كيف يخدم الحوثيون إيران ضمن الصراع الإقليمي على مضيق "باب المندب" لتهديد التجارة الدولية؟

[ صورة أرشيفية لناقلة نفط في مضيق باب المندب بالبحر الأحمر (أ ف ب) ]

تتزايد المخاطر حول التهديدات التي تتعرض لها الملاحة الدولية في "باب المندب" بعد استهداف الحوثيين للسفن الناقلة للنفط، وقبلها استهداف عدد من بارجات الحماية البحرية والتي تنتشر في البحر لحماية الممر التجاري الأهم في العالم، وعملت ميلشيات الحوثي على بدء التهديدات بدعم من إيران.
 
يمثل مضيق "باب المندب" بالنسبة لليمن، بحكم موقعه الجغرافي، أفضلية استراتيجية في السيطرة على الممر لامتلاكه جزيرة بريم، بيد أنه خسر بعضا من نفوذه في المضيق بسبب الحرب، كما أن القوى الكبرى عملت أيضا على إقامة قواعد عسكرية قربه وحوله وذلك لأهميته العالمية في التجارة والنقل.
 
وللمضيق أهمية استراتيجية حيث تمر به شحنات تبلغ نحو 4,8 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة إلى أوروبا والولايات المتحدة. هذه الأرقام تعتبر صغيرة بالمقارنة بمضيق هرمز في الخليج العربي ولكن بسبب معركة النفوذ الحالية على هرمز تود الدول المجاورة له مثل إيران والسعودية والإمارات بسط نفوذها على باب المندب كبديل. كما أن إسرائيل لديها أيضا نفوذ في باب المندب بالتنسيق مع جيبوتي وأثيوبيا.
 
تهديد الملاحة

يتصاعد التهديد للملاحة في باب المندب منذ فترة مع استهداف الحوثيين لناقلات نفط سعودية في شهر أبريل/نيسان الماضي وفرقاطة عسكرية سعودية نهاية يناير/كانون الثاني الماضي.
 
ويقول محللون إن السعودية تحاول تشجيع حلفائها الغربيين على النظر بجدية أكبر إلى الخطر الذي يمثله الحوثيون وزيادة الدعم لحربها في اليمن، خاصة أن آلاف الضربات الجوية وعملية برية محدودة لم تسفر عن النتائج المرجوة من إزاحة الحوثيين وإعادة الحكومة الشرعية كما أدت إلى تفاقم أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
 
وقال سداد الحسيني وهو مسؤول تنفيذي سابق في شركة أرامكو السعودية ومستشار للطاقة حاليا في تصريح لوكالة رويترز "بدلا من السماح لهذه التحركات العدائية بأن تمر دون أن يلاحظها العالم فإن وزير (الطاقة) السعودي يضع ما تقوم به إيران من تخريب للاقتصاد العالمي بأسره تحت أعين الجميع".
 
وأضاف قائلا "السيطرة على ميناء الحديدة لن تضع نهاية لهذه العراقيل إلا بعد وقت طويل". والحديدة هي الميناء الرئيسي لليمن ويقع على بعد 200 كم من مضيق باب المندب وكان الهدف لهجوم بدأه التحالف في 12 يونيو/حزيران في محاولة لقطع خط الإمدادات الرئيسي للحوثيين.
 
وبعد الإخفاق في تحقيق مكاسب كبيرة أوقف التحالف العمليات في الأول من يوليو/تموز لإعطاء الأمم المتحدة فرصة لحل الموقف رغم استمرار بعض الأعمال القتالية.
 
تعليق الشحنات السعودية، مع التهديد الضمني بارتفاع أسعار النفط، ربما يهدف أيضا إلى الضغط على الحلفاء الغربيين الذين ما زالوا يدعمون الاتفاق النووي مع إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في مايو/أيار الماضي، لاتخاذ موقف أقوى ضد برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني ودعم جماعات مسلحة في أرجاء المنطقة.
 
ولم يصدر أي تأكيد رسمي بأن هذه الخطوة جرى تنسيقها مع واشنطن لكن أحد المحللين قال إنه سيكون من المثير للدهشة إن لم يكن هناك تنسيق بين البلدين وذلك نظرا إلى تحالفهما الاستراتيجي.
 
زيادة المخاطر

الوضع الراهن يتسم بالهشاشة ويمكن أن ينحو بسهولة إلى التدهور. ويبدو أن هدف السعوديين والحوثيين هو التصعيد إلى أعلى مستوى ممكن ولكل منهما أهدافه المختلفة. ويقول جيمس دورسي من معهد "إس راجارتنام" للدراسات الدولية "الحوثيون يحاولون تصعيد الوضع حتى يتم بذل المزيد من الجهد للتفاوض لإنهاء الحرب في اليمن".
 
وأضاف قائلا "السعوديون يحاولون خلق وضع تكثف فيه الولايات المتحدة بشكل أو آخر دعمها إلى حد كبير... حتى يمكنهم الإعلان عن نصر عسكري". ويتمثل الخطر في أن يخطئ أحد الجانبين التقدير، وهو ما قد يثير ردا أقوى من المتوقع.
 
تهديدات حوثية

وجاءت التهديدات التي بدأتها ميلشيات الحوثي الانقلابية على الملاحة الدولية عقب الحرب الكلامية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، على إثرها هددت طهران بإغلاق "مضيق هرمز" وجاء الرد عملي سريعا من ميلشيات الحوثي المدعومة من إيران في استهداف ناقلتي النفط السعودية.
 
وتحاول ميلشيات الحوثي الدخول في حرب إقليمية ضمن اصطفافها إلى جانب إيران في تهديد التجارة الدولية، والدول العربية المجاورة لليمن، دون اكتراث للمصالح الوطنية في إبقاء الممر التجاري البحري آمن من أي تهديدات تنفيذا لأجندات إيران.
 
ويرى مراقبون يمنيون أن استهداف الناقلات البحرية في "باب المندب" لا يخدم الحوثيين ولا حربهم  ضد الحكومة الشرعية والتحالف العربي، بسبب أن العالم لن يصمت عن التهديدات التي تتعرض لها المصالح الدولية في ظل حالة الصراع الحاد بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.
 
 
خيارات نقل النفط السعودي
 
أعلنت السعودية في 26 يوليو/تموز الماضي وقف شحنات النفط عبر البحر الأحمر "إلى أن تصبح الملاحة في مضيق باب المندب آمنة". ولم يتضح متى ستصبح الملاحة آمنة. لكن المملكة، وهي أكبر مصدر للنفط في العالم، ليست في عجلة من أمرها لأن لديها وسائل أخرى لنقل الخام إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية عبر استخدام خط أنابيب الشرق-الغرب (بترولاين) الذي ينقل الخام من حقول النفط في المنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر.
 
بينما تقول مصادر أخرى إن المملكة قد تستأجر أيضا سفنا غير سعودية لنقل النفط عبر باب المندب لأن تغيير مسار السفن للالتفاف حول الطرف الجنوبي للقارة الأفريقية (طريق رأس الرجاء الصالح) سيؤدي إلى كلفة كبيرة في الوقت والمال وهو ما يجعله خيارا غير مرجح.
 
ما هو الرد الإيراني المحتمل؟
 
بعد انسحابها من الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية المبرم عام 2015، تضغط واشنطن على الدول الأخرى حاليا من أجل وقف وارداتها من النفط الإيراني اعتبارا من نوفمبر/تشرين الثاني. وحذرت طهران بأنها ستتخذ إجراءات مضادة، وهددت بمنع مرور سفن نقل الخام من الخليج إذا تم إيقاف صادراتها.
 
ورغم تهديدات عدائية متبادلة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإيران، إلا أن عددا من المسؤولين الإيرانيين يعتبرون احتمال مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة "منخفضا للغاية". ولا يزال البعض يؤمن بإمكانية إجراء مفاوضات مباشرة، لكن كثيرين ممن اتصلت بهم رويترز حذروا من أن رد طهران على أي مواجهة عسكرية تشنها واشنطن سيكون مكلفا.
 
استبعاد حرب للناقلات
 
أثناء "حرب الناقلات" في منتصف الثمانينات، انتشرت في مياه الخليج الألغام مع قيام إيران والعراق بمهاجمة شحنات النفط. وقامت الولايات المتحدة وبريطانيا وقوى أجنبية أخرى بحراسة ناقلات لدول أخرى، وغيرت بعض السفن الكويتية راياتها ورفعت العلم الأمريكي، ونفذت ضربات محدودة ضد أهداف بحرية إيرانية.
 
ورغم قدرة السعوديين على تسيير السفن بأعلام دول أخرى لتفادي هجمات الحوثيين، إلا أن محللين يقولون إن ذلك سيقوض جهود السعودية لإظهار نفوذها في المنطقة.
 

المصدر: يمن شباب نت/ فرانس24/ رويترز

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر