إهمال وتدهور وملصقات حوثية تملئ الجدران.. مستشفى الثورة بصنعاء يلخص مأساة الحرب (تقرير خاص)

[ العيادات الخارجية في مستشفى الثورة صورة منقولة من جوجل ]

"محمد" ينام على سرير متهالك وبجروح وكسور متعددة في أنحاء جسده في إحدى الممرات لمستشفى الثورة الحكومي بصنعاء، دون أي اهتمام طبي يجب أن يلاقيه مريض في حالة حرجة فيما الإهمال يفاقم حالته مما يجعل من الصعوبة أن يتماثل للشفاء ولو بشكل جزئي.
 
تتلخص مأساة الحرب في اليمن في أقسام مستشفى الثورة الحكومي والذي يعاني من تدهور في الخدمات الصحية بشكل غير مسبوق، حيث يبدو ذلك واضحاً من زيارة بسيطة أو التجول في غرف المرضى أو الممرات الرئيسة والتي تزدحم بالمرضى ومرافقيهم، وعدد قليل من الممرضات والموظفين.
 
يخشى "محمد" وكثيرمن المرضى والجرحى من إستياء حالتهم بسبب عدم الإهتمام وغياب الكادر الطبي المتخصص غير ان الأوضاع المادية تحبرهم على العلاج في مستشفى الثورة حيث لا يستطيعون تحمل التكلفة الباهضة في المستشفيات الخاصة، او السفر خارج البلاد.

يكتظ المستشفى بجرحى الحرب في جبهات القتال (الحوثيين) وضحايا القصف الجوي للتحالف العربي، بالإضافة إلى مواطنين مصابين بحوادث جنائية مختلفة حيث زادت نسبة الجريمة بشكل لافت نتيجة غياب الدولة والمؤسسات الأمنية وهو ما شكل حالة من الفوضى الأمنية دون رقيب.
 
إهمال كلي

تختزل المستشفيات الحكومية أوجاع الحرب بكل تفاصيلها الموجعة، وفوق كل سرير ضحية وقصة مأساة مرت بسلسلة من الأحداث التي تلخص معاناة اليمنيين مع الحرب للعام الرابع على التوالي، ومعها تتردى الخدمات الصحية وتحولت حالة المستشفيات إلى قصة أخرى من المعاناة الإنسانية الطويلة والتي تمتد بلا أفق.

في مستشفى الثورة الحكومي بصنعاء حالة من الفوضى وغياب كلي للاهتمام ليس فقط فيما يخص علاج المرضى بل كل شيء متدهور حيث تتكدس الأوساخ في الغرف والممرات والحمامات والروائح الكريهة بعكس ما كانت في السابق تنبعث روائح المنظفات والمعقمات، وتظهر الدماء على الملايات المتسخة في غرف الرقود بأقسام المستشفى المختلفة، والأتربة تنتشر كما تحولت جدران المستشفى إلى ملصقات للشعارات الحوثية.

يقول عامل نظافة من جنسية أجنبية بلغة ركيكة في "أنهم يعانون من انعدام المنظفات الأساسية في المستشفى للأرضيات ودورات المياه وأن إدارة المستشفى لا تهتم مطلقاً بما يخص النظافة والترتيب في اقسام المستشفى.
 
موظفين بلا رواتب

يعمل غالبية الموظفين والممرضين بلا رواتب منتظمة منذ أكثر من 18 شهر، غير أن عدد من الأطباء يعملون في المستشفى بتمويل من منظمات دولية وأبرزها "أطباء بلا حدود" و"اليونيسف" و "الصحة العالمية" والتي تعمل على تشغيل عدد من قطاعات المستشفيات الحكومية وتمويلها.

ورغم كل ذلك التمويل لكنه ليس مستمراً ولا يغطي مئات الموظفين في المستشفى بالإضافة إلى عدم انتظام المنظمات في تغطية النفقات والرواتب الأساسية شهرياً، وهو ما يفاقم المعيشية لدى الموظفين والممرضين والأطباء وحتى عاملي النظافة والتي تعد رواتبهم زهيدة.

"نادية مسعد" ممرضة في مستشفى الثورة تعمل منذ 10 سنوات ولازالت تنتظم بدوامها رغم انقطاع الراتب تقول "أن المستشفى يمر بحالة سيئة في ظل حالة الإهمال التي يعاني منها نتيجة عدم قيام الإدارة بمسؤوليتها في الحد الأدنى بالإضافة إلى سطوة الحوثيين وممارستهم العنجهية.

وأضافت في حديث لـ "يمن شباب نت" أن رواتب الموظفين ومستحقاتهم تعتبر المشكلة الأكثر تعقيدا لكنها جاءت بعد سلسلة مشاكل كبيرة يعاني منها المستشفى والذي يعاني من سوء الإدارة رغم ان هناك تمويل تقدمه المنظمات الدولية لاستمرار تشغيله.

وذكرت الممرضة نادية "أن معاناة كادر مستشفى الثورة مستمرة في انقطاع الرواتب لكنهم يعملون في الحد الأدنى من الأجور التي تسلمها ما بين الحين والآخر المنظمات" مشيرة "ان المعاناة الأكبر هي مع المسلحين الحوثيين الذين يقتحمون المستشفى ما بين الحين والآخر دون مراعاة أو احترام للكادر الطبي".
 
مستشفى بلا أطباء

رغم أن مستشفى الثورة كان خيار المواطنين الأقل تكلفة للحصول على الخدمات الطبية والعلاج، لكن الأن أصبح البعض من الناس يخشون من الإهمال الطبي والذي يفاقهم أمراضهم وغياب المتخصصين المحترفين، بالإضافة إلى إغلاق المستشفى أحياناً بوجه المواطنين عندما يكون هناك جرحى للحوثيين من جبهات القتال.

ويعيش غالبية الموطنين في صنعاء خيارات صعبة بين غيات دور المستشفيات الحكومية وتدهور خدماتها والتكلفة الباهظة للمستشفيات الخاصة والتي تحولت إلى تجارة مربحة للمستثمرين، والعلاج فيها للأغنياء فقط الذين بمقدرتهم دفع الفاتورة الباهظة لتلك المستشفيات المنتشرة بكثافة.

"حامد غالب" (45عام) كان يقلب أوراق الفحوصات وكان عائد من إحدى المستشفيات الخاصة للاستفسار عن تكلفة عملية جراحية لشقيقة الثلاثيني الذي يرقد في مستشفى الثورة الحكومي منذ أشهر نتيجة تعرضه لعدة لكسور إثر حادث مروري.

يقول "غالب" في حديث لـ "يمن شباب نت" ان مستشفى الثورة لا يوجد فيه متخصص لإجراء العملية لشقيقة وهو مضطر للانتقال إلى مستشفى خاص لإجراء العملية والتي ستكلفه خمسة أضعاف مقارنة بالمستشفى الحكومي.
 
وضع صحي سيئ

وخلال أربع سنوات من الحرب الدائرة في عدد من المحافظات اليمنية، تفاقم الوضع الصحي في ظل تزايد الجرحى والمعاقين من جبهات القتال وأيضا نتيجة قصف مقاتلات التحالف العربي وقصف الحوثيين للأحياء السكنية، ووفقا لإحصائيات فإن أكثر من نصف المرافق الطبية اليمنية مغلقة بشكل جزئي أو مدمرة بالكامل.
 
وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية فإن 14.8 مليون يمني لا يحصلون على خدمات الرعاية الصحية، بما في ذلك 2 مليون من النازحين والمشردين داخليا، وأن 14.5 مليون شخصا لا يمكنهم الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب والصرف الصحي وخدمات النظافة، بما يزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض المعدية والملاريا والجرب.
 
وتشهد اليمن نقصاً حاداً وخاصة الامراض المزمنة كالسرطان وضغط الدم والسكري، وكذلك نقص المستلزمات الطبية للحالات الحرجة وأكياس الدم وغيرها من الضروريات كأدوية علاج الملاريا وحمى الضنك وعلاج سوء التغذية مع وجود أكثر من 462 ألف طفلا يعاني من سوء التغذية الحاد لدرجة تهدد حياتهم بالخطر.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر