(تقرير خاص) لـ"يمن شباب نت" يرصد ويتتبع كيف نفت مليشيات الحوثي عشرات المختطفين المفرج عنهم في صفقات التبادل

[ الصورة الرئيسية (الداخلية) لسجن سابق كان يتبع ميليشيات الحوثي بتعز (أرشيف) ]

 شكا عدد من المدنيين المفرج عنهم في صفقات تبادل الأسرى التي تمت بين قوات الشرعية بمحافظة "مأرب" وميليشيات الحوثي بصنعاء، من قيام الميليشيات بنفيهم قسرا من مواطنهم الأصلية بعد الأفراج عنهم.
 
وطوال السنوات الثلاث ونصف الماضية من حربها مع قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، والتي أعقبت انقلابها على السلطة الشرعية في سبتمبر 2014، دأبت ميليشيات الحوثي على اختطاف مدنيين آمنين من مناطق سيطرتها، لاسيما العاصمة صنعاء، معظمهم طلاب ومعلمين وأكاديميين، وذلك بهدف استبدالهم لاحقا بأسرى حرب من مقاتليهم الذين يقعون في قبضة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية أثناء المعارك.  
 
 واشتهرت الميليشيات الحوثية باختطاف مدنيين من مناوئيها بتهم كيدية من منازلهم ومقار أعمالهم أو من الشارع، وتعمل على إخفائهم قسريا قبل أن تكشف عن أماكن اعتقالهم بعد أشهر طويلة، لتقوم- من ثم- بتعريضهم للتعذيب بشتى الأنواع للضغط على أسرهم، إما لدفع مبالغ طائلة لإطلاقهم، أو بهدف إنجاح صفقات تبادل الأسرى التي يقوم بها وسطاء بين الحين والأخر.
 
تعد جرائم الاختطاف والاخفاء القسري والتعذيب من أبرز جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، التي تواصل ميليشيات الحوثي ارتكابها دون هوادة.
 
وبحسب آخر الإحصاءات، توفى أكثر من 130 مختطفا بيد ميليشيات الحوثي، جراء التعذيب. وما يزال مئات المختطفين المدنيين مخفيين قسريا، فيما يتعرض معظم المختطفين للتعذيب، ليتم إرغام أسرهم على التحرك عند الوسطاء لمبادلتهم بأسرى حرب من مقاتلي المليشيات.
 
النفي مقابل الإفراج
 
أكثر من (100) حالة رصدها مراسلو موقع "يمن شباب نت" الأخباري، لمختطفين- معظمهم مدنيين- تم الافراج عنهم في صفقات تبادل مقابل "أسرى حرب"، تمت بين الشرعية في مأرب ومليشيا الحوثي في صنعاء. حيث تعرض المختطفين للتعذيب أثناء فترة الاختطاف، ما حتم على حكومة الشرعية الاضطرار للقبول بتلك الصفقات، لاسيما بعد أن قضي العشرات من المختطفين تحت التعذيب بدم بارد ووحشية لا مثيل لها.
 
وفي كثير من الحالات، التي كشفها مراسلو "يمن شباب نت"، لا تكتفي الميليشيات بإطلاق مقاتليها في تلك الصفقات، بل تقوم بنفي من يتم إطلاقهم من الطرف الأخر، إلى خارج مواطنهم الأصلية، الواقعة تحت سيطرة الميليشيات.
 
وقد استمع مراسلو "يمن شباب نت" لشهادات عدد من المختطفين المفرج عنهم، والذين تم نفيهم إلى محافظة مأرب، التي تعد الحاضنة الأولى لحكومة الشرعية منذ الانقلاب.
 
على رأس هؤلاء، الصحفي "يوسف عجلان"، الذي اختطف من العاصمة صنعاء في 13 أكتوبر 2016، أثناء ذهابه الى المستشفى. لعام وشهر تقريبا ظل عجلان في سجون الميليشيات، وفي أواخر شهر نوفمبر 2017، تم اطلاقه ضمن صفقة لتبادل الأسرى.
 
يقول عجلان لـ"يمن شباب نت"، إنه تفاجئ بإدراج أسمه في صفقات تبادل الأسرى برغم أنه لم يكن أسير حرب. لم يكن يعلم كيف حدث ذلك؟ ولم يجد الإجابة الا بعد خروجه، عندما علم من أسرته أنها بذلت الغالي والنفيس في سبيل أطلاق سراحه ولكنها لم تجد نتيجة من قبل مليشيا الحوثي التي اختطفته وأخفته عنها مدة نصف عام، تقريبا، لم تكن خلالها تعلم عنه شيئا..!
 
ويتابع: بعد خروجي، علمت أن الشيخ القبلي "ناجي مريط"، وهو من منطقتنا، هو من قام بأدراج اسمي ضمن صفقة التبادل وفرض أسمي على الطرفين، واستمر التفاوض حول أسمي لمدة ستة أشهر قبل أن يوافق الطرفان، وكان إطلاقي مقابل أسير حوثي.
 
وأضاف عجلان: تم التبادل بإخراجي وتسليمي للوسيط الشيخ "ناجي مريط"، الذي أبقاني في صنعاء لدى أسرتي عدة أيام فقط، قبل أن ينقلني الى مأرب، فيما كان قد سُلِّم الاسير الحوثي لجماعته بصنعاء.
 
المختطف المحرر "كمال الوشاح"، وهو شاب عشريني، أطلق هو الأخر- بعد أكثر من عامين على اختطافه- ضمن صفقة تبادل أسرى، رغم أنه لم يشارك في المعارك. حسب تأكيده.
 
يقول الوشاح لـ"يمن شباب نت": "خرجت تبادل إلى مأرب، وتم التبادل في منطقة قانيه بتاريخ 29/ 2/ 2018، بعد أن يأس أهلي من المعاملة عند مليشيا الحوثي لمدة عامين، ولم يجدوا منهم الا الإصرار على التبادل، مؤكدين لهم إني لن أخرج الا بأسير لهم، مع أني لم أكن أسير حرب كما يعرفون جيدا".
 
ويؤكد على أن "ما يتعرض له المختطف من تعذيب بدني ونفسي، وأسرته من إهانات أثناء الزيارات، أسباب كافية للقبول بخيار الخروج بصفقات التبادل".
 
ويتفق معه أيضا، المختطف المحرر "رضوان ابو هدعش"، الذي خرج بصفقة تبادل تمت في محافظة الجوف في 10 ديسمبر 2017.
 
ويقول "أبو هدعش"، لـ"يمن شباب نت": خرجت تبادل لأنه لا يوجد حل للخروج من قبضه المليشيات. خصوصا وأن هناك انتهاكات واعتداءات فضيعة يرتكبونها في سجونهم، لذلك لم يكن أمامنا من خيار أخر إلا قبول الخروج بصفقة تبادل، رغم أننا لسنا أسرى، بل مدنيين تم اختطافنا بدون أسباب".
 
ومع ذلك، إلا أن الصحفي المحرر "يوسف عجلان" يصف عملية تبادل المختطفين بأسرى ونفيهم من مساكنهم الأصلية على أنها "ليست إلا جزءا من عملية الاختطاف نفسها، والتعذيب النفسي الذي يلحقونه بالمختطف. فبعد مغادرته زنازينهم يرمون به إلى زنزانة أخرى لا تقل جرما عن الأولى، فهم يقومون باعتقال كل شخص لا يسمع لهم أو يرفض أفكارهم". يقصد في حال بقاء المختطف المفرج عنه في موطنه الأصلي تحت الرقابة والمنع من الحركة، إذا ما قبل بذلك ورفض النفي بعيدا عن أسرته.
 
الاختطاف كـ"حيلة" للتبادل
 
 على هذا النحو؛ استمرأت مليشيات الحوثي الانقلابية مواصلة اختطاف الأمنين في المناطق التي تسيطر عليها بذريعة أنهم ضد الانقلاب، وتزج بهم في سجونها لفترة طويلة قد تتعدى العام والعامين وربما أكثر. وبعد ذلك تفاوض مقابل الافراج عنهم بالأفراج عن أسراها في الجبهات. حيث يتم مبادلة مدني للحكومة الشرعية بأسير حرب للميليشيات.
 
 لفترة طويلة، ظلت الحكومة الشرعية ومعها أيضا كثير من أسر المختطفين، ترفض ذلك كي لا تشرعن للميليشيات مواصلة اختطاف المزيد من المدنيين كلما وقع المزيد من مقاتليها أسرى في المعارك. لكن الميليشيات الحوثية، ولتحقيق بغيتها، قامت بتعريض المختطفين للتعذيب والتنكيل بشتى الوسائل، الأمر الذي أضطر أسرهم إلى البحث عن وسطاء لدى الحكومة لإنقاذ أبنائهم والقبول بصفقات التبادل.
 
وفي تعليقه على ذلك، بدأ الصحفي المحرر "يوسف عجلان" بالتعبير عن أسفه الشديد بشأن اضطرار الشرعية للقبول بعمليات التبادل. وقال، في سياق حديثه لـ"يمن شباب نت": كنا لا نتمنى أن تحدث عمليات تبادل أسري بمعتقلين ويتم شرعنه ذلك.."، قبل أن يستدرك في تبرير ذلك بالقول: "لكن الأن أصبح الأمر جدي. وربما هي الطريقة الوحيدة لخروج المعتقلين في ظل استمرار الانقلاب، لذلك نتمنى أن يعملوا ما بوسعهم لإخراج جميع المعتقلين في سجون الحوثيين دون انتقاء".
 
وأرجع المختطف المحرر "كمال الوشاح" سبب استمرار عملية الاختطاف إلى "عجز المليشيات على أسر رجال من الجيش الوطني، فلجأت إلى اختطاف الآمنين لتبادل بهم بحجج باطلة، وادعاءات مزيفة، واستمرار تلقيهم هزائم متكررة على يد المقامة والجيش الوطني والتي نتيجتها يقع عشرات المقالتين الحوثيين في الاسر".
 
ويتفق معه المختطف المحرر "رضوان مسعود"، الرئيس السابق لاتحاد طلاب اليمن بجامعة صنعاء، وعضو اللجنة التنظيمية لثورة 2011م، والذي أختطف في 11 اكتوبر 2016، من أمانة العاصمة، من أمام طيبة هايبر أمام جامعة الايمان، واستمرت فترة اختطافه واخفائه قسريا عشرة أشهر، تقريبا، تلقى خلالها صنوف التعذيب، ليتم الافراج عنه في 29 يوليو 2017، وتم نفيه إلى محافظة مأرب.
 
وفي حديثه لـ"يمن شباب نت"، يجزم مسعود بأن "جميع الانقلابين الذين في سجون الشرعية تم أسرهم من المعارك". وفي حين يرى أن هذا "دليل على الهزائم التي تتلقاها المليشيات في جميع الجبهات"، يستدرك: "ولذلك تقوم المليشيات بالتغطية على هزائمها باختطاف المواطنين من منازلهم".
 
ويشير إلى أن قبول الجانب الحكومي بصفقات التبادل جاء بسبب "ما يتعرض له المختطفين والمخفيين قسريا من التعذيب والتنكيل، وهو الأمر الذي لا يخفى على أحد، حيث وقد خرج العديد منهم جثث هامدة والبعض الاخر بإعاقات دائمة".
 
وفي المقابل، يشيد بدور الجيش الوطني "الذي يتعامل مع ملف المختطفين من منطلق أنه جيش يمثل الشعب"، مضيفا: لذلك، فهو- أي الجيش "ينظر للمختطف من قبل المليشيات بأنه مواطن له حق الحياة والعيش بحرية، وينظر في الوقت نفسه للمقاتل في صف المليشيات بأنه ضحية التعبئة الخاطئة للمليشيات".
 
 
بعد الاختطاف والتعذيب.. تبادل ونفي وتشريد

قضوا في سجون المليشيا فترات طويلة تتراوح ما بين العام إلى عامين دون مسوغ قانوني، قبل أن يأتيهم الفرج أخيرا وإن بمثل تلك الصفقات التبادلية الظالمة. ومع ذلك، لم تكتمل فرحة الكثير منهم، ليتشرد عشرات المختطفين المفرج عنهم بصفقات التبادل بعيدا عن أسرهم ومواطنهم الأصلية وأعمالهم التي كانوا يجنون منها معاشهم وأسرهم، ليعيشوا حاليا حياة النزوح في المحافظات المحررة أو خارج البلاد.
 
ويصف المختطف المحرر "الوشاح" هذا الحال، قائلا: "وضعنا وضع المهاجرين في سبيل الله. فقد أخرجنا من ديارنا بغير وجه حق". وأشار إلى أن وضع الذين خرجوا من سجون المليشيات بصفقات التبادل إلى مأرب "سيء للغاية، بسبب ارتفاع اسعار الإيجارات، فأصحاب العوائل في حال صعب للغاية، ونحن العزاب مشردين في الغالب، نفترش الأرض ونلتحف السماء".
 
ومثله، يؤكد الصحفي "عجلان" أن الوضع الذي يمر به بعد نفيه من مدينته المحببة إليه، العاصمة صنعاء، "سيء للغاية، بعيدا عن أسرته ومنزله، حيث أضطر لبيع أثاث بيته للحاجة للاستقرار في منطقة أخرى، ولا يستطيع العودة إلى صنعاء ولا مقابلة عائلته".
 
ولا يختلف عنهما المختطف المحرر "أبو هدعش" الذي يصف ما حدث بأنه "نفي قسري"، مؤكدا على أن وضعه حاليا والكثير من أمثاله "مهمش، مثل المهمشين في مخيمات النزوح".
 
وزاد الأخير عن سابقيه، بأن قال بحرقه: كنت أرغب بالتحذير من مواصلة الانجرار وراء صفقات التبادل على ذلك النحو الذي لا يحفظ للمُحَرَرِينْ حقهم في مواصلة حياتهم بشكل طبيعي ودون نفيهم قسريا. وذلك حفاظا على من تبقى من المختطفين لكي يتم الافراج عنهم الي منازلهم، ولا يتم نفيهم كمن سبقهم، ولكن طالما وأنه ليس هناك أي مخرج أخر غير التبادل، فليس هناك أي جدوى من هذا التحذير.
 
وأضاف: فتحرير المختطفين أولى، لأن عذاب التشرد والنفي، سيكون بكل تأكيد، أهون بكثير من عذاب السجون الحوثية.

لذلك، طالب بسرعة الافراج عن بقية الأسرى، بأي شكل من الأشكال.
 
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر