انطلاق عملية تحرير تعز.. أبعاد الدعوة ودلالات التوقيت (تقرير خاص)

[ مدينة تعز (تصوير حسام القليعة) ]

أعلن محافظ تعز، أمين محمود، وقائد المحور اللواء الركن خالد فاضل، مساء أمس الخميس، بدء عملية عسكرية واسعة لتحرير المحافظة. مؤكدين أن اللحظة التاريخية الحاسمة حانت، وأن الجيش الوطني قرر الشروع بعملية عسكرية واسعة، مدعومة من قوات التحالف العربي لتحرير تعز، واجتثاث المليشيات الحوثية الكهنوتية.
 
ودعا المحافظ، في خطاب، نشرته وكالة الأنباء الاماراتية "وام"، "أبناء محافظ تعز جميعا، للوقوف صفاً واحداً، إلى جانب اخوانهم وأبنائهم في الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، الذين يسطرون أروع لحظات التضحية والفداء، لاستكمال تحرير المحافظة من العناصر الكهنوتية والامامية الارهابية".
 
وتزامنت هذه العملية العسكرية التي أعلن عنها محافظ تعز، الدكتور أمين محمود، وقائد المحور اللواء الركن خالد فاضل، مع تسريبات اعلامية عن بدء مفاوضات سرية لحل الأزمة السياسية في اليمن، حيث كشفت مصادر اعلامية، عن وصول الناطق باسم مليشيا الحوثي، محمد عبد السلام، على متن طائرة خاصة الى العاصمة العمانية مسقط، والتي جاءت بعد ساعات على زيارة وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، إلى عُمان، و بعد يومين من اجتماع الرباعية في لندن لبحث تسوية سياسية في اليمن.
 
كما تزامن اطلاق هذه العملية العسكرية، مع التهديد الذي أعلن عنه المجلس الانتقالي في الجنوب، بقيادة عيدروس الزبيدي، والذي أمهل الحكومة أسبوع فقط لإسقاطها، والخروج من عدن، وهو ما قد يجعل من تعز  - بحسب مراقبين - مقرا آمنا للحكومة الشرعية، في حال تم التصعيد، من قبل المجلس الانتقالي، واقرار خيار المواجهة العسكرية بين الجيش من جهة، والقوات الموالية للمجلس والمدعومة اماراتيا من جهة أخرى.
 
معطيات الواقع
 
ووفقا لمراقبين، فإن المعطيات على الأرض، قد تشير الى أن ثمة تسوية سياسية قادمة برعاية أممية، يتم طبخها في العاصمة العمانية مسقط، وفقا لما كشفه الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام، ووزير الخارجية الأسبق الدكتور أبو بكر القربي، عن تحضيرات لما وصفها بـ"المفاوضات السرية"، فيما يخص أزمة اليمن.
 
وقال القربي في تغريدة له على حسابه بمنصة التدوين الأصغر "تويتر" أمس الأول الأربعاء، إنه "يتم التحضير لمفاوضات سرية لحل أزمة اليمن لم تتضح معالمها بعد، والمهم الا تؤسس هذه السرية لفرض الحل أو  لإقصاء طرف أو تقديم تنازلات على حساب أطراف اخرى". مؤكدا أن هذه المفاوضات "ما لم تلتزم بالشفافية والعدالة وضمان حماية حقوق كل الأطراف، فان المفاوضات لن تحقق سلاما دائماً وقد تفشل من بدايتها". حسب قوله.
 
كما جاءت هذه العملية بعد يومين فقط، من اعلان الأمين العام للأمم المتحدة، اختيار البريطاني، مارتن غريفيث، مبعوثا جديدا الى اليمن، ليحل محل المبعوث الأممي السابق الموريتاني اسماعيل ولد الشيخ احمد، الذي فشل في تحقيق تقدم في جهود الامم المتحدة لإنهاء الحرب في اليمن، منذ تعيينه كمبعوث خاص لليمن في 2015م.
 
دلالات مهمة
 
ورأى أخرون، أن العملية العسكرية التي اطلقها محافظ تعز، جاءت مختلفة عن سابقاتها، وليس لها علاقة بالمفاوضات الجارية في مسقط، كون هذه العملية تم الاعداد لها قبل أشهر وليس من اليوم فحسب.
 
وفي هذا السياق يرى الخبير والمحلل الاستراتيجي علي الذهب أن هذه العملية التي اعلن عنها محافظ تعز، "تأتي في سياق الحرب الدائرة"،  داعيا الى ضرورة تجاوز ما وصفها بـ"اسطوانة الحسم ونحو ذلك". كونها "أضحت مملة من كثرة تردادها". في اشارة الى العمليات العسكرية السابقة، والتي كثيرا ما اعلن عنها لتحرير المحافظة، دون جدوى، خلال الثلاث السنوات الماضية.
 
وأكد الذهب في حديثه لـ"يمن شباب نت"، "أن العملية تأخرت كثيرا". مستدركا أن الجديد في هذه العملية هو "توقيتها مع قدوم المحافظ الحديد". مشيرا الى أن المحافظ "ذهب بها بعيدا عن ما كان في العادة مصاحبا لعمليات سابقة"، في اشارة الى اعلان هذه العملية، في خطاب متلفز، بُث عبر وكالة الأنباء الاماراتية، بعيدا عن وسائل الاعلام الرسمية.
 
وأوضح الذهب أن ظهور المحافظ الجديد عبر وسيلة إعلامية غير يمنية رسمية، "يحدد ملامح المواجهة، وحركة القوات، وحرف النظرة باتجاه الإمارات". مؤكدا أن هذا الأمر وهذا الانحراف له دلالاته، "خاصة أن نشاط القوات المرابطة في تعز، عاشت حالة جمود طويل، بقطع النظر عن بعض التحركات المحدودة السابقة". حد تعبيره.
 
تحضيرات مسبقة
 
من جهته، أوضح الكاتب والمحلل السياسي، توفيق السامعي، أن "إطلاق العملية العسكرية في تعز، كان يجري لها التحضير من قبل، وليست وليدة اللحظة". مشيرا الى أن الأسباب التي سرعت في اطلاق هذه العملية هو التوافق على تعيين محافظ جديد لتعز خلفا للمحافظ السابق على المعمري، لافتا إلى أن هذه العملية "تزامنت مع عودته للمحافظة". أي المحافظ الجديد.
 
وأكد توفيق السامعي، في حديثه لـ"يمن شباب نت"، أن "عملية تعز الكل بحاجة إليها، والتسريع بها". مشيرا الى أنها قد "تأتي ردا على قصف المليشيا الحوثية لاحتفال منطقة الخيامي بالمعافر قبل أيام، والتي استهدفت حفل وزارة الداخلية في تدشين العام التدريبي الجديد".
 
وجدد السامعي تأكيده، أن "أبناء تعز بحاجة الى هذه العملية العسكرية لاستكمال عملية تحرير المحافظة والتي يتم الاعتداء على المدنيين فيها بشكل يومي من قبل المليشيات الانقلابية الحوثية الايرانية". داعيا في هذا الصدد الى ضرورة استكمال عملية تحرير تعز، لأن التأخير يعمل على تدويل القضية اقليميا.
 
وأشار الى أن "الجيش الوطني والشرعية والتحالف العربي، بحاجة لهذه العمليات لاستكمال عملية التحرير". مؤكدا أنه "كلما تأخرت عملية التحرير والحسم، كلما عاد ذلك على الجميع بالخسائر المختلفة، وكلما تم تدويل القضية والضغط على الجميع لإيقاف الحرب".
 
وعن مدى نجاح هذه العملية العسكرية لاستكمال تحرير المحافظة، أكد توفيق، أن "العملية العسكرية هذه سيكتب لها النجاح". محددا بعض الشروط اللازمة لتحقيق هذا النجاح، والمتمثلة - بحسب السامعي - بوجود "نوايا صادقة من الجميع لدعمها، وتوفير الإمكانات اللازمة من اسلحة مطلوبة، وتوفير الذخائر بشكل كبير للحفاظ على أي منجز ونصر في الجبهات، وكذلك دعم الجيش الوطني والمقاومة بالرواتب الشهرية".
 
وأضاف السامعي قائلا: "والأهم من ذلك كله أن لا تخضع الحرب، ولا المحافظة للمساومات السياسية، واتخاذها كأوراق سياسية تطرح من فوق وتحت الطاولة".
 
وأختتم توفيق السامعي حديثه بالإشارة، الى أن "الشرعية بحاجة ماسّة لتحرير تعز، خصوصا في ظل تهديد المجلس الانتقالي بعدن للحكومة الشرعية في عدن، وإخراجها". مؤكدا أن "تعز ستكون البديل للحكومة لا سمح الله إذا تم إخراجها من عدن". حسب قوله.
 
المؤتمر وأولاد صالح
 
وعن تزامن اطلاق هذه الحملة مع المفاوضات السرية التي بدأت في مسقط، مع انطلاق عملية تحرير تعز، فقد استبعد الدكتور علي الذهب، أن يكون هناك رابط بينهما، معتقدا أن "مفاوضات مسقط، ذات صلة بالمعتقلين من أسرة الرئيس السابق علي صالح، على خلفية أحداث ديسمبر/ كانون أول 2017".
 
لافتا الى أن هذه المفاوضات في حال توسعها، فإنها ستشمل دور حزب المؤتمر في المستقبل. وقال "إذا كان هنالك من توسع في الأمر، فإن ذلك سيشمل دور حزب المؤتمر، الذي كان حليفا للحوثيين في الحرب والانقلاب".
 
ووافق توفيق السامعي، ما طرحه الدكتور الذهب بشأن مفاوضات مسقط. مؤكدا في ذات السياق، أن هذه المفاوضات "لم يعلن عنها مطلقا ولا أطرافها ولا أجندتها". مجددا تأكيده أنها "ستبوء بالفشل كسابقاتها". مرجعا، سبب فشل هذه المفاوضات في مسقط في حال اقامتها إلى أن "المليشيات الانقلابية لا تريد التسليم، وليست جادة في أية مفاوضات، ولا ترغب بالسلام".
 
وأكد في هذا الإطار، أن المحرك الأصلي لمليشيا الحوثي "يريد الاستمرار بالتلاعب بها كورقة سياسية في حروبه الإقليمية". في اشارة الى حليفها الاستراتيجي ايران، والتي تريد استغلال مليشيا الحوثي لجعلها ورقة لتحقيق مكاسبها السياسية في الحروب التي اشعلتها بالمنطقة.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر