كيف تتكيف الخفافيش مع فيروسات كورونا دون الإصابة بمرض؟

[ خلايا الخفاش البني تظل مصابة بفيروس كورونا لعدة أشهر (بيكسابي) ]

من المفترض -وفقا لكثير من الباحثين- أن تكون الفيروسات التاجية (كورونا) التي تسبب المتلازمة التنفسية الحادة (SARS) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) قد نشأت في الخفافيش.
 
غير أننا لا نعلم الكيفية التي أبقت بها الخفافيش هذه الفيروسات في أجسامها دون أن تصاب بالمرض.
 
في دراسة حديثة نشرت بدورية "ساينتفيك ريبورتس" العلمية في 29 من أبريل/نيسان الماضي توصل الباحثون إلى معرفة السبب الذي يجعل الخفافيش حاملة لفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية دون أن تصاب بالمرض، مما قد يساهم بشكل كبير في معرفة الكيفية التي انتقلت بها هذه الفيروسات إلى البشر والحيوانات الأخرى.
 
ملاذ آمن

يعتقد أن الخفافيش منشأ العديد من الفيروسات التاجية المسببة للمتلازمة التنفسية الحادة ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وآخرها فيروس "سارس-كوف 2" المسبب لمرض "كوفيد-19".
 
وعلى الرغم من أن هذه الفيروسات تسبب أمراضا خطيرة وأحيانا مميتة للإنسان، فإنها -لسبب ما لم يكن معروفا- ليست بذات الضرر على الخفافيش.
 
فحتى الآن، أصاب فيروس "سارس-كوف 2" أكثر من ستة ملايين شخص حول العالم، وأودى بحياة 6-7% من المصابين.
 
في المقابل، أصاب الفيروس التاجي المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ما يقرب من 2500 شخص عام 2012، إلا أنه أودى بحياة فرد من بين كل ثلاثة مصابين.
 
وعلى الرغم من أن الإبل تعتبر المضيفات الوسيطة لفيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، فإن الخفافيش يعتقد أنها كانت العائل الأول.

لفهم ذلك السبب نقل موقع "ساينس دايلي" عن فيكرام ميسرا -الباحث الرئيس للدراسة وعالم الأحياء الدقيقة بجامعة ساسكاتشوان الكندية- قوله "على الرغم من أن الخفافيش لا تتخلص من الفيروس فإنها لا تمرض".
 
وأوضح الباحث "لذا أردنا أن نفهم لماذا لا تقوم فيروسات كورونا المسببة لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية بتدمير الاستجابة المناعية للخفافيش كما تفعل في البشر".
 
تعايش متبادل

اكتشف الفريق لأول مرة وجود تكيف بين الفيروس والخفاش والذي يبقيهما معا جنبا إلى جنب. لذا استطاعت خلايا الخفاش البني آكل الحشرات أن تبقى مصابة بفيروس كورونا لعدة أشهر.
 
يضيف الباحث الرئيسي "بدلا من أن يميت الفيروس خلايا الخفاش كما يفعل في الخلايا البشرية، فإنه يحافظ على علاقة طويلة الأمد معه، وذلك بالتعاون مع الجهاز المناعي الفائق لمضيفه. ومن ثم فإننا نعتقد أن فيروس سارس-كوف 2 الحديث يعمل بنفس الطريقة".
 
ويرى الباحثون أن الظروف المحيطة بالخفافيش -مثل بيعها في الأسواق الرطبة وكذلك الأمراض التي تصيبهم أو حتى فقدان مساكنهم- قد تكون السبب وراء انتشار فيروسات كورونا إلى أنواع أخرى.

وتتسبب هذه الضغوط "في إجهاد التوازن القائم بين جهاز المناعة والفيروس داخل الخفاش، مما يؤدي إلى تكاثره" كما يقول اباحث.
 
ويرى داريل فالزارانو مُطوّر أول علاج محتمل لفيروسات كورونا المرتبطة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية والمشارك بهذه الدراسة "فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية التاجي يمكنه أن يتكيف بسرعة في أي مكان".
 
وأشار الباحث إلى أن "هذا يفسر الكيفية التي تستطيع بها هذه الفيروسات الانتقال بين الأنواع الحية دون عناء يذكر".
 
آلية التكيف في الخفافيش

وقد أظهرت دراسة سابقة أن فيروسات الخفافيش التاجية يمكنها أن تبقى كامنة مع مضيفها الطبيعي لمدة أربعة شهور "إلا أننا لا نعرف الكثير عن التفاعلات الجزيئية لهذه الفيروسات مع مضيفاتها" كما يقول الباحث الرئيسي.
 
ويكمن السر في سرعة تكيف الفيروسات التاجية مع الأنواع التي تصيبها. فعند تعرض الخفافيش لفيروسات كورونا المسببة لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية فإنها تتأقلم معها.
 
ليس ذلك من خلال إنتاج بروتينات الحساسية -السمة المميزة للإصابة بالمرض- ولكن بالإبقاء على الاستجابة الطبيعية المضادة للفيروسات؛ وهي بالطبع الوظيفة المتوقفة في غيرها من الأنواع. كما أنها تقوم بتعديل أحد الجينات بسرعة كبيرة.
 
وخلص البحث إلى أن هذه التكيفات السريعة تؤدي إلى إبقاء الفيروس غير ضار فترة طويلة داخل الخفاش حتى يتم إجهاد هذا التوازن الدقيق إثر حدوث شيء ما، مثل الأمراض أو أية ضغوط أخرى. ومن ثم يبدأ الانتقال إلى الأنواع الأخرى.

المصدر: الجزيرة نت
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر