المبادرة الحوثية للحل السياسي.. مجرد مناورة أم إعلان استسلام؟! (تقرير خاص)

[ صورة تعبيرية لمليشيا الحوثي - رويترز ]

بعد أربع سنوات من الحرب التي تشنها ضد اليمن واليمنيين، أعلنت مليشيا الحوثي، تقديمها مبادرة سلام لوقف الحرب، وذلك خلال مذكرة قدّمها رئيس ما يسمى بـ "اللجنة الثورية" التابعة للحوثيين، محمد علي الحوثي، يوم الثلاثاء الماضي (19 فبراير) الى الأمين العام للأمم المتحدة.
 
وتضمنت بنود "المبادرة" وفقا للمذكرة، "تشكيل لجنة للمصالحة، والاحتكام للصندوق في اختيار رئيس وبرلمان للبلاد، ووضع ضمانات دولية لإعادة الإعمار وجبر الضرر". كما أكدت على منع "اي دولة من الاعتداء على اليمن، والعفو العام عن جميع المعتقلين من أطراف الحرب، ووضع أي ملف مختلف عليه للاستفتاء الشعبي".
  
وجاء اعلان المليشيا الحوثية، لهذه المبادرة، قبل أيام من انعقاد مجلس الأمن الدولي جلسته الخاصة بشأن اليوم، والتي سيقدم فيها المبعوث الأممي السابق الى اليمن، اسماعيل ولد الشيخ أحمد، احاطته الأخيرة بشأن اليمن في الـ 27 من الشهر الجاري.
 
كما جاءت في أعقاب تقرير فريق خبراء مجلس الأمن الدولي، والذي تم تقديمه الخميس الماضي (15 فبراير) الجاري الى مجلس الأمن، والذي أكد على أن "اليمن كدولة ربما أنه قد ولى".
 
ويرى مراقبون ان هذه المبادرة التي تم اعلانها من قبل الحوثي، وتحديدا من قبل رئيس ما يُسمى بـ"اللجنة الثورية العليا"، التابعة للحوثيين، "لا تعدوا عن كونها محاولة استباقية، من قبل المليشيا لعدم وضع "محمد الحوثي" في قائمة الأسماء المعرقلة للتسوية السياسية في اليمن، وذلك خلال جلسة مجلس الأمن القادمة".
  
تحذيرات حكومية
 
وتزامن اعلان المليشيا الحوثية لتلك المبادرة، مع قرار أمين عام الأمم المتحدة، انطونيو غوتيريش، بتعيين البريطاني، مارتن غريفيثس، مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، خلفاً لإسماعيل ولد شيخ أحمد الذي ينتهي عقده الحالي مع نهاية فبراير الجاري.
 
وردت الحكومة اليمنية، على مبادرة الحوثي، بالتأكيد أن المليشيا الحوثية، لا تؤمن بالسلام الحقيقي، وان هدفها من اطلاق تلك المبادرة ليس سوى مناورة لكسب الوقت فحسب، مؤكدة ان طريق السلام هو تنفيذ القرارات الأممية بشأن الحل السياسي في اليمن.
 
وحذر وزير المياه والبيئة، في الحكومة الشرعية، الدكتور عزي شريم، "من الانجرار وراء ما أعلنه المتمردون الحوثيون مما ادعوا أنه «مبادرة سلام». مؤكدا أن ميليشيا الحوثي لا تؤمن بالسلام الحقيقي، بل تناور لكسب الوقت لإعاقة عملية تحرير المناطق الواقعة تحت سيطرتها في أعقاب الانتصارات المتلاحقة للجيش الوطني في الفترة الأخيرة".
 
وأوضح شريم في تصريحات صحفية، أن الحوثيين يتعرضون لضغوط دولية شديدة، وانهيارات ميدانية كبيرة، ويحاولون الهروب من هذه الضغوط بالحديث عن السلام. داعيا اياهم الى تنفيذ القرار 2216 إذا كانوا جادين في السلام".
 
مناورة تكتيكية
 
وفي هذا الصدد، يرى الدكتور عبد الباقي شمسان، استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، أن "الحوثيين ليس لديهم مبادرات أو مشروع سلام؛ لأن هؤلاء لديهم مشروع متمثل باستعادة السلطة التي قطعها شعبنا في الــ 26 من سبتمبر 1962م، وتحديدا بعد اتفاقية الملكيين والجمهوريين في سبعينات القرن الماضي". لافتا الى أن هذه المبادرة عبارة عن "حركة تكتيكية؛ لكسب المزيد من الوقت".
 
وأوضح شمسان في حديث خاص لـ"يمن شباب نت"، أن مليشيا الحوثي تعمل على تسويق نفسها دوليا بعد قتلهم لحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح في الــ 4 من ديسمبر الماضي.
 
وقال "الحوثيون الان يحاولون بعد تصفيتهم لحليفهم صالح، ان يجدوا لهم تسويقا دوليا، للاعتراف بهم كطرف اصيل، يسعى للسلام". محذرا من خطورة هذا الأمر، كون الاطراف الدولية التي ستتعاطى معهم على هذا النحو "ستعود للاعتراف بهم، كطرف وحيد في صنعاء، وفي الجغرافيا التي يهيمنون عليها".
 
وشدد على مخاطر التسوية السياسية مع الحوثيين وفقا لمشروعهم، مؤكدا "ان الذهاب الى تسوية وفقا لمشروعهم، يعني انهم حققوا انتصارا في الاعتراف بهم كطرف أصيل ووحيد في صنعاء، والجغرافيا التي يسيطرون عليها". مؤكدا أن "التعاطي مع تلك المبادرة من قبل السلطة الشرعية، تمنح الحوثيين اعترافا شرعيا بهم كطرف سياسي، وتخرجهم من موقفهم الصعب الذي هم فيه قبل انعقاد مجلس الأمن، وتصنيفهم كمليشيا معرقلة للوضع في اليمن".
 
وأشار الدكتور شمسان، الى "أن مليشيا الحوثي من خلال هذه المبادرة، تحاول قطع علاقتها مع كل الجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب اليمني، عبر محاولتهم وضع مشروع سلام، وذلك بعد تحقيقهم لمصالحهم الخاصة، والمتمثلة ببناء كيان موازي للدولة، والاستيلاء على السلطة، وشراء العقارات، ونهب المال العام، وتغيير المناهج الدراسية، وتمزيق النسيج المجتمعي، وقتل اليمنيين، وبعد تلك الكوارث والانتهاكات باهضه الكلفة".
 
ووصف الدكتور شمسان، اعلان الحوثيين لهذه المبادرة بالتزامن مع قرب انعقاد مجلس الأمن الدولي جلسته بشان اليمن، بأنها "نوع من الدهاء التكتيكي، لعدم تصنيفهم كجماعة معيقة، بعد وضعهم لمشروعهم، والذي لن يكون له قبول". داعيا الى استرجاع تكتيكات الحوثيين وتصريحاتهم مع حليفهم صالح خلال سنوات الحرب، وكيف كانوا يصرحون دوما قٌبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن، بالدعوة الى السلام، ثم يقومون بنكث الوعود، وقطع العلاقة مع تلك التصريحات، فور انقضاء مجلس الامن جلساته". حسب تعبيره.
 
مشروع ايراني
 
ونوه الدكتور عبد الباقي شمسان، الى أن العزلة والحصار المفروض على المليشيا الحوثية، جعلتها تُقدّم مثل هذه المبادرات، وقال: "الحوثيون الان محاصرون بعد تخلصهم من حليفهم صالح". مضيفا أن "المجتمع الدولي بدأ يدخل بمفاوضات مع الجانب الايراني وهذا ينعكس سلبا عليهم". مشيرا الى أن "المجتمع الدولي يستخدم الحوثيين، كورقة ضغط ضد ايران".
 
وعن امكانيات الحول والتسويات السياسية مع جماعة الحوثي، أكد شمسان، أنه "لا منفذ لتسويات سياسية مع الحوثيين". وأرجع السبب في صعوبة التوصل معهم الى حل سياسي، باعتبارهم "مشروع يتحرك ضمن الرؤية الاستراتيجية الايرانية، التي لا يهمها الكُلفة المجتمعية، بقدر ما يهمها تحقيق الهدف الرئيس المتمثل في استنبات الحوثية في الحقل السياسي اليمني، وجعله كطرف أصيل صانع للقرار ومؤثر فيه".
  
وجدد تأكيده، أنه "لا حل مع الحوثيين الا عسكريا، ومحاكمة قادة هذه الجماعة؛ لما ارتكبوه من جرائم بحق الشعب اليمني، واسترداد الأموال التي نهبوها، ووضع دستور يحرم الهاشمية السياسية". داعيا في هذا السياق، أبناء الشعب اليمني "للاستفادة من تجارب الماضي". حسب قوله.
 
خدعة فحسب!
 
ووافق الناشط  عبد الكريم ثٌعيل شمسان في وصفه للمبادرة الحوثية بأنها "مجرد خدعة"؛ لمحاولة تخفيف ما وصفه بـ"حزم المبعوث الأممي الجديد"، والذي سيبدأ من حيث انتهى سلفه ولد الشيخ.  مشيرا الى أن "تعنت الحوثيين للقبول بالحلول السلمية، ساهمت في افشال واحراق نضال وتاريخ المبعوث السابق، كونهم بددوا أخر فرص التنفيذ السلمي للقرارات الاممية وأهمها القرار 2216".
 
ويعتقد ثعيل في حديثه لـ "يمن شباب نت"، أن الامم المتحدة، والمبعوث الأممي، "باتوا يدركون ترهات الحوثيين التي يزعمون انها مبادرات ممكنه للنقاش". مؤكدا أنه "اذا لم يفق الحوثيين من سكرتهم، فسيعيدهم الواقع الى صحوتهم، بعد فوات الاوان". حسب قوله.
 
تجدر الاشارة الى أن المبادرة الحوثية، تزامنت مع اطلاق القيادي الجنوبي علي ناصر محمد، مبادرة للحل في اليمن، يوم الأربعاء (21 فبراير) وذلك خلال مشاركته في "مؤتمر فالداي للحوار" بالعاصمة الروسية موسكو، حيث سرد فيها المقترحات المقدمة منه للتسوية للأزمة والحرب في اليمن التي تدخل علمها الرابع.
 
ولاقت المبادرة ترحيب من حزب المؤتمر بصنعاء (الجناح الموالي للحوثيين برئاسة صادق أبو راس) بالإضافة إلى قيادات حوثية أعلنت عن ترحيبها بالمبادرة، والتي ضمت سبع فقرات، منها إيقاف الحرب وتوفير مناخ سياسي ملائم للحل، والشروع بعد وقف إطلاق النار بخطوات لاستعادة الثقة.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر