 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر