حفلات الأعراس.. ميدان جديد للسياسة والتندر في اليمن

[  حفلات الأعراس.. ميدان جديد للسياسة والتندر في اليمن ]

فرض الصراع في اليمن نفسه على كل تفاصيل حياة اليمنيين الذين يعانون منذ 3 سنوات ويلات حرب أشعلتها مليشيا الحوثي، فالحرب ليست في جبهات القتال أو وسائل الإعلام فحسب، بل بدت مظاهرها في حفلات الأعراس، رغم أن اليمنيين اعتادوا على ترك الخلافات جانباً في المناسبات الاجتماعية.

البداية من حفلات أعراس حوثية خرجت عن المسار المعتاد؛ حيث استبدلت أغاني وأناشيد الزفة بالزوامل (فن شعبي استخدمه الحوثيون ووظفوه في حروبهم والترويج لأفكارهم)، كما يقوم المنشدون الحوثيون بالدعاء على خصومهم.

في المقابل تعمد الفنانون والمنشدون المناهضون للحوثيين، الذين يعتبرون امتداداً للملكية الإمامية البائدة، بعزف النشيد الوطني اليمني بافتتاح الزفة، في إشارة إلى تمسك اليمنيين بالنظام الجمهوري.

- أغان وصور

وانتهى حكم الإمامة بفعل ثورة الـ16 من سبتمبر عام 1962، لكن الحوثيين يسعون لإعادة هذا الحكم الذي يلتقي مع الفكر الخميني في ولاية الفقيه، وأن الحكم فقط لمن يزعمون أنهم من آل بيت رسول الله.

فنانون يوالون الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، منهم حسين محب وحمود السمة، جعلوا من الأعراس التي يحيونها فرصة للترويج لأغاني تمدح وتمجد صالح وحزب المؤتمر الشعبي العام.

كما أن بعض حفلات الزفاف تحضر فيها صور معلقة لشخصيات سياسية، كما يحدث مع الحوثيين الذين يحرص بعضهم على تعليق صورة زعيم الميلشيا عبد الملك الحوثي ومؤسسها شقيقه حسين الحوثي، الذي لقي مصرعه في العام 2004، عند إخماد الجيش اليمني لنار فتنته الأولى.

- الضيافة احتجاج

الأوضاع المعيشية والإنسانية الصعبة التي خلفتها حروب الحوثيين على اليمنيين جعلت المواطنين غير قادرين على تقديم الضيافة التي تقدم للعرسان، التي تتنوع بين المبالغ المالية أو الماعز والخراف ويُطلق عليها "ضيافة".

لكن القمع الذي يمارسه الحوثيون بحق المواطنين المطالبين بالخدمات والمرتبات، وقبل ذلك المعارضون والمناهضون للمليشيا، حتى أولئك الذين لجؤوا لمواقع التواصل الاجتماعي للمليشيا، حوّل الضيافة إلى وسيلة للاحتجاج والسخرية من الحوثيين.

فناشطون في محافظة ذمار أهدوا عريسَين أسطوانة غاز، في تصرف ساخر من أزمة الغاز وسعره المرتفع الذي تفرضه سلطة الحوثيين، والذين يبيعون الأسطوانة بـ3 أضعاف سعرها الحقيقي لتمويل عملياتهم الحربية.

وكتب على الأسطوانة المقدمة للعريسين أحمد صريم وسلمان المنيفي (هدية مقدمة من الناشطين والحقوقيين م/ ذمار)، حيث أثارت هذه الهدية دهشة الحاضرين لمراسم الزفاف.

- مدينة النكتة

ذمار نفسها شهدت حادثاً مماثلاً؛ فبعد أن انقطعت المياه عن المنازل لأسابيع، قدم مدعوون إلى حفل زفاف غالون مياه سعة (20 ليتراً) للعريس إياد الوسماني هدية حفل زفافه، وكتبوا على عبوة الماء الفارغة "إهداء المؤسسة العامة لقطع المياه وسد المجاري في ذمار"، تعبيراً عن أزمة انعدام المياه في المدينة الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين وقوات صالح.

وتعد مدينة ذمار مركز النكتة في اليمن، فقد سبق أن أقام أهلها جنازة شيعوا خلالها الريال اليمني قبل سنوات، بعد هبوط قيمته أمام العملات الأجنبية، قبل أن يقوموا بدفنه.

وفي فترة حكم الرئيس المخلوع صالح ضاق الذماريون من كثرة المشاريع غير المنفذة، فجمعوا أحجار الأساس (جدار ولوحة رمزية يعلن من خلالها البدء في تنفيذ مشروع ما) في إحدى الناقلات، ونقلوها إلى بوابة دار الرئاسة في صنعاء.

- التخلف والصراع

ظاهرة تسييس المناسبات الاجتماعية في اليمن ترجعها المتخصصة الاجتماعية اليمنية عائشة الصلاحي إلى التخلف، وقالت لـ"الخليج أونلاين": إن "هذا هو ديدن الشعوب المتخلفة المليئة بالعوز والحاجة، تلك التي ليس لها فكر مدني ولا متنفسات حضارية".

وأشارت الصلاحي إلى أنه في حالة التخلف تصبح الشعوب قابلة للهرج والمرج، وتخلط كل شيء بكل شيء.

أما الباحثة الاجتماعية، إيمان أحمد، فترى أن تسييس المناسبات الاجتماعية في اليمن ظاهرة سلبية بحتة، ويترتب عليها مشاكل متعددة.

ووصفت في حديثها لـ"الخليج أونلاين" علاقة المجتمع اليمني بالسياسة بالقوية جداً، حيث إن كل مكونات المجتمع تتحدث في السياسة وعلى مختلف المستويات، حتى الأطفال أصبح كلامهم سياسياً.

وأرجعت الباحثة الاجتماعية اليمنية سبب ذلك إلى الصراعات والنزاعات والحروب المستمرة التي تشهدها البلاد منذ سنوات، وأيضاً وجود الأحزاب، حيث أصبح الجميع سياسياً وينتمي لتيارات ومجموعات مختلفة الآراء والأفكار.

وأوضحت أن التعامل وفقاً لمعايير سياسية جلب مشاكل اجتماعية عديدة، ليس فقط في الأعراس بل فيما هو أعمق وهو اختيار شريك الحياة، فأصبح الانتماء السياسي مؤثراً في بعض الحالات على اختيار شريك الحياة، وهو أمر سلبي جداً، بحسب وصفها.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر