إب.. قرابة (50) ضحية في مارس فقط.. جرائم الحوثيين تطغى على "السلام" المزعوم (تقرير خاص)

[ مواطنيين من منطقة "دار الشرف"- محافظة إب- أعدمتهم ميليشيات الحوثي ]

 
هنا في محافظة "إب"، حيث لا حرب ولا جبهات قتال، وقد غادرها سلاح المقاومة باكرا حفاظا على الأرواح. إلا أن الموت الذي فر منه أبناؤها باسم "السلام" المزعوم، لم يغادرها يوما، وظل يعربد في أرجائها، تحفه أجنحة الميليشيات الجاثمة على صدرها الحلوب.  
 
ما بين القتل بسلاح الميلشيا (المتعمد، والطائش والمنفلت)؛ وانتهاكاتها الجسيمة، والحوادث الأمنية- التي غالبا ما تكون هي طرفا رئيسيا فيها، يحصد الموت عشرات الأرواح شهريا في إب.
 
في شهر مارس/ آذار الفائت، فقط، بلغ عدد الضحايا قرابة 50 شخصا، ما بين قتيل وجريح. حيث أسفرت تلك الانتهاكات والحوادث الأمنية المختلفة عن مقتل 37 شخصا، بينهم 32 مدنيا، وأربعة مسلحين حوثيين وجندي أمن واحد. بينما أصيب 12 شخصا، بينهم 11 مواطنا مدنيا، وقيادي حوثي واحد.
 
أنظر الجدول المرفق أدناه، والذي يوزع الضحايا وفقا لنوعية الجرائم والحوادث والانتهاكات المرتكبة: 



ملاحظة: هذه الجرائم والحوادث تقتصر فقط على التي نشرت وتم حصرها وتوثيقها إعلاميا، في حين أن هناك أخرى لم يتم تناولها بسبب التعتيم الإعلامي والتكتم الأمني المفروض من قبل الميليشيات على مناطق سيطرتها.
 

إعدامات وتصفية

منذ سطرتها على محافظة إب، أواخر العام 2014، لم تتوقف ميليشيات الحوثي من ارتكاب جرائمها ضد المدنيين بسبب وبدون سبب. وكانت جرائم الإعدام والتصفية من أبشع الجرائم التي ظلت تشهدها المحافظة من حين إلى آخر على أيدي مسلحي الجماعة.
 
وفي شهر مارس/ آذار الفائت، فقط، وثق مراسل "يمن شباب نت" في المحافظة، إعدام ثلاثة مواطنين تم تصفيتهم على أيدي مسلحين حوثيين بطريقة بشعة في جريمتين منفصلتين خلال الشهر.
 
حدثت الأولى في 17 مارس/ آذار الماضي في مديرية المخادر، شمال إب. حيث قامت بتصفية مواطنين اثنين مصابين بعد اختطافهما من داخل مستشفى كانا يتعالجان فيه من الإصابة على خلفية مواجهات مسلحة شهدتها محطة مارح في الدائري الغربي وراح ضحيتها جندي يتبع الميليشيات.
 
ووفقاً لشهادات محلية، فقد قامت مليشيا الانقلاب الحوثية- بقيادة شقيق مشرف الحوثيين في مديرية المخادر- بمحاصرة مستشفى المجد التخصصي بستة أطقم وعشرات المسلحين، قبل اقتحامه بالقوة واختطاف ثلاثة مصابين واقتيادهم إلى مديرية المخادر. وبعد عملية تعذيب كبيرة، اقدمت على تصفية اثنين منهم أمام أسرة الجندي المقتول "على صالح محي الدين"، فيما أخفت الثالث.
 
ووفقاً لاعترافات حوثية، فقد تمت عملية الإعدام البشعة بإطلاق وابل من الرصاص على المختطفين، ومن ثم قاموا بإخفاء جثتيهما، ليعُثر عليهما لاحقا مرميتين في إحدى شعاب المنطقة.
 
أما الحادثة البشعة الأخرى، شهدتها مديرية القفر في الـ22 من الشهر نفسه. حيث أقدمت الميليشيات، بقيادة القيادي الحوثي المدعو "أبو قفري" على إعدام المواطن "محمد المرادي" بعد أن قامت باختطافه.


 
وسعى مراسلنا بالمحافظة إلى معرفة تفاصيل الجريمة، والتقى ببعض أقارب الضحية الذين كشفوا لـ"يمن شباب نت" بشكل حصري، أبرز وأهم تلك التفاصيل، بينها تأكيدهم على أن هذه الجريمة تأتي- بداية- امتدادا لجرائم استهداف الأسرة من قبل هذه الميليشيات منذ أكثر من عامين.  
 
وبحسب أسرة المرادي، أختطف مسلحون حوثيون الشاب "محمد غالب المرادي"، ثم قاموا بتعذيبه لفترة طويلة، مستخدمين في ذلك أبشع وسائل التعذيب، قبل أن يضعوا في ملابسه وعلى أنحاء متفرقة من جسمه المنهك جراء التعذيب، عدد من القنابل وتحويله إلى "نصع"- (أي هدف)- لنيران بنادقهم، حيث قاموا من مسافة قريبة بإطلاق نيرانهم على القنابل التي زرعوها في جسمه لتتفجر وتتشظى في جسده حتى الموت.
 
ضحايا السطو على الأراضي

وفقا للرصد والتوثيق الذي قام به "يمن شباب نت"، لشهر مارس الماضي، ارتكبت مليشيا الحوثي الانقلابية في محافظة إب عددا من جرائم القتل المباشر لمواطنين على خلفيات عدة، بينها النزاع والسطو على الأراضي، والتي تزايدت بشكل كبير وملفت.
 
وتشهد محافظة إب، الخاضعة لسلطات الانقلابيين، ما يشبه احترابا أهليا بين المواطنين نتيجة تفشي النزاعات على الأراضي، والتي خلفت عشرات القتلى والجرحى، في ظل فوضى أمنية تشهدها المحافظة التي تدير فيها المليشيات عصابات سطو ونهب أراضي المواطنين، وسط غياب شبه تام لأجهزة القضاء والنيابات، والتي تتهم أصلا بأنها تحولت إلى سلاح آخر بيد المتنفذين.
 
ومن بين أحدث ضحايا النزاع على الأراضي، قبل ثلاثة أسابيع تقريبا، مقُتل ثلاثة مواطنين وإصابة طفل، جميعهم من أسرة واحدة في نزاع على أرضية بمديرية السبرة، شرق إب.
 
وأكدت مصادر محلية في المديرية، لمراسل "يمن شباب نت" قيام مسلحين من أسرة "الزبيدي"، بقتل ثلاثة وإصابة طفل رابع من ذات الأسرة في خلافات أسرية على أراضي، بعد أيام من تقسيم أراضي بين الأسرة الكبيرة، والتي لم تروق للجناة المدعومين بمسلحين حوثيين، حيث قاموا بارتكاب جريمتهم وفروا إلى جهة مجهولة.
 
والضحايا الثلاثة الذين سقطوا قتلى في الحادثة هم: أحمد عبده صالح الزبيدي، ونجله الطفل عبد الهادي، إلى جانب شقيقه صالح عبده صالح الزبيدي، فيما أصيب نجله الأخر الطفل صادق أحمد عبده صالح الزبيدي.
 
وقبلها بأيام، قامت مجاميع مسلحة تابعة للمليشيات الحوثية في عزلة المكتب بمنطقة شبان، جنوب مدينة إب، بقتل مواطن في أرضه، أثناء محاولة متنفذين يتبعون ميليشيا الحوثي السطو على أرضيته. بل إن العصابة قامت، بعد قتله، باختطاف جثته على متن سيارة "هيلوكس" غمارتين وأخذها إلى مكان مجهول. بحسب ما أكدته مصادر لمراسلنا بالمحافظة.

نماذج أخرى متنوعة

وإلى جانب حوادث النزاع على الأراضي، ثمة حوادث أخرى أخذت طابع الاستهداف بالقتل المباشر على خلفيات متنوعة، بعضها يتعلق بأسلوب إدارة الميليشيات لمخاوفها الأمنية بالمحافظة، وبعضها ذو علاقة بتهم كيدية.
 
على سبيل المثال: في منتصف الشهر (أي مارس الفائت)، قامت نقطة حوثية في مديرية السياني، جنوب مدينة إب، بإطلاق النار على الشابين يوسف محمد أحمد حمزة، وشقيقه عبدالهادي، وذلك بعد توقفهما للتفتيش، ما أدى إلى مقتل الأول وإصابة الثاني بإصابات بالغة.
 
ولم يعلم- على وجه الدقة- أسباب الحادث. حيث وأن الميليشيات هي من تحدد الأسباب على كيفها دون أن يقدر أحد على تكذيبها أو حتى مراجعتها، ناهيك عمن يحاول البحث عن الحقيقة، أو يطالب بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة...!
 
وفي الشهر نفسه، قام مسلحون حوثيون بنصب كمين لمسلح قبلي في مديرية العدين، يدعى "منصور النجار"، بتهمة قيامه بعمليات مقاومة ضد تواجدهم في المديرية، وقتلته بشكل مريع مع نجله ونجل شقيقه، بعد مواجهات مسلحة معهم أسفرت أيضا عن مقتل أربعة مسلحين حوثيين وإصابة مشرف حوثي.
 
ومن بين ضحايا القتل المباشر في شهر مارس أيضا، الطفل عبد الإله الشجاع، الذي قتل على يد مرافق مشرف حوثي في بعدان، وكذا الشاب أمجد فيروز الذي قتل هو الآخر برصاص نقطة للحوثيين في السحول، وتعرض شاب أخر في مديرية القفر للإصابة برصاص مشرف حوثي.
 
منظمة: جريمة كل ساعتين

في تعليقه لـ"يمن شباب نت" على تلك الجرائم والانتهاكات الحوثية، وكذا الحوادث الأمنية الأخرى التي تشهدها المحافظة بشكل شبه يومي، كشف رئيس منظمة رصد للحقوق والحريات، عرفات حمران: إن محافظة إب تشهد جريمة كل ساعتين وذلك منذ 14 أكتوبر 2104م.
 
وأضاف: كل يوم تشهد "إب" جرائم بشعة، في ظل انفلات امني ممنهج: قتل تحت التعذيب، إعدامات ميدانيه، اختطافات، تجنيد إجباري...، وغيرها من الجرائم والحوادث التي ينجم عنها ضحايا في الأرواح أو إصابات في الأجسام، فضلا عن انتهاكات أخرى تتعلق بالمعيشة العامة والتضييق على المواطن، بما في ذلك فرض رسوم وجبايات على التجار بشكل يومي..الخ.
 
ولفت رئيس منظمة رصد للحقوق والحريات إلى أن المحافظة "شهدت أكثر معدلات جرائم التصفية والإعدامات، والتي تعد من الجرائم الجسيمة التي ترقى إلى جرائم الحرب ولا تسقط بالتقادم"، مؤكداً بأن المنظمة "تعمل على توثيقها، من أجل تعويض الضحايا وعدم إفلات مرتكبيها من العدالة، ومهما تخفى المجرم وراء أي لافتة، إلا أن كل من تورط في تلك الجرائم أصبح معروف إسما لا كنيه".
 
وفي حين أنه من الواضح بأن تمادي الميليشيات في انتهاكاتها يرجع إلى خلو الساحة كاملة لها في مناطق سيطرتها دون حسيب أو رقيب..،

يؤكد حمران على أن: تأخر الحسم فاقم من المشكلة، وأعطى غطاءً للمليشيا لمزيد من الإجرام، وسط تعامل ناعم وغض للطرف من قبل المنظمات الدولية.
 
  
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر