«ماء السبيل» خيار سكان صنعاء الإجباري للحصول على إحتياجهم من الماء (تقرير خاص)

[ طفل يملئ عبوات بلاستيكة من "ماء السبيل" في العاصمة صنعاء ]

على قارعة الطريق تتجمع عشرات النساء والأطفال عند ساعات الصباح الأولى بجوار عبوات ماء بلاستكية فارغة بأحجام مختلفة، في انتظار شاحنة تحمل ماء يوزع مجاناً أو ما يسمى بـ "ماء السبيل" وهو الاسم الشائع في الأوساط الشعبية في العاصمة صنعاء.

خلال ثلاث سنوات من الحرب تغيرت أشياء كثيرة وفقد الناس معظم الخدمات التي كانت موجودة جزئياً قبل سقوط الدولة في سبتمبر/أيلول من العام 2014، لكن بقيت روح التكافل الاجتماعي في أوساط اليمنيين حيث نشأت كثير من الأعمال الخيرية والتي تساعد الكثير من المحتاجين.

"ماء السبيل" واحد من الأعمال الخيرية التي تتوزع في عدد من الحارات والأحياء في العاصمة صنعاء، وخاصة تلك الأحياء الشعبية التي تكتظ بالسكان الأكثر احتياجاً، حيث تكون إما على شكل خزانات ثابته في الأحياء، أو وايت ماء يأتي بشكل دوري يفرغ حمولة الماء مباشرة لعبوات الأسر.
 

الماء مجاناً للجميع

"أم عبد الله" في العقد الثالث من عمرها تنتظر وايت ماء السبيل بشكل دوري للحصول على الماء مجاناً، وهو ما يساعدها كثيرا في توفير إحدى اهم الاحتياجات اليومية التي أصبح الحصول عليها بصعوبة.

وقالت في حديث لـ "يمن شباب نت" منذ ثلاث سنوات وبالتزامن مع بدء الحرب يأتي الماء إلى الحارة بشكل دوري وأحياناً يومياً بتمويل من فاعلين خير، وتستفيد عشرات الأسر في ظل وضع الناس السيئ".

وفاقمت الحرب احتياجات الناس الأساسية بسبب انعدام مصادر الدخل وانقطاع رواتب الموظفين والتي جعلت معيشية الألاف من الأسر متردية للغاية، في الوقت التي انقطعت الخدمات بشكل كلي في العاصمة صنعاء.

وذكرت أم عبد الله "أن زوجها بلا راتب منذ أكثر من عام ويعمل الآن في سيارة أجره لتوفير مصاريف المنزل، والحصول على الماء أصبح مكلف علينا جدا حيث يبلغ سعر الوايت 9000 ريال يمني ما يعادل (23 دولار أمريكي)".
 
تمويل مغتربين وتجار

يتوزع ماء السبيل مجاناً في معظم أحياء العاصمة صنعاء بتمويل من تجار ومغتربين وينضبط وصوله إلى معظم السكان المحتاجين بشكل دوري، حيث ينتظره الكثير من المواطنين المحتاجين والذي تحول انتظاره إلى عادة ضمن حياة الناس في الحصول ما يساعدهم على الحياة المتدهورة.

"ناصر المطري" وهو سائق وايت يوزع "ماء السبيل" إلى عدد من الحارات يقول "انه يتقاسم عشرات الحارات مع عدد من السائقين في توزيع الماء المجاني فيتم إفراغ الحمولة إما إلى عبوات الناس مباشرة أو الخزانات المنتشرة في الأحياء".

وأضاف في حديث لـ "يمن شباب نت" أنه يستلم قيمة الماء وايجار نقله من أحد المغتربين في خارج البلاد، حيث يتكفل بجميع مستحقات إيصال الماء للناس منذ بدء الحرب في اليمن، ولا ينقطع حتى في الأزمات الحادة للمشتقات النفطية".

ويحتفظ الناس بالامتنان للأعمال الخيرية التي تساعدهم على الحاجات الأساسية بعيداً عن المنظمات الدولية التي أصبح دورها أقل من المطلوب، حيث لا يستفيد الكثير من المحتاجين والمتضررين من الحرب والأزمة الإنسانية المتفاقمة.
 
مهمة شاقة

ويعد الحصول على الماء من قبل معظم السكان مهمة شاقة في تعبئة العبوات البلاستيكية ومن ثم نقلها إلى المنازل على الرأس والأكتاف أو عربة الدفع اليدوي على بعد مترات، وهكذا تعمل النساء يوميا للحصول على أهم الاحتياج المنزلي الضروري والذي يستهلك بشكل دائم.

وقبل الحرب كان معظم السكان يحصلون على مشروع المياه التابع للدولة عبر الأنابيب المربوطة للمنازل، ولو بشكل جزئي نتيجة البنية التحتية المتدهورة في اليمن، غير ان الحرب زادت من المأساة في انقطاع المياه بشكل كلي، وارتفاع أسعار الحصول عليه بسبب الارتفاع الحاد في أسعار المشتقات النفطية.

وتسبب تدهور حالة الناس المعيشية إلى عدم مقدرتهم على تحمل تكاليف الحصول على الماء التي أصبحت باهظة جداـ وبسبب صعوبة الحصول المياه جعل غالبية الأسر تستخدم أدني من اللترات التي يحصلون عليها بصعوبة.
 
تفاقم المأساة الإنسانية

وتفيد إحصائيات الأمم المتحدة أن سوء التغذية والأمراض الناجمة عن نقص المياه تؤدي إلى وفاة 14 ألف طفل يمني، دون سن الخامسة، كل عام، وتعاني أمانة العاصمة من انتشار كبير لوباء الكوليرا.

ووجهت الامم المتحدة الاحد 21يناير/كانون ثاني الجاري نداء للتبرع بهدف جمع 2,96 مليار دولار في 2018 لتقديم مساعدة عاجلة الى أكثر من 13 مليون شخص في اليمن الغارق في الحرب حيث ويواجه "أسوأ أزمة انسانية" في العالم.

وكان تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة أشار الاسبوع الماضي الى ان نحو 22,2 مليون يمني (76% من السكان) بحاجة الى المساعدة بزيادة 1,5 مليون شخص خلال الاشهر الستة الماضية، وتابع التقرير ان خطر حصول مجاعة في تزايد اذ يعاني 8,4 ملايين شخص من الجوع في مقابل 6,8 ملايين في 2017. 



مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر