موقع "ميدل آيست آي" يتساءل ما هي خطط السعودية والامارات في سقطرى؟ (ترجمة خاصة)

[ نسر مصري يطير على مدينة سقطرى الشهيرة بالحياة البرية في مارس 2008 (رويترز) ]

استعرض موقع "ميدل أيست آي" البريطاني في تقرير ترجمة "يمن شباب نت" ما يجري في "جزيرة سقطرى" وكيف تحاول الإمارات السيطرة عليها منذ زمن بعيد استغلال ثروتها الفريدة من نوعها في العالم حيث تتميز بالأشجار والنباتات والطيور النادرة.
 
وكشف الموقع كيف استطاعت الإمارات عبر عملاء محليين نهب ثروات الجزيرة، وذكر أنها لايزال هناك مرتزقة يساعدون الإمارات في أنشطتها التي تدمر البيئة.
 
"يمن شباب نت" ترجم التقرير كاملاً ويعيد نشره
 
سقطرى ليست مثل بقية اليمن تقع هذه المجموعة المكونة من أربع جزر أكبرها تسمى سقطرى، على بعد حوالي 500 كيلومتر جنوب البر الرئيسي لليمن، فهي موطنٌ لستين ألف ساكن إضافة ًالى أنها تقع على طرق الشحن الرئيسية التي تعبر خليج عدن.

وقد تعرضت للاحتلال في مراحل مختلفة، تارةً من قبل البرتغاليين وتارة ًاخرى من قبل البريطانيين إضافةً لآخرين.

ويحتفي البعض بسقطرى مطلقين عليها اسم "غالاباغوس المحيط الهندي"، فقد جذبت الجزيرة منذ فترة طويلة السائحين المغامرين إلى مياهها الصافية وتضاريسها الوعرة ونباتاتها الممزوجة بالأساطير الغيبية -كشجرة دم الاخوين مثلاً -كما أنها صنفت ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 2008. (حيث لم يتم افتتاح أول مهبط للطيران فيها إلا في العام 1999).

ولقد نجحت سقطرى إلى حد ٍكبير في تجنب الأزمة الاقتصادية وانهيار المجتمع، وهي الامور التي صاحبت الحرب اليمنية خلال السنوات الثلاث الماضية وخلفت ما يقدر بحوالي 10 الاف شخص ممن لقوا حتفهم جراء الحرب.

لكن الموقع الاستراتيجي لجزيرة سقطرى إضافةً للهدوء النسبي الذي تتمتع به، قد جعلت منها موقعاً مميزاً في منطقة مضطربة من العالم - والآن تتصارع القوى الإقليمية حول من يجب أن تكون له السيطرة هناك.
 
عندما دق ناقوس الخطر

تعد الامارات العربية المتحدة واحداً من الشركاء الرئيسيين في التحالف بقيادة السعودية والذي يقاتل ضد المتمردين الحوثيين في مناطق اليابسة من اليمن.
حيث وصلت الإمارات رسمياً إلى سقطرى في عام 2015 - وهو العام الذي اندلعت فيه الحرب لمساعدة ضحايا إعصار تشابالا الذي ضرب الجزيرة منذ أواخر تشرين الأول / أكتوبر، ثم استمر لفترة بعد ذلك.

في البداية، رحبت الحكومة والسكان المحليين على حد سواء بالإمارات العربية المتحدة حيث أعربوا عن تقديرهم لقيام الامارات ببناء مساكن طارئة ضرورية اضافةً لتجهيز وتركيب البنية التحتية للمياه والرعاية الصحية بما في ذلك إصلاح المراكز الصحية المحلية وتزويد المرضى بالعلاج الرخيص والمجاني في غالب الاحيان وبتسييرها حتى للرحلات الجوية إلى المستشفيات والمرافق الطبية في الخليج.
 
"عدنان السقطري" مقاول بناء في الاربعينات من العمر مقيم في سقطرى يقول "في أثناء ما كان جالساً في مطعم في حديبو عاصمة سقطرى مستمتعاً بوجبة طعام "يعاني معظم اليمنيين في جميع أنحاء البلاد لكن ليس في سقطرى حيث يوجد تقدم بسبب الإمارات".

وأضاف "ذلك هو أمر جيد يأتي من دولة كريمة ونحن ممتنون لذلك" وبمرور الوقت، فقد زادت الإمارات العربية المتحدة ببطء ولكن بثبات من وجودها.
حيث قال السقطري أنه بدأ يسمع الحديث من مسؤولين إماراتيين بالإضافة إلى مسؤولين يمنيين متعاطفين، بأن سكان سقطرى قد ينتهي بهم المطاف كمواطنين إماراتيين مضيفاً "سيكون ذلك تطورا خطيرا".

ثم في مايو 2018 أرسلت الإمارات قوات إلى قاعدتها العسكرية في الجزيرة فضلاً عن انتزاع الميناء والمطار الوحيد في الجزيرة، من سيطرة القوات اليمنية، وقد مثلت تلك الاحداث النقطة التي بدأت عندها نواقيس الخطر تدق بصوت عالٍ لتحذير الكثيرين في الجزيرة.
 
ماذا تريد الإمارات من سقطرى

لدولة الإمارات العربية المتحدة سبب وجيه لترغب بوجود مسلح في سقطرى وذلك نظرا ًلطموحاتها البحرية. حيث في السنوات الأخيرة أنشأ الإماراتيون موانئ في القرن الإفريقي والتي تتجه شمالًا نحو البحر الأحمر وباتجاه قناة السويس في نهاية المطاف.
 
غير أنه في فبراير/ شباط، سيطرت جيبوتي على محطة الحاويات (دريلة) التابعة لشركة "موانئ دبي العالمية" وذلك في إطار نزاع مستمر منذ فترة طويلة، أما في مارس/ آذار، فقد منعت الصومال شركة "موانئ دبي العالمية" من العمل في البلاد وألغت عقداً كانت قد وقعته الشركة في عام 2017 مع المنطقة شبه المستقلة (جمهورية أرض الصومال الغير معترف بها دولياً).
 
غمدان اليوسفي وهو محلل سياسي وصحفي يمني فر من البلاد في عام 2015 وسط مخاوف من الحوثيين وذلك بعد أن انتقد الجماعة، قال "إن سقطرى لا تتعرض للتهديد من قبل أي جماعة - وبالتالي لا يوجد هنالك سبب لوجود عسكري إماراتي".
 
وتساءل قائلاً "إذا كان هناك خطر يهدد الجزيرة، فلماذا إذن طردت القوات الإماراتية الجنود اليمنيين من مواقعهم في مطار وميناء سقطرى؟".
وأضاف "ما قامت به دولة الإمارات العربية المتحدة في سقطرى هو تنفيذ لطموح قديم لغزو الجزيرة والسيطرة على ثرواتها".
 
وأكد بأن سقطرى أضحت حاليا منطقة أخرى تقع تحت سيطرة دولة الإمارات العربية المتحدة بعد موانئ جنوب اليمن اليمنية في عدن والمكلا ونشطون وغيرها.
 
وقال اليوسفي "سقطرى هي جزيرة هادئة وفريدة من نوعها لديها ثروة طبيعية غير محدودة".
 
وبلا شك فإن الكثيرون يعتقدون بأن دولة الإمارات لديها خطط متعلقة بسقطرى منذ ما قبل الصراع الحالي حيث قال اليوسفي أنه في العام 2011 وصل رجال أعمال إماراتيين إلى الجزيرة سرعان ما حاولوا بعد ذلك استئجار الجزيرة غير أنه تم رفضهم.
 
وفي عام 2013 أعلن الرئيس عبد ربه منصور هادي أن سقطرى ستتغير من كونها جزءًا من محافظة حضرموت في البر الرئيسي لتصبح محافظة بحد ذاتها مع اعتبار مدينة حديبو كعاصمة للمحافظة كما رفض هادي أي فكرة تتحدث حول إمكانية بيع الجُزُر.
 
كما قال اليوسفي إن السبب الوحيد لوجود الإمارات في الجزيرة هو نهب "الثروة السقطرية ونقلها إلى الإمارات".
 
ويتساءل آخرون عن التداعيات البيئية الناجمة عن تواجد الإمارات على اراضي الجزيرة.
 
وتتميز سقطرى بالرمز الأكثر شهرة في أشجار دم التنين - المعروفة محليا باسم دم الأخوين - بمادتها الصمغية الحمراء ورأسها وجذعها الغريب والفريد حيث تقول الأسطورة أن الأشجار انتشرت لأول مرة عندما تقاتل شقيقان حتى الموت.
لكن مصادر حكومية محلية تخشى أن يكون الإماراتيون قد أخذوا الحياة البرية والحيوانية من الجزيرة بما في ذلك الحيوانات والطيور. حيث أنه من بين 291 نوعًا أصلياً في الجزيرة، لا يمكن العثور على 13 نوعًا في أي مكان آخر على الأرض، وفقًا لهيئات السياحة.
 
وقال مصدر في السلطة المحلية في سقطرى والذي تحدث إلى "ميدل إيست آي" وطلب عدم ذكر اسمه خوفاً على سلامته "كان هنالك بعض المسؤولين في السلطة المحلية الذين ساعدوا الإماراتيين على نهب مدينة سقطرى. ولا يزال هؤلاء المرتزقة يعملون في سقطرى لمساعدة الإمارات في أنشطتها في تدمير البيئة".
 
رئيس الوزراء اليمني للإماراتيين: ابتعدوا عن جزيرتنا

لم يكن سكان سقطرى هم الوحيدون الذين أزعجتهم الطموحات الإماراتية فلقد بات التوتر واضحا في أواخر نيسان/ أبريل، عقب وصول رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر وعدد من الوزراء إلى الجزيرة في نفس وقت نشر القوات الإماراتية دون التشاور مع هادي.
 
وقد كتب بن دغر على حسابه في فيسبوك "في 30 نيسان / أبريل، وصلت أول طائرة عسكرية إماراتية تحمل مركبتين مدرعتين وأكثر من 50 جنديا إماراتيا وتبعتها على الفور طائرتان آخرتان تحملان الدبابات والمدرعات والجنود. وقد أثار ذلك العديد من الأسئلة وترك الجزيرة تعيش حالة من القلق".
 
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية إنها "فوجئت" بتصريحات بن دغر، وألقت باللائمة على جماعة الإخوان المسلمين في إثارة المشاعر المعادية للإمارات العربية المتحدة، وأضافت أن "جميع المحافظات اليمنية المحررة بما في ذلك سقطرى، تدخل في إطار جهود التحالف العربي لدعم الحكومة الشرعية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ اليمن ".
 
لكن أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات، غرد في حسابه بتويتر قائلاً "لدينا روابط تاريخية وعائلية مع سكان سقطرى وسندعمهم خلال محنة اليمن التي سببها الحوثيون".
 
وفي أوائل مايو، جاب المتظاهرون الموالون للهادي شوارع سقطرى حاملين لافتات. وكانت أعدادهم بضع عشرات في أحسن الأحوال، لكنها كانت تدل بلا شك على مدى تأجج المشاعر المناهضة للإمارات.
 
صالح السقطري البالغ من العمر 34 عاماً، هو مربي مواشي ومن مؤيدي هادي الذي يشترك لقب العائلة نفسه مع العديد على الجزيرة، قال إنه لم يعترض على الوجود الإماراتي قبل وصول الجيش لكنه الان يريد مغادرة الإمارات من الجزر حتى إذا كانت تساعد السكان.
 
وأضاف "سقطرى هي محافظة يمنية ونحن نطيع قرارات هادي وحكومته. وحتى لو كان هنالك نقص في الخدمات فإننا سننتقد ذلك، وحينها يمكن للمسؤولين أن يقوموا بعملهم".
 
وقال أحد أعضاء حزب الإصلاح متحدثًا إلى موقع ميدل ايست آي بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب مخاوف على سلامته "إنه يكره الكيفية التي ألقت الإمارات العربية المتحدة بها اللائمة على الجماعة عن أية مشاكل" مضيفاً "تعمل الإمارات بحرية في الجزيرة وهذا نوع من الغزو. وعندما ننتقدهم، يقدمون أعذاراً غير منطقية".
 
دخول المملكة العربية السعودية

في نهاية المطاف اتجهت الحكومة اليمنية إلى الرياض، الطرف الابرز في التحالف المناهض للحوثي، وذلك طلباً للمساعدة في فصل النزاع. وقد وصل جنود ومسؤولون السعوديون إلى سقطرى في 13 مايو / أيار، وفي اليوم التالي توسطت السعودية في اتفاق بين بن دغر ومسؤولين إماراتيين.

وبموجب الاتفاق، ستغادر القوات الإماراتية بحسب وكالة الأنباء اليمنية سبأ التي تديرها الدولة، وسيتم استبدالهم بجنود سعوديين سيقومون بتدريب قوات الأمن اليمنية وضمان الإبقاء على إمدادات المياه والكهرباء.

وفي غضون 24 ساعة، بدأت الإمارات العربية المتحدة في الانسحاب ـ ويبدو أنها عادت إلى مواقعها السابقة في البر الرئيس اليمني ـ وإن لم يكن بالسرعة التي يرغب بها العديد من السكان المحليين.

وقال مصدر في السلطة المحلية في سقطرى لـ "موقع ميدل ايست اي" بعض القوات الإماراتية غادرت الجزيرة، لكن هناك العديد من القوات التي لا تزال تعمل في الجزيرة ولم تغادر بعد. نصف الحل أفضل من عدم وجود حل على الإطلاق".

وردا على سؤال، لكن ماذا عن السعودية؟  رد المصدر "من الأسهل التعامل مع السعوديين أكثر من الإمارات، لأن السعوديين وصلوا بعد مطالب من حكومتنا ولم يغزوا الجزيرة مثل الإمارات العربية المتحدة".


*لقراءة المادة من موقعها الأصلي إضغط هنا

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر