يتعرضن لصعوبات ومضايقات.. الحرب تضاعف أعباء النساء وتجبرهن على العمل بمهن شاقة (تقرير خاص)

[ إمرأة يمنية تعمل في صناعة الأحجار الكريمة في صنعاء (أ ف ب) ]

تضيق المعيشية باليمنيين يومياً مع امتداد طول الحرب ومعها تعاني الأسر اليمنية مرارة العيش وغياب الدخل الذي يوفر أدني مستويات المعيشة، مما اضطر كثير من النساء للعمل في مهن مختلفة قاسية جعلتهن عرضة للكثير من المتاعب التي لم يتعودن عليها خلال معيشتهن، لأن حياتهن كانت أفضل قبل الحرب.
 
تكتظ الشوارع بالنساء العاملات في مهن لم يتعودن عليها من قبل، وفرض عليهن العمل كخيار إجباري بسبب تردى الوضع المعيشي وانقطاع الرواتب للعام الثاني على التوالي، وتحمل كل امرأة خرجت للعمل منذ بدء الحرب قصة مختلفة في تفاصيلها المأساوية القاسية، حيث فقدن كثير من الأسر عائلهن خلال الحرب والصراع الدائر في البلاد.
 
وتحملت غالبية النساء أعباء كثيرة من نتائج الحرب الدائرة، إضافة إلى كونها تحملت مسؤولية مضاعفة في العناية بأسرتها من الضياع والاهتمام بهم وتوفير احتياجاتهم بكل الوسائل المتاحة أمامهن للعمل، وحاولن اكتساب مهن مختلفة من أجل أن توفر لهن دخل مادي حتى ولو كان زهيد فالهدف الحصول حتى ما يغطى الأساسيات.
 
عبئ ثقيل

"أم مشير" (45 عام) أم لخمسة أطفال ولد وأربع بنات توفى زوجها منذ عاميين بسبب تضاعف إصابته بالفشل الكلوي المزمن منذ سنوات، ونتيجة ذلك تعرضت لمضاعفات بسبب عدم مقدرته على الغسيل خلال فترة اشتداد القصف الجوي في العاصمة صنعاء خلال العام 2015.
 
قالت أم مشير في حديث لـ "يمن شباب نت" منذ وفاة زوجها تحولت حياتهم بشكل كلي نحو الأسوأ لأنه كان سندهم الوحيد في الحياة ولم يتبقى لهم إلا أقرباء حالتهم أسوأ أو تشبه بعض في المأساة، التي خلفتها لهم سنوات الحرب.
 
وخلال السنوات الماضية ومنذ بدء الحرب تدهورت حياة آلاف الأسر اليمنية وخاصة الطبقة المتوسطة وأصحاب الدخل المحدود حيث دخلوا ضمن دائرة الفقراء المعدمين الذين لا يجدون قوت يومهم إلا بصعوبة بالغة انقطاع مصادر الدخل التي كانت توفر لهم المعيشية.
 
خرجت "أم مشير" للعمل في إحدى المستشفيات الخاصة كمفتشة لحقائب النساء مقابل راتب شهري تستطيع من خلاله توفير الحد الأدنى من التكاليف المعيشية الباهظة وخاصة مع غلاء الأسعار، وقالت "أعاني من سلسلة مشكلات معقدة تواجهني أثناء العمل لساعات طويلة وانا لست معتادة على هذا التعب والإجهاد بالإضافة إلى صعوبة تكيفي مع الناس من حولي بسبب تعودي على العمل في المنزل فقط".
 
عنف نفسي

أجبرت الظروف الإنسانية النساء للعمل في مهن كانت إلى وقت قريب حكراً على الرجال، مما جعل اختلاطهن في المجتمع والسوق إجباري، ومن خلاله يتعرضن لمحاولات إيذاء نفسي في الكلام ومحاولات التحرش اللفظي من قبل الزبائن والمارة، وهو ما يضاعف معاناتهن في العمل لتوفير قوت أطفالهن.
 
"هناء قاسم" (اسم وهمي حفاظاً على الخصوصية) في العقد الثالث من عمرها اختارت عمل مختلف للحصول على المال لسد حاجاتها وأسرتها، حيث تعمل على بيع "العطر" بالقرب من الجامعات والمعاهد التي يتواجد فيها زبائن من الشباب والفتيات والذين يقبلون على الشراء منها وطلب أنواعهم المفضلة وهي تعمل على توفيرها لهم.
 
قالت هناء لـ"يمن شباب نت" أنها تشتري العطر الخام من التجار الذين يستوردنها من الخارج وايضاً العبوات الزجاجية الفارغة، وتعمل على خلطها وصناعة روائح مختلفة ومن ثم تعبئتها بمساعدة بنتها الكبيرة ثم تخرج لبيعها كل يوم وتربح بشكل جيد.
 
وأضافت "أسوأ ما في البيع والشراء هي المضايقات التي تتعرض لها أثناء البيع والشراء من بعض الناس الذين يحاولون التقرب منها بأسلوب مؤذي في إطلاق كلمات خادشه للحياء والتحرش اللفظي الذي سبب لها حالة اكتئاب وضيق".
 
لم تكن تتخيل "هناء" أن يصل بها الوضع للعمل في الشارع بين الناس الذين لا يقدرون أنها تعمل فقط من أجل قوت أبنائها بينما هم يمارسون "سوء الأدب" بكل فجاجة ولا يحترمون كونها إمراه أجبرتها أوضاع البلاد للعمل دون إرادة منها بينما كانت في السابق تعيش بكنف أسره توفر لها كل احتياجاتها.
 
الحرب تفاقم مأساة المرأة

صنعت الحرب سلسلة من الانتهاكات والمتاعب بحق المرأة حيث تعرضت للقتل المباشر من خلال القصف المدفعي للحوثيين ومقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، بالإضافة إلى ذلك انعدمت الرعاية الصحية للنساء وخاصة "الحوامل" وتسبب بوفاة عشرات من النساء أثناء الولادة، كما تعرضت الكثير منهن للعنف.
 
وبحسب "صندوق الأمم المتحدة للسكان" فقد زاد العنف ضد المرأة في اليمن بنسبة 63 بالمئة منذ اندلاع النزاع، زادت معدلات الزواج القسري، بما في ذلك زواج الأطفال، لا يوجد في اليمن حد أدنى لسن الزواج، وأعرب الصندوق عن قلقه من "مصير نحو 2.2 مليون امرأة يمنيّة في سن الإنجاب، ومنهن نحو 352.000 امرأة حامل، كما تشير التقديرات إلى أن نحو 52.800 امرأة حامل يواجهن خطر التعرض للمضاعفات التي تشكل خطراً مباشراً على أرواحهن إذا لم يحصلن على الرعاية العاجلة والأدوية".
 
وأدت الحرب في العديد من المحافظات إلى صناعة أعباء إضافية للمرأة فضلاً عن التهجير والنزوح، إذ تقوم المرأة بدور المعيل القائم بتوفير كافة متطلبات الأسرة وتتحمل إلى ذلك عبء الحفاظ على الأسرة من التفكك نتيجة الوضع الاقتصادي المتردي.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر