مجزرة الحديدة.. من المستفيد.. ولماذا؟ (تقرير خاص)

[ بقايا قذيفة هاون في مسرح الجريمة، عرضها التحالف كدليل على ارتكاب الحوثيون مجزرة الحديدة في 2 أغسطس 2018 ]

 
دار الكثير من الجدل حول المجزرة البشعة التي حدثت بالحديدة الخميس الماضي، 2 أغسطس/ آب، وسقط ضحيتها قرابة 55 قتيلا و 170 جريح من المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
 
وسارعت مليشيات الحوثي في توجيه أصابع الاتهام للتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، واتهمته بالوقوف وراء المجزرة التي استهدفت سوقا للأسماك قريب من بوابة مستشفى الثورة العام بالمدينة.
 
وضخت وسائل الإعلام التابعة للحوثيين وإيران كل ما من شأنه تعزيز تلك الاتهامات، في محاولة لإلصاق الجريمة بالتحالف، الذي بدوره سارع بالنفي وتوجيه التهمة إلى الحوثيين.
 
ونفى الناطق الرسمي باسم قوات التحالف، العقيد تركي المالكي، أن يكون التحالف قد أجرى أي عمليات عسكرية جوية في الحديدة في ذلك اليوم، في الوقت الذي أكد فيه امتلاك التحالف أدلة تثبت توط المليشيات الحوثية بتلك المجزرة، التي استخدمت فيها قذائف هاون.
 
وعرض المالكي، في المؤتمر الصحفي الذي عقده الجمعة بالرياض، صورا لقذائف الهاون، التي أكد إن الحوثيين أطلقوها على السوق من معسكر الأمن المركزي بالمدينة.
 
وعقب المجزرة، تداول ناشطون على نطاق واسع صورا وفيديوهات لآثار القصف وشظايا القذائف، استبعد خبراء عسكريون أن تكون ناجمة عن غارات جوية.
 
وليست هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها الحوثيون الصاق التهمة على التحالف العربي بارتكاب مثل هذه الجرائم. فقد سبق وأن زعموا أنه استهدف المدينة السكنية بالمخا، غرب تعز، يوليو 2015. وأتضح لاحقا أن المليشيات الحوثية هي ارتكبت المجزرة، التي خلفت قرابة 130 قتيلا و150 جريحا.
 

مناورات سياسية

 يرى الكاتب الصحفي محمد اللطيفي أن اتهام الحوثيون للتحالف بارتكاب مجزرة الحديدة الأخيرة، مجرد محاولة أخرى غير مجدية لإلصاق التهمة على التحالف، الذي لا يمكن الجزم بأنه من ارتكبها كونها وقعت في جغرافيا يتحكم بها الحوثيون، الذين يفرضون سيطرتهم العسكرية والإدارية على الحديدة منذ أربع سنوات تقريبا.
 
 
وأضاف لـ"يمن شباب نت" أن المؤشرات السياسية والعسكرية تشير إلى أن المليشيات الانقلابية هي المتهم الأول في ارتكاب تلك الجريمة. فتوقيت الحادثة وجغرافيا المكان والمستفيد من المجزرة، كلها تعزز ارتكاب الحوثيون لها.
 
وكانت مجزرة الحديدة وقعت قبيل ساعات من موعد انعقاد جلسة لمجلس الأمن الدولي، يقدم فيها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إحاطة بآخر جهوده لإحلال السلام في اليمن، بما في ذلك نتائج مساعيه الدؤوبة لعقد صفقة لإيقاف معركة تحرير التحرير.
 
وفي الجلسة، حدد غريفيث موعد ومكان جولة المشاورات القادمة بين الحكومة الشرعية والانقلابين الحوثيين، والتي ستكون في السادس من سبتمبر/أيلول المقبل في العاصمة السويسرية، جنيف، التي سبق وأن عقدت فيها جولتي مفاوضات برعاية الأمم المتحدة. لكنها لم تفضي إلى شيء ملموس.
 
واستبعد الصحفي اللطيفي ارتكاب التحالف لمجزرة الحديدة، كون مثل هذه الجريمة ستعيق جهوده في إقناع المجتمع الدولي، الذي هو بحاجة لأصوات مجلس الأمن، باتجاه تأييد عملياته العسكرية بالحديدة التي تهدف إلى تحريرها.
 
وتطرق اللطيفي إلى بعض المؤشرات السياسية، مثل اجتماع سفراء الدول الـ18 مع وزير الخارجية اليمني خالد اليماني، وتزامن ذلك مع إطلاق الحوثيون مبادرة من طرف واحد بوقف العمليات العسكرية في البحر الأحمر، وذلك قبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن الأخيرة، معتبرا ذلك التحرك الحوثي- الذي تم تجاهله- بمثابة المناورة.
 
وعليه، فقد خلص الصحفي اليمني إلى أن تلك المجزرة التي حدثت قبيل انعقاد مجلس الأمن بساعات، تعزز ارتكاب الحوثيون لها، خاصة وأن المواقع التي قصفت بعيدة عن الأماكن العسكرية التي يمكن للتحالف أن يستهدفها.
 
سلوك إجرامي متأصل

بدوره استنكر الناشط السياسي اليمني وليد الجعور المجزرة البشعة. وقال إن الأمر تجاوز مفهوم استهداف المدنيين إلى استثمارهم من قِبل الحوثيون الذين دأبوا على القيام بتلك السلوكيات الإجرامية.
 
وأكد لـ"يمن شباب نت" أن ذلك السلوك الإجرامي متأصل لدى تلك المليشيات التي لا تأبه للضحايا من المدنيين واستخدمتهم، مع المختطفين، كدروع بشرية طوال فترة الحرب.
 
وأضاف: إذا كانت جريمة سوق السمك ومستشفى الثورة تؤكد لنا مدى استهانة الحوثيين بدماء اليمنيين، فإنها في الوقت ذاته تؤكد مدى ضعف العمل الحقوقي للشرعية وتشتت وسائل إعلامها.
 
وانتقد الجعور انجرار كثير من الناشطين وراء الادعاءات الحوثية، وتعاملهم مع أخطاء التحالف بانتهازية مفرطة، كما استغرب أيضا محاولة استثمار الجريمة من قبل بعض المنظمات الدولية، بشكل لا يتوافق مع معايير الحيادية الدولية التي يجب أن تتصف بها تلك المنظمات.
 
وكان رئيس وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن يوهانس برووير، أدان الهجوم، واصفا المشاهد التي خلفها بأنها "مروعة". وطالب في بيان صحفي يوم الجمعة، باحترام الحياة المدنية والممتلكات، لكنه تفادى تحميل أي طرف المسئولية، مكتفيا بالإشارة إلى أن الهجوم "لا تزال ظروفه غير معروفة".



الصورة لغرفة الأرشيف بمستشفى الثورة بعد سقوط قذيفة على السطح أدت إلى احداث فتحة صغيرة (مواقع التواصل الإجتماعي)
  

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر