هل تنجح التحركات الدولية لتعديل القرار (2216)؟ وما علاقة ذلك بأحداث الجنوب الأخيرة؟ (تقرير خاص)

[ صورة لمبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، مع "أحمد" نجل الرئيس اليمني السابق "صالح"، في لقاء جمعهما مؤخرا في أبو ظبي-نشرتها وكالة انباء الامارات (وام) ]

 
 بعد نحو ثلاث سنوات من إصدار مجلس الأمن الدولي القرار الخاص بشأن الحل السياسي في اليمن، والمعروف بالقرار رقم (2216)، كشف دبلوماسي يمني عن تعرض بريطانيا لضغوط كثيرة، بخصوص تقديم مشروع قرار لتعديل القرار الأممي المذكور، الذي كانت هي من تقدمت به وحاز على إجماع المجلس الدولي.
 
وقال سفير بلادنا لدى المملكة المتحدة، الدكتور ياسين سعيد نعمان، إن بريطانيا، وباعتبارها المسئول عن الملف اليمني في مجلس الأمن، واجهت ضغوطاً كثيرة بخصوص تقديم مشروع قرار لتعديل القرار الأممي رقم 2216.
 
وأكد في هذا الصدد، أن بريطانيا موقفها ثابت من حل القضية اليمنية بالاستناد إلى المرجعيات الثلاث، والتي من ضمنها هذا القرار الأممي، مشيرا الى أن هذا الموقف الثابت لبريطانيا "جعلها تتخطى هذه الضغوط، وتواصل البحث في كيفية مواجهة التعنت الحوثي المدعوم من إيران برفض كل جهود السلام، بِمَا في ذلك رفض التعامل مع المبعوث الأممي السيد ولد الشيخ".
 
وتزامنت تصريحات السفير اليمني بلندن، مع التحركات الأخيرة التي يقوم بها وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون. والذي قام خلال الايام الماضية بزيارة الى كل من سلطنة عمان والسعودية، وتركزت اجتماعاته مع المسؤولين فيها على إحراز تقدم تجاه التوصل لحل سياسي للصراع في اليمن.
 
 كما أجرى جونسون مباحثات في باريس مع نظيره الأمريكي، ركس تيلرسون، ووزيري الخارجية السعودي والإماراتي ونظرائه من أوروبا والشرق الأوسط، لبحث حل سياسي للصراع في اليمن.
 
القرار 2216

صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216)، في 14 إبريل، 2015، أي بعد أقل من شهر على انطلاق عاصفة الحزم، حيث تبنى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة هذا القرار، في جلسته رقم 2216.
 
ونص القرار على فرض عقوبات تمثلت في تجميد أرصدة وحظر السفر للخارج، طالت زعيم الحوثيين "عبد الملك الحوثي"، و"أحمد علي عبد الله صالح"، نجل الرئيس السابق، لثبوت عملهما على تقويض السلام والأمن والاستقرار في اليمن.
 
 وجاء ادراج الإثنين، بعد إصدار مجلس الأمن الدولي قرارا سابقا بإدراج "علي عبد الله صالح" مع قياديين آخرين في جماعة الحوثي هما "عبد الخالق الحوثي"، شقيق زعيم الجماعة، و"عبدالله يحيى الحكيم"، المعروف بـ"أبو علي الحاكم"، على قائمة العقوبات الدولية في نوفمبر 2014.
 
كما نص القرار على حظر توريد الأسلحة والعتاد ووسائل النقل العسكرية، لعلي عبد الله صالح ونجله أحمد وعبد الملك الحوثي وعبد الخالق الحوثي وأبو علي الحاكم، وكافة الأطراف التي تعمل لصالحهم أو تنفيذاً لتعليماتهم في اليمن، وذلك في إشارة إلى المليشيا الحوثية، وقوات المخلوع صالح.
 
 نجل صالح

وبالعودة الى تصريحات السفير نعمان، فقد تزامنت مع اعلان وكالة أنباء الإمارات الرسمية "وام" يوم (الخميس) الماضي، عن لقاء مبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط، بنجل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، في أبوظبي، والذي شملته العقوبات الدولية في القرار الأممي 2216. الأمر الذي قد يشير إلى أهم الأطراف الدولية التي تضغط تعديل هذا القرار الأممي.
 
حيث قالت الوكالة الاماراتية، أن أحمد علي عبدالله صالح التقى ميخائيل بوغدانوف، مبعوث الرئيس الروسي، ونائب وزير الخارجية الروسي، وأن المسؤول الروسي، أكد خلال اللقاء "أن حكومة بلاده على تواصل مع الأطراف المعنية بهدف التوصل إلى حل للقضية اليمنية، سواء كان ذلك في مراحل المفاوضات السابقة مثل جنيف والكويت أو في الفترات المقبلة".
 
كما قد يمكن ربط هذه التصريحات، بما تشهده العاصمة المؤقتة عدن من توترات وما رافقها من تصعيد عسكري، بين قوات الحزام الأمني المدعومة اماراتيا، وبين قوات الحماية الرئاسية التابعة للحكومة الشرعية، والتي أدت الى اندلاع مواجهات مسلحة بين الطرفين، أمس الأحد، وسقوط عدد من القتلى والجرحى.
 
ووفقا لمراقبين، فإن هذه الضغوط الدولية المتزايدة لتعديل القرار الأممي 2216، لا تخرج عن معطيات هذه الأحداث، والتي تكشف عن التوجهات الاماراتية، والتي تحاول الضغط باتجاه تعديل هذا القرار الأممي لرفع نجل صالح من قائمة العقوبات، في محاولة منها لتقديمه كحليف مهم لها في اليمن، خصوصا بعد فقدانها للحليف الأهم (والده)، والذي كانت تُعَوِّلّ عليه كثيرا، لتغيير معادلة الصراع في اليمن لصالحها، قبل أن يتمكن الحوثيون من قتله، مطلع ديسمبر المنصرم، بعد يومين فقط من اعلانه فك الشراكة معهم.
 
الواقع يتجاوز القرار

وبخصوص هذه الضغوط التي تواجهها بريطانيا لتعديل القرار الأممي، وفقا لما كشف عنها السفير نعمان، فقد أكد المحلل السياسي اليمني، وليد الجعور، على ضرورة توضيح، "مَن هي الدول والجهات التي تمارس هذا الضغط؟"؛ لمعرفة هل "منطلقات هذه الضغوط القضية اليمنية أم لا"؟!
 
وقلّلّ الجعور في حديث خاص لـ"يمن شباب نت"، من أهمية هذا القرار الأممي بالنظر الى معطيات الواقع وتحقيق الانتصارات، وتحرير ما تبقى من المحافظات. معتبرا أن "القرار الأممي 2216 بقدر ما كان انجاز دبلوماسيا؛ الا ان الوقائع على الأرض أصبحت تحكمها محددات أخرى كثيرة". 
 
وأكد في هذا السياق، أن الانتصارات على الأرض أكثر تأثيرا من هذا القرار على الواقع بغض النظر عن تغييره أم لا. وقال "يظل تحقيق الانتصارات وتحرير تعز والحديدة، عوامل اكثر تأثيرا من قرار عجز مصدروه على تحقيقه". في اشاره الى الأمم المتحدة التي عجزت عن تفعيل هذا القرار على أرض الواقع بعد ثلاث سنوات من صدوره.
 
وفيما يتعلق بتأثير نجاح هذه التعديلات الأممية على مسار الأحداث في اليمن، جدد الجعور حديثه عن "أن الاحداث في اليمن تجاوزت اليمن، وأصبحت لها أبعاد اقليمية ودولية متداخله"، معتبرا أن ذلك هو "أحد أسرار تعقيدات الملف اليمني وخصوصياته". حسب وصفه.
 
وربط الجعور، بين هذه الضغوط لتعديل القرار الأممي، وبين تعيين الأمم المتحدة لمبعوث جديد في اليمن، مشيرا في هذا السياق إلى أن "بريطانيا ومع تعيين الأمم المتحدة مبعوثها البريطاني الى اليمن، حسب ما يتردد، أصبحت معنية بتحقيق انجاز تسوية بأي شكل من الاشكال".
 
صناعة ألغام

وعلى عكس سابقه، يصف الناشط والمحلل السياسي محمد المقبلي، المحاولات الدولية لتغيير القرار الأممي 2216، بأنه بمثابة "هندسة مخطط لتدمير ما تبقى من اليمن".
 
وأشار المقبلي في حديثه لـ"يمن شباب نت"، إلى أن "أي تغيير في القرار الاممي يعني "صناعة الغام جديدة في طريق استعادة الدولة اليمنية ودحر الانقلاب". حسب تعبيره.
 
وأضاف أن أي محاولة لتغيير هذه القرار الأممي، انما هو بمثابة "تهديد مباشر لما تبقى من سلم اجتماعي في اليمن، ويهدد السلم والامن الاقليمي والدولي".
 
ويختلف الجعور مع المقبلي بشأن ربط الأحداث الأخيرة في عدن بالتحركات الدبلوماسية لتعديل صيغة القرار الدولي المذكور.
 
ففي حين يرى الأول أن التحركات السياسية الاخيرة، تشير إلى وجود عمل لإحداث ذلك؛ بغض النظر عن قدرة تلك التسوية على إحلال السلام الدائم والحقيقي في اليمن"، أم لا؛ لا يرى المقبلي أن لهذه التحركات، علاقة مباشرة بما يحصل اليوم من تطورات عسكرية، بين الحكومة وقوات تابعة للحزام الأمني المدعومة اماراتيا.
 
صفقة سياسية أولا

من جهته، يعتقد عبد السلام محمد رئيس مركز أبعاد للدراسات، أن إمكانية تغيير هذا القرار الأممي "مربوط بحدوث صفقة سياسية، توافق عليها السعودية، حتى يسهل على من يريد تعديل القرار الضغط في هذا الاتجاه".
 
ويضيف عبد السلام، في حديثه لــ"يمن شباب نت"، أنه "اذا هناك صفقة واضحة توافق عليها السعودية، ستكون العقبات قد أزيلت من أمام من يريد تعديل القرار"، غير أنه يعتقد بصعوبة تنفيذ هذا القرار، مشيرا إلى أن "هذا الأمر سيكون على المدى القريب صعبا، حتى تتوقف الحرب، على الأقل".
 
ويتفق عبد السلام مع الجعور، من حيث التقليل من تأثير تغيير هذا القرار على مسار الأحداث في اليمن حال حدوث صفقة مع السعودية، قائلا "لن يكون له تأثير إذا تمّ في إطار صفقة مع السعودية ولو بعد الحرب".
 
وفي الوقت الذي أشار فيه عبد السلام محمد، الى إمكانية تغيير هذا القرار الأممي، فقد أكد استحالة عودة عائلة للحكم ولو في الوقت القريب، مشيرا إلى أن "عودة عائلة صالح للحكم على الأقل في الوقت القريب، صعب جدا".
 
وحذر من أن محاولة اعادتهم للحكم في الوقت الراهن "قد يؤدي الى دورات صراع جديدة"، معتقد أن "الاحتواء هو من أجل سحب بعض قوة الحوثيين، وايضاً من اجل إيجاد حل لوضع المؤتمر المتشظي".
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر