"الزربادي" لعبة شعبية وتراثية بإيقاعات فنية يحتفظ بها أبناء حضرموت (تقرير خاص)

[ راقصوان في لعبة "الزربادي" بمحافظة حضرموت (شرق اليمن) - يمن شباب نت ]

تعتبر "لعبة الزربادي" من أقدم وأشهر الفنون الشعبية، التي تشتهر بها محافظة حضرموت "شرقي اليمن"، ولا يزال الناس متمسكين ومحافظين عليها خوفاً من الاندثار.
 
"ولعبة الزربادي"، من أجمل الألعاب والرقصات الشعبية التراثية، التي تتميز بأصواتها وإيقاعاتها وزفنيها، فهي عبارة عن موروث شعبي له تاريخ عريق، ومرتبط بالتراث الحضرمي الأصيل، ولها إقبال كبير في أوساط المجتمع الحضرمي، من كل شرائح المجتمع.
 
وتزدهر لعبة الزربادي في المناسبات العامة والخاصة، كالأعياد والزواجات والرحلات، فهي لها وقع خاص في نفوس محبيها وعشاقها، لما يرون فيها من إبداع كبير، ودقة في أصواتها ورقصاتها التي يتمايلون على أنغامها.
 
لم يعرف تاريخ نشأة اللعبة، لكن تتحدث معظم الروايات، بأن لها تاريخ قديم جداً، لم يحدد زمن ظهوره، ويرجع لما قبل أكثر من مائتي عام.
 
الحفاظ على تاريخ اللعبة

قال رئيس "نادي عشاق الزربادي" خالد بامصري بمدينة تريم "نحن في النادي حملنا على عاتقنا مهمة كبيرة وعظمى منذ تأسيسه، في الحفاظ على التراث الحضرمي، وتعريف الأجيال بأهمية هذه اللعبة، وذلك عبر مجموعة من الأهداف التي تصب في هذا الإطار".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت" بأننا نقوم في النادي بتدريب الشباب الراغبين في تعلم "لعبة الزربادي"، وذلك بإقامة الجلسات والسمرات مشيراً "أن هناك عدة أصوات اندثرت، فقمنا من أجل إظهارها مرة أخرى للواقع، بتعليم هذه الأصوات للأجيال، ومن أجل اظهارها لعشاق هذا التراث".
 
ولفت با مصري "أن اللعبة مناسبة لكل زمان ومكان، وهي خاصة بمحافظة حضرموت ساحلاً ووادياً، لكن اشتهرت أكثر في السنوات الأخيرة في وادي حضرموت".
وأوضح "أن جميع الفئات العمرية، ومن كل شرائح المجتمع، يعشق هذه اللعبة، فهي مقبولة لدى كبار السن والصغار والشباب والشيوخ، باختلاف بعض الألعاب الشعبية الأخرى، المقتصرة على فئات عمرية محددة".
 
مكونات اللعبة
 
أن لعبة "الزربادي" لها عدة خصائص متكاملة بها، حيث تتكون من أربعة إيقاعات، وهي "الهاجر" ومهمته إدارة شؤون العدة، "والمرفع" الذي يقوم بترتيب أمور العدة، بالإضافة إلى "اثنين من المراويس"، وأيضاً توجد بها آلة المدروف الشعبي، وهي آلة نفخية، وطبعاً هذه الايقاعات والمدروف مرتبطة مع بعض، فكل ايقاع له عمل يختلف ويكمل للآخر، بحيث ينتج عنها أصوات هذه اللعبة.
 
وقال بامصري " أن هناك شخص من هؤلاء يقوم بمهمة الغناء، ومن مميزاته بأن يكون صاحب ذوق فني عالي، وحافظة بديهية، لأن هذا اللون يكون ارتجالي ليس فيه تحضير مسبق، وتغنّى فيه القصائد والموشحات، التي تتميز بالكلمة ذات المعنى القوي، عن غيرها من الأغاني الخفيفة".
 
طرق اللعبة وأصواتها

ويقول الزفان (الراقص) محمد باجري "بأن الزفين يقوم في الغالب بالأداء "شخصين أو ثلاثة" من "الزفانة"، ولا بد أن يكون بينهم انسجام تام، في ساحة السمر أو ما يسمى بـ"المداره"، بحيث يجذب انتباه المشاهد، بالإضافة أن تكون لديهم خبرة كافية بالأصوات والكسرات، بحيث يقدمون لوحة فنية جمالية خاصة بـ"لعبة الزربادي". 
 
وأضاف في حديث لـ "يمن شباب نت" أن هناك عدة أصوات وطرق تتميز بها "لعبة الزربادي" عن غيرها من الألعاب الشعبية الأخرى، فمثلاً صوت "المدخل والمخرج والموزعي والحجري والعواني".
 
لكل صوت "زفين" (أي راقص) خاص يتميز به صوته عن الآخر، فـ"صوت المدخل" له طريقة معينة، ويكون "الزفين" فيه نوعاً ما ثقيل، ويوقف "الزفانة" في البداية أمام الفرقة، وحينما يبدأ "الفنان" بصدح صوته بـ"الغناء"، يتحرك "الزفانة" إلى جهة الخلف ويكون "الزفانة" مقابل الفرقة.
 
وبعدها يتقدم "الزفانة" للأمام بطريقة "شبه عسكرية"، وذلك بخطوات محسوبة ومضبوطة، بزمن ايقاع صوت المدخل، وهي خطوتين بثلاث خطوات، والدوران عند نهاية الفنان للغناء أو البيت الشعري، تكون هناك قفزة من "الزفانة".
 
وتكون بإشارة من صاحب الهاجر، وتسمى بـ"الكسره"، وبعدها يتقدم "الزفانة" للأمام، وتأتي الخطوة الأخيرة يتراجع فيها "الزفانة" إلى جهة الخلف من نص المداره، وهكذا يكون صوت المدخل، وتتكرر الكسرة ثلاث مرات في كل صوت.
 
وأشار "الزفان" باجري "أن صوت المخرج يختلف تماماً عن صوت المدخل من حيث الكسرات وطريقة "الزفين" فيكون خفيف، فتكون بدايته بوقوف "الزفانة" أمام الفرقة ومن ثم التحرك للخلف وبعدها الدوران".
 
وتابع "وبعد انتهاء الفنان من "الغناء" تكون الكسرة بالرجوع للخلف من نصف المداره، ثم القفزة للأعلى من "الزفانة"، وبعدها تأتي الكسرة للأرض "بمعني نزول الزفانة للأرض"، ثم قفزة للأعلى مرة أخرى، وتأتي بعدها أربع كسرات للأرض "بمعني نزول الزفانة للأرض"، وبعدها يتقدم "الزفانة" للأمام عند الفرقة، والنزول لنصف المداره، والعودة للأمام، وفي الأخير يعود "الزفانة" مثلما كانوا عليه، وله ثلاث كسرات مثل المدخل".
 
 
عمل آلة المدروف

"المدروف" عبارة عن آلة أساسية من مكونات "الزربادي" ويُعتمد بشكل كبير عليه في اللعبة، بل يعتبر النواه التي تُبنى عليها الرقصة، بالإضافة إن "للمدروف" مهمة أخرى، وهي تسليم "الفنان" لحن الأغنية، وتغطية الفراغ الزمني للكسرة، والتي بها يكون "الفنان" قد انتهى من البيت الشعري للأغنية.
 
ويقول عبيد باني ـ "عازف مدروف في لعبة الزربادي" إن لكل عازف مدروف "مدرّف" طريقته الخاصة في العزف، وفي "لعبة الزربادي" بالأخص، هناك بداية تسمى "تسيورة"، وتعتبر تمهيداً وتهيئة للدخول في الصوت وعزف الأغنية، وكذلك الحال بعد نهاية الصوت، هنالك نغمة خاصة وهي دليل الختام للصوت، ولها نكهة خاصة تعطي للعمل رونقاً وجمالاً.
 
وتُعد "لعبة الزربادي"، من أشهر الألعاب والفنون الحضرمية التاريخية، التي ستضل عامل جذبٍ للكثيرين من عشاقها الحضارم.


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر