كيف كتم الحوثيون أصوات المآذن في صنعاء وافقدوا الناس روحانية رمضان؟ (تقرير خاص)

[ جامع الصالح في صنعاء بعد سيطرة الحوثيين عليه أسموه "جامع الشعب" (يمن شباب نت) ]

كتمت ميلشيات الحوثي في صنعاء أصوات المآذن في صلاة التروايح خلال شهر رمضان بالإضافة إلى صلاة القيام في الثلث الأخير من الشهر الكريم، في خطوة غير مسبوقة في اليمن في محاولة لفرض لون مذهبي واحد على الشعائر الدينية في مناطق سيطرتها.
 
وجاءت خطوة الحوثيين قبل بدء شهر رمضان من خلال توجيهات فرضتها على غالبية المساجد في صنعاء، بمبرر أن مكبرات الصوت في أوقات الصلاة تزعج المواطنين القاطنين في منازلهم وخاصة المرضى منهم والأطفال، على حد تعبير توجيه الحوثيين للمساجد.
 
وفي الأيام الأولى أقيمت الصلوات بمكبرات الصوت في غالبية المساجد غير أن الحوثيين أرسلوا قوات تطبق التوجيهات وتقفل مكبرات الصوت في كل المساجد، حيث بدت صنعاء صامته بلا أي صوت من بعد صلاة العشاء حتى أذان الفجر، وهو جعل غالبية الناس يشعرون يستنكرون تلك القرارات.
 
رمضان بلا روح

يرى غالبية المواطنين أن قرار ميلشيات الحوثي في اغلاق مكبرات الصوت أفقد العاصمة صنعاء روحانية شهر رمضان، وجعل المدينة بلا روح رمضانية كما هي في كل السنوات حيث اعتاد الناس على أصوات المآذن تكسر فراغ الليل الرمضاني الذي في العادة يسهر الناس فيه حتى مطلع الفجر.

النساء في المنازل هن الأخريات شعرّن بخلو شهر رمضان هذا العام من مظاهر الروحانية التي عادة ما كان تعبر عنها أصوات المآذن التي تنقل إلى المنازل والمارة أجواء إيمانية للمصلين في المساجد، وهذا يعد امتداد للسطوة الأمنية التي يمارسها الحوثيين في فرض فتاوى فقهية تخص مذهبهم فقط.

"أم ريم" تسكن في العاصمة صنعاء (32عام) تقول "مر شهر رمضان ولم نشعر فيه بروحانيته وخاصة في الليل حيث بدا موحشاً كأي يوم عادي بلا أي مظاهر تشعرنا أننا نعيش ليالي الشهر الفضيل".

وأضافت في حديث لـ"يمن شباب نت" مبررات الحوثيين غير منطقية وليس لها علاقة بثقافتنا ولا حتى موروثنا الديني الذي اعتدنا عليه منذ أن نشأنا في مدينة صنعاء التي تضم كل فئات المجتمع".

وتساءلت "أم ريم" كيف يمكن أن يقبل أحد ما يقال أن مكبرات الصوت للصلاة تزعج الناس؟ مشيره "أن النساء يتحدثن إلى بعضهن بحسرة أنهن لم يشعرن بأجواء رمضان هذا العام بسبب غياب أصوات المآذن بعكس الرجال الذين يذهبون إلى المساجد".

كتم أصوات المآذن بالقوة

نفذت ميلشيات الحوثي منذ بداية شهر رمضان عدة حملات مسلحة من خلال إرسال مسلحين متطرفين إلى المساجد التي يتم الإبلاغ عنها أنها خالفت توجيهات الحوثيين وفتحت أصوات المكبرات الصوتية أثناء صلاتي التراويح والقيام، أو مخالفة بقية التوجيهات التي أعلنتها الجماعة قبل شهر رمضان.

وقال إمام مسجد في صنعاء طلب عدم ذكر أسمه "ان الحوثيون أرسلوا مسلحين إلى المسجد في بداية رمضان وتشاجروا من المصلين وكانوا أكثر تطرفاً حيث حاولوا منع صلاة التراويح كلياً في المسجد رغم انهم جاؤوا لمنع تشغيل مكبرات الصوت".

وأضاف في حديث لـ "يمن شباب نت" أن الحوثيون يطلقون تُهماً كيدية على أئمة المساجد الذين هم ليسوا مواليين لهم ومن أبرزها أنهم دواعش وتكفيرين وعملاء للعدوان وخلايا نائمة، كما أنهم يهددون بالقوة والسجن ضد من يتجاوز توجيهاتهم".

وكانت ميلشيات الحوثي فرضت خطباء وأئمة على جميع مساجد العاصمة صنعاء عقب سيطرتها على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 وبقيت عدد من المساجد غير مسيطرين عليها لكنهم يفرضون عليها رقابة شديدة وقرارات صارمة فيما يخص خُطب الجمعة وغيرها من التوجيهات.
 
لون مذهبي واحد

وتعمد ميلشيات الحوثي في مناطق سيطرتها على تكريس المذهبية والطائفية في أوساط المجتمع من خلال فرض فتاوى فقهاء موالين لها بالقوة على جميع الناس في تعصب مذهبي يحاول إجبار الناس على ان يكون لون واحد موالين لهم، مستغلين بذلك سيطرتهم وسطوتهم المسلحة على الدولة.

وسبق أن أعلنت ميلشيات الحوثي جواز صيام يوم قبل رمضان وهو ما يعرف بـ "يوم الشك" وجاء اعلان دار الإفتاء الذي يسيطر عليه الحوثيين التزاما بفتوى فقهية للزيدية والتي تستدل بمقوله لزيد بن على يقول فيها "لأن أصوم يوماً في شعبان خيراً من أن أفطر يوماً من شهر رمضان".

ومن خلال ممارسات ميلشيات الحوثي تحاول فرض لون مذهبي وحد في المجتمع اليمني الذي ظل يتعايش خلال عقود في احترام وسلام، ولأن الفتوى المذهبية الحوثية لا تجيز صلاة التراويح والقيام فمن خلال سلطتهم الانقلابية يحاولون فرضها بالقوة على الغالبية من الناس الذين يعتقدون عكس ذلك.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر