برلمان" الشرعية".. قراءة في موعد الالتئام والدور المطلوب

[ مقر مجلس النواب بصنعاء(إرشيف) ]

 
تسابق السلطة الشرعية الزمن من أجل استكمال كافة الترتيبات المتعلقة بعقد جلسات مجلس النواب بمحافظة عدن ليقوم بدوره في المرحلة القادمة وجمع كل السلطات بالمدينة التي أعلنتها عاصمة مؤقتة للبلاد.

وخلال الفترة الماضية، تحركت السلطة على أكثر من صعيد لجمع النواب والتواصل مع رؤساء الكتل البرلمانية وعقد اجتماعات معها شارك فيها مسؤولون كبار، بالتوازي مع ترتيب الأوضاع أمنيا وتجهيز مقر انعقاد الجلسات بعدن.

التقى الرئيس ونائبه مع النواب في الرياض وناقشوا دورهم في الفترة القادمة والصعوبات التي تحول دون عقد الجلسات بعدن، ومؤخرا التقى هؤلاء بولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قصر السلام بجدة.

وبالرغم من التصريحات المتكررة عن قرب عقده بعدن، لا يُعرف على وجه التحديد متى سيتمكن البرلمان من الالتئام في ظل تباين المصادر التي تحدثنا إليها وبينها مصادر برلمانية بين من تطرح موعدا آخر الشهر وأخرى تستبعد ذلك كونه سيتزامن مع عيد الأضحى وعدم استكمال التجهيزات.

صحوة متأخرة

في 28 يناير الماضي، صحى الرئيس هادي فجأة وأصدر قرارا جمهوريا قضى بنقل مقر اجتماعات مجلس النواب من صنعاء إلى عدن "نظرا للظروف القاهرة وللأوضاع الأمنية وللخطر الذي يهدد حياة أعضاء مجلس النواب وعدم تمكنهم من أداء مهامهم التشريعية والقانونية في مقر المجلس بالعاصمة صنعاء المحتلة من قبل المليشيات الانقلابية المسلحة المدعومة من إيران والتابعة للحوثيين وعلي صالح"، حسبما جاء في القرار.

وفي أواخر مايو الماضي، افتتح رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر في عدن قاعة الاتحادية للاجتماعات والمؤتمرات والتي ستحتضن جلسات مجلس النواب.

وبعدها بشهر، التقى الرئيس بالنواب المؤيدين له والذي قدرتهم مصادر بـ120 نائبا ودار الحديث حول ضرورة عودتهم لعدن للمشاركة بجلسات المجلس ليكون رقيبا على الحكومة، لكن هذا لم يحدث لأسباب كثيرة.

وبحسب المعلومات التي حصل عليها" يمن شباب نت" فإن من أبرز هذه الأسباب هو عدم توفر النصاب المطلوب لعقد الجلسات والذي تقدره مصادر برلمانية بـ135 عضوا بعد احتساب عدد النواب المتوفين والذين يقدر عددهم بـ30 نائبا.

جهود جمع النصاب

ولأجل جمع العدد المطلوب من النواب، أُسندت المهمة لأكثر من شخصية بهدف التواصل مع الأعضاء الذين يقيمون في أكثر من دولة وإقناعهم بالسفر إلى جدة حيث خصصت الحكومة السعودية فندقين لتسكينهم على نفقتها لحين اكتمال النصاب والعودة إلى عدن.

غير أن كل الجهود التي بذلت لم تنجح في تحقيق هذا الهدف وتتحدث معلومات أن العدد المتواجد في جدة لا يتجاوز 110 نائبا وهو أقل من المطلوب لعقد الجلسات.

وتعد هذه هي التحدي الأول أمام استئناف عمل البرلمان من عدن، وتأتي بعدها في حال تم تجاوزها ترتيب الوضع الأمني بالمدينة وهو ما يجري العمل بشأنه رغم التأخير والعراقيل نتيجة تضارب الأجهزة والجهات وتجاوز الإمارات دور الشرعية في الصلاحيات ما جعلها غير قادرة على البقاء لفترة طويلة بعدن.

وثالث التحديات يتعلق بانتخاب هيئة رئاسة جديدة بدلا من رئيس البرلمان يحيى الراعي الموالي لصالح والذي يواصل عمله بصنعاء ومعه عدد من النواب، وتشير مصادر إلى اقتراح عدة أسماء للرئاسة منها النائب علي العمراني سفير اليمن بالأردن.

ويسود توافق – وفق هذه المصادر – على ترشيحه غير أن الأمر لم يُحسم بعد كما لا يُعرف موقفه وهل سيقبل التخلي عن منصبه كسفير والعودة لعمله البرلماني، وبعيدا عن منصب الرئيس سيجري مناقشة من سيتم اختيارهما كنائبين له إلى جانب النائب الحالي محمد الشدادي.

ويبقى السؤال الأهم المتعلق بالدور الذي سيضطلع به البرلمان في الفترة القادمة وما هي القضايا أو الخطوات التي سيبحثها أو يقرها وهل سيكون نسخة أخرى من برلمان الانقلابيين بصنعاء الذي يعقد جلساته دون اكتمال النصاب للضغط الإعلامي واستخدامه ورقة سياسية.

بين الشرعية والتشكيك

يقول النائب محمد مقبل الحميري، رئيس كتلة الأحرار في البرلمان، إن مجلس النواب هو الجناح الآخر لشرعية الرئيس هادي ولا يمكن للطائر أن يطير بجناح واحد، موضحا هدف انعقاد المجلس بـ" ممارسة صلاحياته الدستورية والقانونية لاستعادة كافة مؤسسات الدولة والإشراف عليها بعد أن عطل فترة طويلة بسبب الانقلاب ومطاردة أعضائه من قبل الانقلابيين".

ومن وجهة نظره، فإن" حال الدولة لن يستقيم إلا بتفعيل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية" معتبرا " عودة مجلس النواب لمزاولة مهامه ضرورة وطنية وتقوية روح الشرعية التي هو جزء أساسي منها بل هو إحدى الكفتين فيها".

غير أن المحلل السياسي نبيل البكيري قلل من أهمية انعقاد المجلس، وذهب إلى حد اعتباره فاقدا للشرعية بالنظر إلى تجاوز فترته المحددة رغم التمديد له، مشيرا إلى أن" الشرعية اليمنية الراهنة هي وليدة شرعية ثورية جديدة"، وبالتي يرى أنه " لا معنى للحديث عن شرعية مجلس نيابي منتهي الصلاحية بحكم عدم تجديد شرعيته فضلا عّن تعبيريه لفترة سابقة تم تجاوز شرعيتها بالثورة".

وفي تصريحات خاصة لـ" يمن شباب نت" أعاد المحلل السياسي التذكير بأن الصراع الحالي ليس حول شرعية مجلس النواب من عدمها، وإنما حول شرعية سلطة تم الانقلاب عليها، وبالتالي لا يمثل مجلس النواب باعتبار انتهاء فترته وانقسامه وتعبيره عن مرحلة تم تجاوزها بالثورة وشرعيتها الجديدة ، بكل ذلك لم يعد هذا المجلس يمثل اي أهمية سواء برلمان الانقلاب أو برلمان الشرعية، حد قوله.

لكن هذا الرأي يجد من يخالفه كما يمثله هنا الرئيس السابق لمركز الجزيرة للدراسات، أنور الخضري، الذي يرى" أن مجلس النواب لا يزال مؤسسة دستورية بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية،  وبحسب هذه المبادرة فإن المجلس يعتمد على التوافق، ويتقيد بما نصت عليه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية".

 وفي هذا السياق، يستدرك الخضري قائلا" أي توظيف له خارج هذا الإطار من أي طرف هو خروج عن المبادرة".

المهام والنصاب والجدوى

وعن أولى المهام التي سيقوم بها المجلس، أجاب الحميري" الاشراف على مؤسسات الدولة ومناقشة مهامها وتقيمها وغيرها من المهام الموكلة للمجلس وفقا للدستور والقانون".

وردا على سؤال حول المقارنة بين البرلمان في صنعاء وعدن، رفض الحميري إجراء هذه المقارنة قائلا إن ما يجري في العاصمة مجرد" اجتماعات صورية" بينما ما سيكون عليه الحال بعدن مختلف جدا كون الرئيس الذي نقل مقره إلى هناك معترف به دوليا ويخوله الدستور فعل ذلك.

وبخصوص توفر النصاب، أشار إلى أن انعقاد المجلس" سيكون مكتمل الشروط سواء من حيث توفر النصاب أو من حيث تواجد كافة الأطياف الممثلة في مجلس النواب".

وأضاف" أن القرارات التي يصدرها المجلس توافقية وفقا للمبادرة الخليجية" مستدركا " وهذا الشرط لا يتوفر الا مع الشرعية واعضاء مجلس النواب في ركب الشرعية، بعكس الأعضاء المتواجدين في صنعاء الذين يمثلون جزء من مكون واحد فضلا عن كونهم اقل من النصاب بكثير ، وانعقاد جلساتهم بعد قرار الرئيس بنقل مقر الانعقاد الى عدن يعتبر في حكم العدم".

وأوضح أن عدد الاعضاء الذين يجتمعون في مقر المجلس بصنعاء، لا يصل إلى الخمسين عضوا.

بدور، يعتقد أنور الخضري أن انعقاد مجلس النواب في عدن، أو مجلس الانقلابيين في صنعاء، لن يأتِ بأي جديد في الشأن اليمني، ما لم يتم استعادة القرار والإرادة اليمنية، بعيدا عن ما أسماه بـ"الارتهان" وتصفية الخصوم أو المنافسين لصالح نزوات شخصية ومطامع حزبية.

انتهاء الفترة القانونية

كان يُفترض أن ن تنتهي الفترة القانونية للبرلمان في الـ 27 أبريل 2009، لكن اتفاقاً أُبرم، في فبراير 2009 بين الحزب الحاكم آنذاك" المؤتمر الشعبي العام" وبين تكتل أحزاب المعارضة، ممثلة باللقاء المشترك، قضى بالتوافق على تمديد عمر البرلمان إلى سنتين إضافيتين من أجل " إتاحة الفرصة أمام مساعي الحوار حول الاصلاحات الانتخابية ومشروع التعديلات الدستورية"، وعلى ضوئه تم تأجيل الانتخابات النيابية إلى 27 أبريل 2011.

في الـ11 من فبراير2011 اندلعت في اليمن ثورة الشباب السلمية المطالبة برحيل علي عبدالله صالح عن الحكم، وفي 23 نوفمبر 2011 وقّعت الأطراف السياسية اليمنية في العاصمة السعودية الرياض، على المبادرة الخليجية التي بموجبها تنحّى " صالح" عن السلطة، وهي الاتفاقية التي منحت البرلمان سنتين أُخرييْن، ما يزال يعيش أواخرها حتى اليوم.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر