"أسوشيتد برس" تكشف كيف تبرم الإمارات الصفقات مع مقاتلي تنظيم القاعدة ليرحلو؟ (ترجمة خاصة)

[ مقاتلين المدعومين من التحالف في "ميناء المخا" المطل على البحر الأحمر في 11 يناير 2017 (ِAP) ]

كشف تحقيق مطول لوكالة "أسوشيتد برس" اليوم الاثنين، عن إبرام التحالف العربي اتفاقات سرية مع تنظيم القاعدة في اليمن، وسرد التحقيق سلسلة من القصص الميدانية التي حصل عليها من مسؤولين حكوميين وقبليين وعسكريين.
 
وقالت التحقيق الذي ترجم "يمن شباب نت" نصة كاملا " ان الإمارات دفعت الأموال لتنظيم القاعدة مقابل خروجه وعناصره من محافظتي حضرموت وشبوة (شرق اليمن) وتطرقت الوكالة إلى الدور الأمريكي في "الصفقة"، فقالت إنها "تمت بعلمها وقد أمّنت القوات الأمريكية انسحاب مسلحين من التنظيم بما استولوا عليه من الأسلحة".
 
وذكرت الوكالة "نه في أوائل عام 2016، "انسحبت القاعدة من مدينة المكلا الساحلية الجنوبية وسبع مناطق في محافظة أبين المجاورة، بموجب صفقات تم التوصل إليها مع الإمارات".
 
ولفتت إلى أن تلك الصفقات تضمنت كذلك "ضم 10 آلاف من رجال القبائل المحليين، بما في ذلك 250 من مقاتلي القاعدة إلى الحزام الأمني، القوات المدعومة من الإمارات" بحسب أحد مفاوضي القاعدة وقياديون في الحزام الأمني.
 
وقالت الوكالة إنها استندت في تقريرها إلى "تقارير في اليمن ومقابلات مع أكثر من 20 مسؤولا، بينهم ضباط أمن يمنيون وقادة جماعات ووسطاء قبليون وأربعة أعضاء في القاعدة".
 
يمن شباب نت يعيد نشر نص التحقيق كاملاً لأهميته
 
مرارا وتكرارا وعلى مدى العامين الماضيين، ادعى التحالف العسكري بقيادة المملكة العربية السعودية وبدعم من الولايات المتحدة أن حقق انتصارات حاسمة ادت لطرد مقاتلي القاعدة من معاقلهم في جميع أنحاء اليمن وقضت على قدرتها على مهاجمة الغرب.
 
إليكم ما لم يكشفه المنتصرون حيث حدثت العديد من انتصاراتهم دون إطلاق رصاصة واحدة.
 ذاك بسبب قيام التحالف بإبرام صفقات سرية مع مقاتلي القاعدة ودفع بعض المال لترك المدن والبلدات الرئيسية وترك الآخرين ينسحبون بأسلحة ومعدات عسكرية والكثير من الأموال المنهوبة، حسبما توصل إليه تحقيق أجرته وكالة أسوشيتد برس. كما تم تجنيد مئات آخرين للانضمام إلى التحالف نفسه.
 
هذه التنازلات والتحالفات أتاحت لمقاتلي القاعدة البقاء على قيد الحياة للقتال لأيام آخري –وتخاطر بتقوية أخطر فرع من شبكة الإرهاب التي نفذت هجمات 11 سبتمبر حيث قال مشاركون بارزون في تلك الاتفاقيات إن الولايات المتحدة كانت على علم بالترتيبات وعلقت أي هجمات بطائرات بدون طيار.
 
وتعكس الصفقات التي كشفتها وكالة اسوشييتد برس المصالح المتناقضة للحربين اللتان يجري شنهما في ان واحد في تلك الزاوية الجنوبية الغربية من شبه الجزيرة العربية.
 
اذ انه وفي أحد النزاعات، تعمل الولايات المتحدة مع حلفائها العرب - وخاصة الإمارات العربية المتحدة - بهدف القضاء على فرع المتطرفين المعروف باسم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أو القاعدة في شبه الجزيرة العربية. لكن المهمة الأكبر هي كسب الحرب الأهلية ضد الحوثيين المتمردين الشيعة المدعومين من إيران. وفي تلك المعركة، فإن مقاتلي القاعدة هم في الواقع على نفس الجانب الذي يقوده التحالف الذي تقوده السعودية وبالتالي الولايات المتحدة.
 
مايكل هورتون زميل في مؤسسة جيمستاون، وهي مجموعة تحليلات أمريكية تتعقب الإرهاب قال "إن عناصر الجيش الأمريكي يدركون بوضوح أن الكثير مما تفعله الولايات المتحدة في اليمن هو مساعدة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وهناك قلق كبير حيال ذلك".
 
وقال هورتون: "مع ذلك، فإن دعم الإمارات والمملكة العربية السعودية ضد ما تعتبره الولايات المتحدة توسعًا إيرانيًا يحظى بالأولوية على محاربة القاعدة في شبه الجزيرة العربية وحتى تحقيق الاستقرار في اليمن".
 
وتستند نتائج وكالة الأسوشييتد برس إلى تقارير في اليمن ومقابلات مع عشرين من المسؤولين، بمن فيهم ضباط امن يمنيين وقادة ميليشيات ووسطاء قبليين وأربعة من أعضاء فرع القاعدة حيث تحدثت جميع هذه المصادر باستثناء عدد قليل منها بشرط عدم الكشف عن هويتها خوفا من الانتقام واتهمت الفصائل المدعومة من الإمارات العربية المتحدة مثل معظم الجماعات المسلحة في اليمن، باختطاف أو قتل منتقديها.
 
ووفقا لاسوشيتد برس فان الميليشيات المدعومة من التحالف تقوم بتجنيد مسلحي القاعدة او أولئك الذين كانوا أعضاء في الآونة الأخيرة، لأنهم يعتبرون مقاتلين استثنائيين.
 
وتتكون قوات التحالف من مزيج مذهل من الميليشيات والفصائل وأمراء الحرب القبليين والقبائل ذات المصالح المحلية بالإضافة الي ان اعضاء منتمون لتنظيم القاعدة يختلطون مع العديد منهم.
 
أحد القادة اليمنيين ممن جرى وضعهم على قائمة الإرهاب الأمريكية لعلاقاتهم بالقاعدة في العام الماضي لا يزال يتلقى أموالاً من الإمارات العربية المتحدة لإدارة ميليشياته، حسبما قال مساعده الخاص لوكالة أسوشييتد برس.
 
اما بالنسبة لقيادي آخر فقد منح مؤخرا 12 مليون دولار لقوته المقاتلة من قبل الرئيس اليمني، فلديه شخصية معروفة في تنظيم القاعدة يعمل كأقرب مساعديه حتى انه في إحدى الحالات، قام وسيط قبلي توسط في صفقة بين الإماراتيين والقاعدة بمنح المتطرفين عشاء وداع.
 
وقال هورتون إن الكثير من الحرب على تنظيم القاعدة من قبل الإمارات والميليشيات المتحالفة معها هي "مهزلة".

وقال "أصبح من المستحيل تقريبا تمييز من ينتمي بالفعل لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومن لا ينتمي اليها منذ أن ابرمت الكثير من الصفقات والتحالفات".
 
لقد أرسلت الولايات المتحدة مليارات الدولارات على شكل أسلحة إلى التحالف لمحاربة الحوثيين المدعومين من إيران. كما يقدم المستشارون الأمريكيون للتحالف معلومات استخباراتية تستخدم في استهداف خصوم على الأرض في اليمن كما تقوم الطائرات الأمريكية بتزويد الطائرات الحربية التابعة للتحالف بالوقود جوا. ومع ذلك لا تمول الولايات المتحدة التحالف ولا يوجد دليل على أن الأموال الأمريكية ذهبت إلى متشددي القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

وتدرك الولايات المتحدة وجود تنظيم القاعدة بين صفوف المناهضين للحوثيين حيث كان هذا هو ما قاله مسؤول أميركي كبير للصحفيين في القاهرة في وقت سابق من هذا العام. ولأن أعضاء التحالف يدعمون ميليشيات بقادة إسلاميين متشددين "فإن من السهل جداً على القاعدة أن تتسرب إلى ذلك المزيج "، وفقا لما قاله المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بموجب شروط الإحاطة.
 
وفي الآونة الأخيرة نفى البنتاغون بشدة أي تواطؤ مع مقاتلي القاعدة.
 
 حيث كتب قائد البحرية والمتحدث باسم البنتاغون سين ربنسون في رسالة بريدية بعثها لوكالة الاسوشيتد برس "منذ بداية عام 2017، نفذنا أكثر من 140 ضربة لاجتثاث قادة القاعدة في القاعدة في جزيرة العرب وتعطيل قدرتها على استخدام فضاءات غير خاضعة للحكم للتجنيد والتدريب وتخطيط عمليات ضد الولايات المتحدة وشركائنا في جميع أنحاء المنطقة".
 
وعلق مسؤول سعودي كبير بالقول إن التحالف الذي تقوده السعودية "يواصل التزامه بمكافحة التطرف والإرهاب".
 
ولم يرد متحدث باسم الحكومة الإماراتية على أسئلة من وكالة الأسوشييتد برس.
 
 وبدأ التحالف القتال في اليمن في عام 2015 بعد اجتياح الحوثيين للشمال بما في ذلك العاصمة صنعاء حيث إن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية عازمتان على إيقاف ما يعتبرانه تحركاً من عدوهم إيران للسيطرة على اليمن وهدفهم المعلن هو استعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً.
 
 اما القاعدة فتستغل حالة الفوضى لصالحها.
 
وقالت كاثرين زيمرمان زميلة ابحاث بمعهد امريكان انتربرايز "من المؤكد ان الولايات المتحدة في مأزق في اليمن" واضافت "من غير المنطقي أن تكون الولايات المتحدة قد حددت القاعدة باعتبارها تهديدا لكن لدينا مصالح مشتركة داخل اليمن وفي بعض الأماكن، يبدو وكأننا نسعى الى سلوك المسار الآخر".
 
 في خضم هذا الصراع المعقد تقول القاعدة إن أعدادها - التي قدرها المسؤولون الأمريكيون ما بين 6 آلاف و8000 عضو - آخذة في الارتفاع.
 قال قيادي في القاعدة يساعد في تنظيم عمليات الانتشار لوكالة اسوشيتد برس "إن الخطوط الأمامية ضد الحوثيين توفر أرضاً خصبة لتجنيد أعضاء جدد". مما يعني إذا أرسلنا 20 نعود مع 100 عضو جديد.
 
 ويتواصل القائد المعروف مع الوكالة عبر تطبيق مراسلة آمن شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه لم يحصل على إذن من الجماعة للتحدث إلى وسائل الإعلام.

وكالة أسوشيتد برس هذه القصة بمساعدة من منحة من مركز بوليتزر حول الإبلاغ عن الأزمات.

مأدبة عشاء وداع للقاعدة

في فبراير/ شباط قامت القوات الإماراتية وحلفاؤها من الميليشيات اليمنية بإبراز مظاهر النصر على كاميرات التلفزيون حيث أعلنوا الاستيلاء على منطقة السعيد وهي احدى قرى تقع على طريق محافظة شبوة الجبلية وهي منطقة هيمنت عليها القاعدة إلى حد كبير لما يقرب من ثلاث سنوات.
 
وقد تم تصوير ذلك باعتباره نصرا مؤزرا في عملية "السيف الخاطف" الهجومية التي استمرت لأشهر والتي أعلن السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، وقال بأنها "ستعطل شبكة التنظيم الإرهابي وتضعف قدرته على شن هجمات مستقبلية".
 
وقد كررت وزارة الدفاع الأمريكية، التي ساعدت بعدد قليل من القوات، ذلك الوعد، قائلة بإن المهمة ستضعف قدرة الجماعة على استخدام اليمن كقاعدة لها.
 
ولكن قبل أسابيع من دخول تلك القوات خرج سرب من الشاحنات الصغيرة محملة بمدافع آلية تعج بمسلحين من القاعدة ملثمين من منطقة السعيد من دون ان تتعرض للمضايقة، بحسب وسيط قبلي مشارك في الصفقة التي شهدت انسحابهم.
 
وقتلت الولايات المتحدة قادة تنظيم القاعدة البارزين في حملة لطائرات بدون طيار والتي تسارعت في السنوات الأخيرة. غير ان في ذلك الانتصار - كما جرى مع اخرى من تلك التي روج لها التحالف – فقد قال الوسيط إن الطائرات الأمريكية بدون طيار كانت غائبة على الرغم من الموكب كان كبير وواضح.
وبموجب شروط الصفقة وعد التحالف أعضاء القاعدة بأن يدفع لهم اموالا للمغادرة وفقاً لعواد الدهبول، مدير الأمن في المحافظة. والذي تم تأكيد روايته من قبل الوسيط ومسئولين حكوميين يمنيين.
 
وقال الدهبول "إن نحو 200 من أعضاء القاعدة تلقوا مبالغ مالية حيث لم يتعرف على المبالغ الدقيقة، لكنه قال إنه يعلم أن 100 ألف ريال سعودي (26 ألف دولار) قد تم دفعها لقيادي واحد في القاعدة - بحضور الإماراتيين".
 
 وبموجب الاتفاق، كان سيتم تجنيد الآلاف من المقاتلين القبليين المحليين ضمن ميليشيا فرقة النخبة الشبوانية التي تمولها الإمارات العربية المتحدة. وبمقابل كل ألف مقاتل سيصبح من 50 إلى 70 أعضاء في القاعدة حسب ما قاله قال الوسيط ومسؤولان.
 
 ونفى صالح بن فريد العولقي، وهو زعيم قبلي مؤيد للإمارات وكان مؤسس أحد فروع قوات النخبة، ابرام أية اتفاقات وقال إنه "يقوم مع غيره بأقناع أعضاء شبان في القاعدة في شبوة على الانشقاق، مما أضعف الجماعة واضطرها إلى الانسحاب من تلقاء نفسها" مضيفا بان حوالي 150 مقاتلاً ممن انشقوا عن القاعدة سمح لهم بالالتحاق بقوة النخبة ولكن بعد أن خضعوا لبرنامج "توبة".
 
عملية القضاء على القاعدة في محافظة شبوة وغيرها من المحافظات لم تتم بشكل كامل من دون قتال حيث اندلعت اشتباكات في بعض القرى وعادة ما كانت تجري مع بقايا القاعدة التي رفضت التلاعب بموقفها.
 
وقال أحد أعضاء القاعدة السابقين لـلوكالة بأنه رفض هو ورفاقه عرضاً من المال من الإماراتيين. وردًا على ذلك، قال إن فرقة من قوة النخبة حاصرتهم في بلدة الحوطة حتى انسحبوا.
 
وبشكل عام فإن الصفقات التي تمت خلال فترة كل من إدارتي أوباما وترامب قد ضمنت انسحاب متشددي القاعدة من العديد من المدن والمدن الكبرى التي استولت عليها المجموعة في عام 2015 حسب وكالة أسوشييتد برس اذ سمح أقرب اتفاق والذي جرى في ربيع عام 2016، للآلاف من مقاتلي القاعدة بالانسحاب من المكلا خامس أكبر مدينة في اليمن وتحتوي ميناء رئيسي على بحر العرب.
 
 وتم تامين طريق آمن للمقاتلين وسمح لهم بالاحتفاظ بالأسلحة واموال منهوبة من المدينة - تصل إلى 100 مليون دولار وفقا لبعض التقديرات – من خمسة مصادر بما في ذلك مسؤولين حكوميين عسكرين وأمنيين.
 
وقال زعيم قبلي بارز شاهد الموكب العسكري للقاعدة اثناء مغادرتها "الطائرات المقاتلة التابعة للتحالف والطائرات الامريكية بدون طيار لم تحرك ساكنا " مضيفاً "كنت أتساءل لماذا لم يضربهم".
 
وتنقل شيخ قبلي بين قادة تنظيم القاعدة في المكلا والمسؤولين الإماراتيين في عدن لإبرام الصفقة، بحسب قيادي يمني سابق رفيع المستوى.
 
وتحركت القوات المدعومة من التحالف بعد يومين معلنة أن المئات من المسلحين قُتلوا وتم علاج الأسرى "كجزء من الجهود الدولية المشتركة لهزيمة المنظمات الإرهابية في اليمن".
 
ولم يبلغ شهود عن مقتل متشددين وقال صحفي محلي تحدث إلى وكالة الأسوشييتد برس شريطة عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام: "استيقظنا في يوم من الأيام لنشهد اختفاء القاعدة دون قتال".
 
وبعد فترة وجيزة، تم التوصل إلى اتفاق آخر مع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية للانسحاب من ست مناطق في محافظة أبين، بما في ذلك عاصمتها زنجبار وفقا لخمسة من الوسطاء القبليين المشاركين في المفاوضات.
 
ومرة أخرى، تمثل البند المحوري في أن يوقف التحالف والطائرات بدون طيار الأمريكية كافة الضربات الجوية بالتزامن مع انسحاب تنظيم القاعدة بأسلحته حسبما قال الوسطاء.
 
وقال أربعة مسؤولين يمنيين إن الاتفاق تضمن أيضا بندا ينص على ضم 10الاف من رجال القبائل المحليين - بينهم 250 من مقاتلي القاعدة - إلى الحزام الأمني??، وهي القوة اليمنية المدعومة من الإمارات العربية المتحدة في المنطقة.
 
 ولمدة أسبوع تقريباً في مايو 2016، غادر المسلحون عبر الشاحنات حيث أخبر أحد الوسطاء وكالة أسوشيتد برس أنه أستضاف آخر ثلة من المقاتلين المغادرين في عشاء وداعً بين بساتين الزيتون والليمون عندما توقفوا في مزرعته ليعبروا له عن احترامهم.

وقال وسيط آخر هو طارق الفضلي، وهو جهادي سابق دربه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، إنه كان على اتصال بالمسؤولين في السفارة الأمريكية وفي التحالف الذي تقوده السعودية، وقد ابقاهم على اطلاع بالانسحاب.

وقال "عندما غادر اخر شخص، اتصلنا بالتحالف ليقولوا بانه تم طردهم".

"سوف نتحد مع الشيطان"
 
الاعتقاد بان تنظيم القاعدة كونه مجموعة إرهابية دولية يمثل غياب لإدراك وجهه الاخر. حيث بالنسبة للكثير من اليمنيين، ما هو الا فصيل اخر على الأرض نشط للغاية، ومسلح بشكل جيد ويتمتع بالحماية.
 
اما أعضاؤها فليسوا غرباء غامضين حيث على مر السنين، نسجت القاعدة في جزيرة العرب خيوط تواجدها من خلال بناء علاقات مع القبائل وشراء الولاءات والزواج من العائلات الكبرى. وغالباً ما يعتبر لاعبوا القوة ذلك كأداة مفيدة.
 
وكان سلف هادي الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، الرجل القوي في الحكم هو من وضع ذلك النموذج. اذ حصل على المليارات من المساعدات الأمريكية لمحاربة القاعدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر وحتى انه كان يجند مقاتليها لمحاربة خصومه.
 
وفي ضوء ذلك، سيكون الأمر أكثر غرابة إذا لم يتورط المتشددون ضد الحوثيين خاصة وأن متشددي القاعدة هم من السنة المتطرفين الذين يسعون إلى هزيمة المتمردين الشيعة.
 
 وقال خالد بطرفي أحد كبار قادة الجماعة في مقابلة سابقة لم تنشر في عام 2015 مع صحفي محلي حصلت عليها وكالة أسوشييتد برس إن مقاتلي القاعدة يتواجدون على جميع خطوط المواجهة الرئيسية التي تقاتل المتمردين.
 
 واضاف انه في الشهر الماضي وفي جلسة أسئلة وأجوبة اقامتها القاعدة إن "هؤلاء في الخطوط الأمامية يعرفون بالتأكيد مشاركتنا وهي إما ان تأتي على شكل القتال الفعلي مع إخواننا في اليمن أو دعمهم بالسلاح".
 
وقال إن القاعدة قللت من الهجمات ضد قوات هادي والقوات المرتبطة بالإمارات لأن مهاجمتها ستفيد الحوثيين.
ويتبع الفرع توجيهات من زعيم القاعدة في العالم أيمن الظواهري، تدعو للتركيز على محاربة المتمردين وفقا لما قاله عضو بارز في القاعدة في شبه الجزيرة العربية في إجابات مكتوبة إلى وكالة الأسوشييتد برس.
 
في بعض الأماكن، ينضم المقاتلون إلى المعارك بشكل مستقل. لكن في العديد من الحالات يقوم قادة الميليشيات من الطائفة السلفية المتشددة وجماعة الإخوان المسلمين بإحضارهم مباشرة إلى صفوفهم حيث يستفيدون من تمويل التحالف، حسب وكالة أسوشييتد برس. حيث ان فرع جماعة الإخوان في اليمن هو منظمة سياسية إسلامية متشددة قوية متحالفة مع هادي.
 
وقال عضو في تنظيم القاعدة إن اثنين من القادة الأربعة البارزين المدعومين من قوات التحالف على امتداد ساحل البحر الأحمر هم حلفاء لتنظيم القاعدة حيث حقق التحالف تقدمًا كبيرًا على الساحل، ويقاتل حاليًا للسيطرة على ميناء الحديدة.
 
 وأظهرت اللقطات المصورة التي التقطتها وكالة أسوشييتد بريس في يناير 2017 وحدة مدعومة من التحالف تتقدم في المخا، كجزء من حملة نجحت في نهاية المطاف في استعادة المدينة الواقعة على ساحل البحر الأحمر.
 
بعض مقاتلي الوحدات العسكرية كانوا ينتمون بشكل علني لتنظيم القاعدة ويرتدون الزي الأفغاني ويحملون أسلحة تحمل شعار التنظيم، وبينما كانوا يتسلقون وراء المدافع الرشاشة فوق المدرعات والمركبات العسكرية، يمكن رؤية انفجارات ناجمة عن غارات التحالف الجوية في الأفق.
 
وأجرى أحد أعضاء القاعدة في شبه الجزيرة العربية مقابلات شخصية مع وكالة أسوشييتد برس في السجن في مايو/ أيار وشاهد الفيديو وأكد أن المقاتلين ينتمون إلى مجموعته. ومن المعروف انتمائه من تورطه السابق في سيطرة القاعدة في شبه الجزيرة العربية على مدينة جنوبية.
 
إن تأثير تداخل مقاتلي القاعدة مع حملة التحالف يعد اوضح في تعز أكبر مدينة في اليمن ومسرح لواحدة من أطول المعارك الدائرة في الحرب.
 
 حيث في مناطق المرتفعات الوسطى، تقع تعز عاصمة اليمن الثقافية وهي مصدر تاريخي للشعراء والكتاب والتكنوقراط المتعلمين وقد حاصرها الحوثيون في عام 2015، واحتلوا السلاسل الجبلية المحيطة وأغلقوا المداخل وقصفوها بلا رحمة.

انتفض سكان تعز للقتال وتدفقت أموال وأسلحة التحالف - مثلما فعل المسلحون من تنظيم القاعدة والجماعة الإسلامية، وكلهم استهدفوا نفس العدو.
 
وحمل أحد النشطاء الليبراليين السلاح إلى جانب رجال آخرين من حيه للدفاع عن المدينة ووجدوا أنفسهم يقاتلون جنباً إلى جنب مع عناصر القاعدة.
 
وقال الناشط الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "لا توجد تصفية وفرز للمقاتلين في الحرب. كلنا معا". وقال إن القادة تسلموا أسلحة ومساعدات أخرى من التحالف ووزعوها على جميع المقاتلين بما في ذلك مقاتلي القاعدة.
 
وقال عبد الستار الشميري وهو مستشار سابق لمحافظ تعز إنه يعترف بوجود القاعدة منذ البداية وقد أخبر القادة بعدم تجنيد أعضاءها، وقال الشميري "كان ردهم هو "سنتحد مع الشيطان في مواجهة الحوثيين".
 
وقال إنه حذر مسؤولي التحالف الذين "كانوا منزعجين" لكنهم لم يتخذوا أي إجراء. مضيفاً "تعز في خطر" وأشار "سنتخلص من الحوثيين وسنكون عالقين مع الجماعات الإرهابية".
 
وقال ناشط ومسؤولون في المدينة إن أحد المجندين البارزين لمقاتلي القاعدة هو عدنان زريق، العضو السلفي الذي استغله هادي ليكون قائدًا عسكريًا كبيرًا.
 
وقد أصبحت ميليشياته سيئة السمعة بسبب عمليات الخطف وأعمال القتل في الشوارع حيث أظهر أحد مقاطع الفيديو على الإنترنت أعضاءها المقنعين وهم يطلقون النار على رجل راكع ومعصوب العينين وتتميز مقاطع الفيديو الخاصة بها بأناشيد وشعارات على غرار تنظيم القاعدة.
 
وكان أحد كبار مساعدي زريق من كبار أعضاء القاعدة الذين فروا من سجن في عدن في عام 2008 إلى جانب معتقلين آخرين في القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وفقاً لمسؤول أمني يمني اذ تظهر صور متعددة اطلعت عليها وكالة اسوشيتد برس الرجل برفقة قادة تنظيم القاعدة المعروفين في السنوات الأخيرة.
 
 وفي نوفمبر/ تشرين الثاني عيّنه هادي رئيسًا لغرفة عمليات تعز ليقوم بتنسيق الحملة العسكرية اضافة لتعيينه قائدا اعلى لقوة مقاتلة جديدة ضمن كتيبة الحماية الرئاسية الخامسة. كما منحته وزارة الدفاع في حكومة هادي 12 مليون دولار لشن هجوم جديد ضد الحوثيين. وحصلت وكالة اسوشييتد برس على نسخة استلام لمبلغ 12 مليون دولار حيث أكد أحد مساعديه هذا الرقم.
 
 اما بالنسبة له فقد نفى أي صلة له بالمتشددين، وقال "لا وجود للقاعدة في تعز".
 
وهناك أمير حرب آخر مدعوم من التحالف مدرج في القائمة الأمريكية للإرهابيين المطلوبين بسبب صلاته بتنظيم القاعدة.

وقد حصل أمير الحرب السلفي المعروف باسم الشيخ أبو العباس على ملايين الدولارات من التحالف لتوزيعها بين الفصائل المناهضة للحوثيين وفقاً لمساعده عادل العزي حيث وعلى الرغم من وضعه على القائمة الأمريكية في أكتوبر إلا أن الإمارات العربية المتحدة مستمرة في تمويله، حسبما قال العزي لـ لاسوشيتد برس.
 
ونفى المساعد أي صلة بالمسلحين ورفض تحديد رئيسه على قائمة الإرهاب الأمريكية. ومع ذلك اعترف بأن "القاعدة قد حاربت على جميع الخطوط الأمامية جنبا إلى جنب مع جميع الفصائل".
 
 ومباشرة بعد أن تحدث فريق الوكالة معه في تعز شاهد الفريق لقاء العزي بشخصية بارزة معروفة في القاعدة وقد عانقه بحرارة خارج منزل قائد سابق آخر في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
 
ويقود أبو العباس ميليشيا تمولها قوات التحالف تسيطر على عدة مناطق في تعز كما يظهر مقطع فيديو يعود لعام 2016 أنتجته القاعدة متشددين يرتدون الزي الأسود مع شعار القاعدة يقاتلون إلى جانب الميليشيات الأخرى في المناطق المعروف أنها تحت سيطرته.
 
 وقال مسؤول أمني سابق في تعز إن المقاتلين وقوات أبو العباس هاجموا مقر الأمن في عام 2017 وأطلقوا سراح عدد من المشتبه بهم من القاعدة قال الضابط إنه أبلغ التحالف بالهجوم ليعلم بعد ذلك بقليل بأنه أعطى أبو عباس 40 شاحنة صغيرة أخرى.
 
وقال الضابط: "كلما حذرنا، كلما تمت مكافأتهم أكثر". "لدى قادة القاعدة عربات مدرعة تعطى لهم من قبل التحالف في حين لا يملك قادة الأمن مثل هذه المركبات".


*لقراءة التحقيق من موقعه الأصلي إضغط هنا

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر