"فصل الشتاء" يوجع الفقراء المنسيين في اليمن ويفتك بأجسادهم النحيلة (تقرير خاص)

[ طفل ينام برصيف يغطي جسمه بكيس بلاستيكي في صنعاء (فيسبوك) ]

مع اتساع رقعة الجوع والفقر والبؤس والحرب وتزايد حالات التشرد والنزوح وارتفاع الأسعار بشكل قياسي يدخل "فصل الشتاء" بألم جديد ليفاقم معاناة المواطنين ويعصف بحياة الكثير من أولئك الذين يفترشون الرصيف كمأو? حيث ويفترس"الطقس البارد" أجسادهم النحيلة.

مع كل موسم جديد خلال العام تتكشف معاناة المواطنين ويعلو صوت الحرمان المنبثق من المساكن العشوائية والغرف المتهالكة وأرصفة الشوارع والتي أصبحت مأوى للكثير من الأسر الأشد فقراً الذين لا يجدون قوت يومهم.
 
البرد وقسوة المعيشة

"أم طه" تعول أسره مكونة من ستة أشخاص وثلاثة أطفال يقطنون في غرفة واسعة بأحد الأحياء الشعبية المزدحمة يعيشون أوضاعا قاسيه ويشكون من البرد القارس والوضع المعيشي الذي تدهور إلى الأسوأ.

تعيش الأسرة تحت خط الفقر ومصدر دخلهم الوحيد هي "الدراجة النارية" التي يعمل فيها نجلها الأكبر والذي يبلغ من العمر (16عام)  تقول "أم طه" أن المساعدات الإنسانية التي تتلقاها من المنظمات أصبحت تأتي بشكل متقطع كل ثلاثة أشهر وأحياناً أكثر من ذلك.

وأضافت في حديث لـ"يمن شباب نت" أن موسم البرد يكون الأسوأ عليهم حيث لا يمتلكون البطانيات والفرش التي تقيهم من البرد القارس وأن خيارهم الوحيد هم تجميع الخشب أو حطب ويوقدون بها للطبخ والتدفئة.

وقالت أم طه "أنه خلال السنوات الماضية قبل الحرب كانوا يحصلون على بطانيات من جمعيات خيرية لكنهم منذ عاميين يتحملون كل أوجاع البرد والتي تؤثر على صحة الأولاد الصغار ويتعرضون لكثير من الأمراض".
 
أرصفة الأشد فقراً

لا تكاد تخلو أرصفة الشوارع في صنعاء والمدن اليمنية الأخرى من المتسولين والفقراء والمختلين عقلياً الذين لا يجدون سكناً يؤويهم، حيث يلجئون إلى الأرصفة وبعض الجولات وأيضا أسوار الحدائق العامة، والجسور، غير أن موسم الشتاء يكون أكثر قساوة عليهم حيث تصل درجة الحرارة إلى أقل من 7 درجات.
 
لم تعد تحرك مشاعر أحد مناظر النائمين على الأرصفة حيث أن الحرب حملت الكثير من الناس أوجاع ومشاكل مضاعفة، حيث أصبحت تتوسع رقعة الفقر والمجاعة يومياً في عدد من المحافظات.

في ميدان التحرير في العاصمة صنعاء  وفي الاستراحة الواسعة في وسط الميدان يقطن الكثير من المخلين عقلياً وأيضا عمال المهن الحرة المغتربين من محافظات أخرى وجدوه مكان عند توقفهم عن العمل وعدم توفر النقود الكافية للنوم في اللوكندات (استراحات تتوفر بأسعار زهيدة مقارنة بالفنادق).

يقول "حمدي منصور" وهو بائع متجول "أن استراحة ميدان التحرير أصبحت مكان معيشة للكثير من الناس الذين يتواجدون مابين الحين والآخر حيث ينامون في أجواء البرد الشديد الذي لا يطاق".

ولم يخفي حمدي في حديث لـ"يمن شباب نت" أنه أحيانا يضطر إلى النوم والاستراحة في الميدان وقال بلهجة عاميه "أنا مش الوحيد اللي لجأ للرصيف في ناس مليان يناموا بدون فراش أو غطاء" مشيرا"أن أسرته الذي يعولهم لا يعرفون ذلك" لكنه قال أنه لا يستطيع أن ينام في فصل الشتاء بسبب البرد.
 
غياب الجمعيات والمبادرات

منذ نحو ثلاثة أعوام وبالتزامن مع الحرب الجارية في البلاد تراجع عمل الكثير من الجمعيات الخيرية التي عادة ما تساعد الكثير من المحتاجين في البطانيات خلال فصل الشتاء، بالإضافة إلى غياب المبادرات الشبابية التي كانت تعمل على تخفيف المعاناة.

وتعرضت الكثير من الجمعيات للإغلاق من قبل سلطات الأمر الواقع للحوثيين وصالح فيما تقلصت عمل الكثير منها، بسبب التشديدات المفروضة وحالة الحرب التي تعيشها البلاد، في الوقت الذي توقفت الكثير من المبادرات نتيحه المضايقات التي يعانون منها، ولم يتبقى سوى المنظمات الدولية والتي نطاق عملها محدود جداً ولا يكاد يذكر.

ويوما تلو الأخر تتفاقم المعاناة مع قسوة الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار إلى حدود قصوى مما يزيد من معاناة المواطنين الذين يكافحون من أجل متطلبات العيش الكريم التي باتت باهظة جدا، في الوقت التي تتوسع دائرة الفقر للكثير من الناس الذين أفقدتهم الحرب مصدر رزقهم.
 
مجاعة مرعبة

وبحسب منظمات دولية فإن اليمن على حافة مجاعة مرعبة، حيث أن ما يقرب من 80% من سكان اليمن يعانون انعدام الأمن الغذائي، وأن 3.2 مليون شخص يهددهم خطر المجاعة وهناك 150 ألف طفل يعانون سوء التغذية و11 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية ماسة.
 
ووصفت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير تحليلي لها أن ما يجري  في اليمن "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، كما حذّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك  في 9نوفمبر/تشرين ثاني الجاري من أن اليمن يواجه أكبر مجاعة في العالم منذ عقود "ستخلف ملايين الضحايا" ما لم تُستأنف المساعدات له.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر