الالتزام بوحدة اليمن.. بين تصريحات التحالف وواقع الانفصال (تقرير خاص)

[ جندي من القوات المدعومة امارتياً التي تنادي بالانفصال في عدن ]

شدد القادة العرب في القمة التي انعقدت مؤخرا في المملكة العربية السعودية، التزامهم بوحدة اليمن واستقلاله وسيادة أراضيه، في موقف عربي موحد وقوي، يعكس توحد الرؤية الاقليمية والدولية، تجاه انهاء الانقلاب الذي قادته المليشيا الحوثية الايرانية.
 
وعكس البيان الختامي الصادر عن القمة، التزام القادة العرب، بحل الأزمة اليمنية، وفقا للمرجعيات الثلاث المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، والقرار الأممي 2216، وتصدرت القضية اليمنية البيان الختامي؛ لاجتماع القادة العرب، بعد القدس والقضية الفلسطينية.
 
العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، جدد تأكيد بلاده باعتبارها رئيسة القمة، وقائدة التحالف العربي في اليمن، بهزيمة الانقلاب وفقا للمرجعيات الثلاث، كمدخل لحل الأزمة اليمنية، بما في ذلك مواجهة التهديدات والمخاطر التي تواجه الوحدة اليمنية وسلامة أراضيه.
 
تأكيد حكومي
 
واستغلت الحكومة اليمنية هذا الموقف العربي الموحد تجاه الوحدة اليمنية؛ لتوظيفها فعليا في دعم الشرعية، حيث دعا رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، في كلمته الدول العربية، الى الوقوف خلف السعودية؛ لمواجهة التهديدات التي تمثلها ايران على المنطقة العربية، وربما كان يشير في كلمته الى الامارات، التي تمنعه من العودة الى عدن. بحسب مراقبين.
 
أما وزير الخارجية الدكتور عبد الملك المخلافي، فقد أكد في مقابلة له على قناة ال بي بي سي، مسؤولية الامارات عن منع هادي من العودة الى عدن، وتهديدات وحدة البلاد جنوبا، ليرفع من خطاب الحكومة المنتقدة للأمارات من خلال التذكير بمشروعية تدخل التحالف العربي برمته، بدعم من الشرعية وعلى رأسها الرئيس هادي، والذي تقوضها الامارات، من خلال دعمها لمليشيا الانقلاب، (فرع الجنوب)، التابعة لعيدروس الزبيدي، وهاني بن بريك.

وأثارت هذه التصريحات الاعلامية، عدة تساؤلات، عن مدى التناقض أو البون الشاسع، بين ما يُقال من تصريحات إعلامية، في مختلف المحافل العربية والاقليمية والدولية، وبين الواقع الميداني الذي يؤكد أن الانفصال بات يتشكل كل يوم، بصورة أكثر وأوضح، بفعل عوامل مختلفة كان التحالف أو بعض دول التحالف مساهما فيها بصورة رئيسية.

 المرجعية الرابعة
 
وأبدى كثير من المراقبين، تفاؤلا كبيرا عقب التأكيد الذي أبداه الزعماء العرب خلال القمة العربية، فيما يتعلق بالوحدة اليمنية، وسيادة واستقلال أراضيه، مؤكدين أن توصيات هذه القمة بمثابة مرجعية رابعة بإجماع عربي، تُضاف الى المرجعيات الثلاث المتفق عليها أمميا والمتمثلة بالمبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار، والقرار الأممي 2216.
 
وفي هذا الصدد، اعتبر الوزير السابق، خالد الرويشان، أن تأكيد القمة العربية على وحدة اليمن، ربما تكون هي الحسنة الوحيدة لهذه القمة. وقال: "الحسنة الوحيدة للقمة العربية؛ هي تأكيدها على وحدة اليمن، والمرجعيات الثلاث في توقيتٍ مهم".
 
وأضاف في منشور له على صفحته بالفيس بوك: "أعلنت القمة ذلك بكل وضوح". مؤكدا "أن اليمن ربِحَ مرجعية رابعة بإجماعٍ عربي". حسب قوله.
 
بروتوكول فحسب!
 
ورأى أخرون، أن التشديد على الوحدة اليمنية، في هذه القمة العربية، لا تعني أن الوحدة بخير، وأن كل شيء على ما يرام، مؤكدين على التناقض الذي يبديه التحالف، من خلال هذه التصريحات، وبين ما يجري على الأرض من دعم لمكونات تعمل على تقويض الوحدة اليمنية، من خلال دعم بعض دول التحالف للكيانات المشبوهة، والتي تعمل ضد الوحدة اليمنية، وتعلن ذلك في أدبياتها وبشكل لا يخفى على أحد. مشيرين الى أن هذا التشديد الذي أبداه الزعماء العرب حيال قضية الوحدة اليمنية، ليست سوى بروتوكول دبلوماسي فحسب.
 
وفي هذا السياق، يرى الصحفي اليمني محمد الأحمدي، أن "قضية التشديد على وحدة اليمن؛ ليست أكثر من مسألة بروتوكولية، تأتي مؤشراً على أن الوحدة مهددة، وليست نابعة من مواقف حقيقية".
 
وأكد الأحمدي، في حديثه لـ "يمن شباب نت"، أن هذا التأكيد العربي على الوحدة اليمنية، ليس سوى محطة لبيع الوهم فحسب. وقال:  هذا التشديد العربي على الوحدة "مثلها مثل قرارات مجلس الأمن، الذي يشدد على الوحدة كجزء من بروتوكول دولي يبيع أوهاماً". حسب وصفه.
 
أمر ايجابي ولكن؟!
 
من جهته يرى الصحفي والمحلل السياسي، عامر الدميني، أن "التأكيد الذي خرجت به القمة العربية مؤخرا، حول الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، من الناحية النظرية هو أمر إيجابي، خاصة في هذا التوقيت الذي ترتفع فيه الأصوات التي تطالب بالتشطير، وتطل مشاريع التمزق برأسها".
 
واستدرك حديثه عن هذه الايجابية بالقول: "أن الموضوع - يعني الوحدة اليمنية - بنفسه؛ لم يكن بحاجة إلى تأكيد، ولا يجب أن تخضع هاتين القضيتين للنقاش، أو تصبح مضامين لبيان سياسي موسمي، فهي من المسلمات الأساسية التي يفترض أن تكون ثابتة على الدوام، ولا تحتاج لمن يعيد التذكير بها، أو يصعدها لتصبح محور نقاش وتأكيد من جديد".
 
وأوضح الدميني في حديثه لــ"يمن شباب نت"، أن "المشكلة التي نواجهها اليوم، هي الهوة الواسعة بين التصريحات الصادرة عن التحالف العربي، وبين ما يجري على الأرض". مشيرا الى أنه "عندما تدخل التحالف في اليمن مطلع العام  2015م أكد أنه يسعى للحفاظ على الوحدة اليمنية، وسلامة الارض اليمنية، وفي كل محطات السلام، والبيانات الصادرة عن التحالف أو مجلس الأمن، ستجد أن هناك تأكيدات على هاتين القضيتين، لكن الواقع يقول شيء مختلف".
 
وأضاف: "الوحدة اليمنية تتعرض اليوم  للتمزيق والإساءة والاغتيال والذبح على يد التحالف العربي نفسه ممثلا بدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تعد أبرز المشاركين في التحالف، ووصل الأمر إلى عمليات طرد وحالات قتل وانتهاكات متواصلة داخل مدن الجنوب وفقا للهوية، وتنامت النزعة التشطيرية بشكل أعمق، وغذت الإمارات ثقافة الكراهية بين الناس والشحن المناطقي بطريقة لم نشهدها خلال الـ20 عاما الماضية، وبتنا اليوم أمام انفصال معنوي قائم ومتجسد على الأرض".
 
وأكد عامر الدميني أن الوحدة ليست بحاجة لبيانات سياسية أو مجرد عبارات تنديد، أو تأكيد ووعود، وانما لتحرك عملي جاد يمنع اليمن من الانزلاق نحو مشاريع التشرذم والتمزق والانفصال. مؤكدا "أننا اليوم بحاجة لأن تتطابق الشعارات بالأفعال، وما دون ذلك فالتحالف يكون قد سوق الكذب، وتسبب بتمزيق بلد، وإغراقه بالأزمات، وبالتأكيد سينعكس هذا عليه ايضا". حسب قوله.
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر