المسحراتي.. عادة رمضانية بحضرموت تقاوم الزمن (تقرير خاص)

[ المسحراتي حميد ]

تمتاز محافظة حضرموت شرقي اليمن، بعادات وطقوس رمضانية، تميزها على غيرها، ومن بين تلك التقاليد "المسحراتي" الذي لازال حاضراً ومقاوماً للزمن رغم وجود أدوات حديثة للاستيقاظ للسحور.

ويجوب "المسحراتي" شوارع وأزقة حي منطقته، في تمام الساعة الثالثة في كل ليلة من ليالي شهر رمضان، قديماً لإيقاظ الناس للسحور، لكنه اليوم بات تقليداً يمارسه المسحراتي، حفاظاً على العادة التي توارثتها الأجيال جيلا بعد جيل.

وعلى هذا المنوال يومياً يحمل المسحراتي "الطاسة" على رقبته وفي يديه أعواد يقرع بها على الطاسة، ليكسر سكون الليل معلناً بدء وقت السحور.

واعتادت حضرموت، أن يمارس عادة المسحراتي، وهو الشخص الذي يقرع الطاس، شخص من عائلة معينة ويتوارثها أفرادها واحدا بعد الأخر.
ففي مدينة سيئون حاضرة مديريات وادي وصحراء حضرموت، تمارس عائلة آل باصالح، هذا التقليد الرمضاني، منذ القدم وحتى اليوم.

دافع ذاتي للحفاظ على التراث

ويقول المسحراتي، الوالد هود محفوظ حميد (55 عاما)، لـ"يمن شباب نت"، "إنه يمارس عادة المسحراتي منذ أكثر من 20 عاماً في منطقة الغرف في ضواحي مديرية تريم.

ويقارن حميد، بين الماضي والحاضر، أثناء ممارسة هذه الطقوس الرمضانية، ويشير إلى أنه في القديم كانت تقام في ظل عدم تواجد الإنارة والكهرباء في الشوارع، ويضطر المسحراتي، إلى اصطحاب شخص يعاونه ويحمل سراجاً ينير له الطريق.

ولكي يحافظ على هذه العادة يقوم، المسحراتي، حميد بتدريب نجله "محمد" ليتولى زمام المهمة من بعده.

وأوضح أن قيامه بممارسة هذه العادة ينطلق من دافع نفسي وذاتي لا يحركه دعم من أي جهة سواء حكومية أو خاصة، وإنما عادة توارثها يرتجي من خلالها الأجر والثواب من الله.



عادة قديمة

من جانبه يقول المؤرخ والباحث، هود سالمين عبيد، لـ"يمن شباب نت"، إن المسحراتي عادة قديمة جدا لم يعرف تاريخ بدايتها.

ويشير إلى أن عادة المسحراتي ظهرت قبل وجود وسائل التنبيه والساعات، لافتاً إلى أن الساعات قديما إن وجدت تكون في المسجد فقط، فكان الناس في الماضي يعتمدون المسحراتي اعتمادا كليا فإذا لم تقرع الطاسة، فات معظم الناس الصيام في ذلك اليوم.

وذكر أن السابقون استعانوا لمعرفة دخول وقت السحور عن طريق منازل النجوم، فيبدأ بقرع الطاسة، والبعض فوق قرع الطاسة يقرع باب البيت إلى أن يرد عليه رب البيت فيذهب ويواصل المسير.

وأضاف "أن طريقة المسحراتي تختلف من منطقة لأخرى، فبعضهم يسير فقط في الشارع ويدور على البيوت ويردد عبارات منها (لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعدها يقول يا فلان فلاح وهكذا)".

وتابع "أما في سيئون فيدق الهاجر ويردد (يا فلان فلاح)، وفي ليلة السابع والعشرين من رمضان يقرع الطاسة المسحراتي والأطفال يمشون معه ويمر على البيوت ويردد ( اليوم يوم القواعد... والمستوي ما يواعد)".

وأوضح أن بعض الناس يقدمون للمسحراتي قمح وأخرين يعطونه بعض الأموال.



وقع خاص

من جهته قال المواطن عاصم عمر، لـ"يمن شباب نت"، "إن عادة المسحراتي في الوقت الحاضر، لها  وقع خاص في القلب والمجتمع ككل، فهي تميز شهر رمضان عن غيره، واستمرارها يعد حفاظ على عادة حسنة اعتاد عليها الأجداد".

 





مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر