" أنقذونا من الموت" ..صرخة آلاف مرضى الغسيل الكلوي في اليمن (تقرير خاص)

[ مرضى الغسيل الكلوي في اليمن يتهددهم الموت لانعدام الأدوية اللازمة ]

ارتفعت عدد وفيات مرضى الفشل الكلوي في اليمن خلال الثلاثة الأيام الأخيرة بشكل كبير وسط مخاوف من زيادة العدد في ظل انعدام المحاليل والأدوية اللازمة وغياب الاستجابة من أي جهة محلية أو خارجية.
 
وقدّرت مصادر طبية عدد وفيات مرضى الفشل الكلوي بمحافظة إب، خلال الـ24 ساعة الماضية إلى سبع حالات، ويبقى العدد مرشحا للارتفاع بسبب إغلاق مركز الغسيل الكلوي بمستشفى الثورة بالمحافظة، لانعدام المحاليل والأدوية.
 
تحذيرات من كارثة بإب وتعز
 
وتحذر المصادر من أن 600 مريضا بالمركز مهددون بالموت إذا لم يتم تدارك الكارثة بصورة عاجلة بتوفير المحاليل والأدوية اللازمة لإنقاذهم الذين يحتاجون إلى ثلاث جلسات غسيل أسبوعيا.
 
وخلال السنوات الثلاث الماضية، بلغ عدد الوفيات 300 حالة، كان العام الأسوأ فيها 2016 الذي شهد وفاة 182 شخصاً من مرضى الفشل الكلوي، بينهم 12 طفلاً.

 
وغير بعيد عن المحافظة التي يسيطر عليها الحوثيون، شهدت مدينة تعز الخميس وفاة زيد عبده عبدالله نتيجة نفاذ مواد الغسيل بمركز الكلية الصناعية بمستشفى الثورة الحكومي، بحسب الناشطة الحقوقية إشراق المقطري التي غردت بحسابها بتويتر محذرة من أن هذا المصير يواجه 270 حالة أخرى.
 
وعلقت على معاناة هؤلاء المرضى بالقول" شكل آخر من اشكال الانتهاكات والأسوأ تقاعس المنظمات الدولية في تقديم المساعدة الطبية التي يدعونها".
 
وهذه هي أول حالة وفاة معلنة وربما تكون هناك حالات لم تجد طريقها للإعلام خاصة مع تحذيرات المستشفى من أن العشرات من مرضى الفشل الكلوي مهددون بالموت جراء نفاذ مواد الغسيل الكلوي، في ظل عجزه عن توفير الاحتياجات والمواد اللازمة لعلاجهم.

 
وقالت مصادر في المستشفى، إنه رفع مذكرة إلى الحكومة الشرعية تطالب بدعم مركز الكلية الصناعية، لكنها لم تتجاوب لذلك، منوّهة إلى أن المركز اضطر خلال الفترة الأخيرة لخفض جلسات الغسيل الكلوي للمرضى جراء نقص محاليل مواد الغسيل الكلوي، مناشدة إياها باسم المرضى الحكومة الوقوف إلى جانبهم وانقاذ حياتهم والتخفيف من معاناتهم.
 
معاناة بالجملة بالحديدة
 
"أشعر بالقلق مع كل مرة أزور فيها هذ المكان لأني لا أعلم هل سأتمكن من الحصول على العلاج"، يقول سالم علي، 37 عاماً، وهو أحد مرضى الفشل الكلوي الذين يترددون على مركز غسيل الكلى بمحافظة الحديدة طيلة الـ 17 سنة الماضية لإجراء جلسات غسيل الكلى مرتين في الأسبوع.
 
ويُستخدم غسيل الكلى لعلاج مرضى الفشل الكلوي الحاد عبر استخدام جهاز غسيل الكلى لتنقية الدم. وتستغرق الجلسة بصورة عامة ما بين 3 - 5 ساعات وتتكرر ثلاث مرات أسبوعيا.
 
ومع تدفق النازحين لمحافظة الحديدة خلال الأشهر الأخيرة، ارتفع عدد المرضى المحتاجين لجلسات غسيل الكلى في المركز إلى أكثر من 600 مريض على الرغم من أن قدرة المركز 400 مريض. وتعج ردهات المركز ليلاً ونهاراً بعشرات المرضى الذين ينتظرون دورهم للحصول على جلسات الغسيل الكلوي.
 

ويوضح الدكتور ماهر معجم، مدير عام مركز غسيل الكلى بمحافظة الحديدة "نعمل على مدار الساعة في خمسة نوبات لتقديم 145 جلسة غسيل كلوي يومياً، ولكن لا يمكن تجنب حدوث تأجيلات غير متوقعة لهذه الجلسات بسبب قِدَم الأجهزة وكثرة تعطلها".
 
ويضيف: "تعطلت لدينا تسعة أجهزة وأصبح إصلاحها أصعب بسبب عدم توافر قطع الغيار لهذه الطرز القديمة من الأجهزة. ونضطر أحياناً إلى تغيير مواعيد الجلسات للمرضى ما يؤدي إلى تأجيلها لأكثر من ثلاثة أيام".
 
ويعتبر التأجيل غير المتوقع أمراً صعباً للمرضى الذين يضطرون للقدوم من خارج مدينة الحديدة أو من يجدون صعوبة في توفير تكاليف التنقل أو الغذاء بسبب بقائهم لفترة أطول وعلى نحو متكرر في المدينة.
 
ويقول أطباء المركز أنهم يستقبلون 60 حالة غسيل كلوي جديدة كل شهر حيث أن ثلاثة مراكز غسيل كلوي أصغر في المحافظة تعمل فعلياً بكامل طاقتها.  
 
صنعاء أفضل حالا
 
ويعتبر مركز زراعة الكلى في مستشفى الثورة بالعاصمة صنعاء أفضل من غيره من حيث توفر الامكانيات، نظرا لقربه من مقرات المنظمات الدولية ومنها الصحية التي تتخذ من المدينة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين منذ 21 سبتمبر 2014 مقرا لها.
 
وتشير مصادر إلى أنه يستقبل يوميا 200 حالة غسيل كلى، مقارنة بـ120 حالة قبل عام 2015، حيث تكلف جلسة الغسيل الواحدة 50 دولارا.
 
ووفق منظمة الصحة العالمية يوجد 28 مركزا في اليمن تكافح من أجل الاستمرار في العمل، يرتادها 7500 مريض وفق تقديرات مختلفة غير رسمية.
 
تداعيات الحرب الصحية
 
وأدت الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين إلى توقف الخدمات الصحية في 54 في المئة من المنشآت الطبية في اليمن، فيما لجأت عدة مستشفيات عامة إلى خفض أو إغلاق بعض أقسامها بسبب نقص الإمدادات الطبية وعجز الحكومة الشرعية ومليشيات الانقلاب عن دفع رواتب العاملين بالمجال الصحي بمناطق سيطرتها.
 
وإلى جانب نقص المواد والمحاليل الطبية، يواجه المرضى مشاكل أخرى مثل ارتفاع تكاليف الأدوية التي يتوجب عليهم شراؤها من الصيدليات الخاصة بأسعار باهظة تفوق قدراتهم الشرائية في ظل وقوع 80 في المائة من الشعب في حالة المحتاجين.
 
ومطلع العام الجاري أطلقت وكالات الأمم المتحدة نداء إنسانيا لتوفير 322 مليون دولار لدعم القطاع الصحي في اليمن وسد الثغرات الناشئة عن انهيار المؤسسات الصحية لكنها" لم تتلق سوى أقل من نصف هذا المبلغ خلال العام الماضي"، وفقا لممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن نيفيو زاغاريا.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر