تناول الفواكه الداكنة قد يساعد في حفظ قدرات الرئتين

ضمن فعاليات المؤتمر الدولي للمجمع الأميركي لأمراض الصدر ATSIC في سان ديغو بكاليفورنيا، عرض الباحثون من جامعة جونز هوبكنز في الحادي والعشرين من شهر مايو (أيار) الحالي نتائج دراستهم تأثيرات تناول الفواكه والخضار على دعم مستوى صحة الرئتين وخفض احتمالات تدهور قدراتهما الوظيفية. وأفاد الباحثون من قسم التغذية البشرية بكلية جونز هوبكنز بلومبيرغ للصحة العامة في بالتيمور، أن مركبات فلافونويد Flavonoids الكيميائية، الموجودة بشكل طبيعي في المنتجات النباتية كالفواكه والخضار، بإمكانها إبطاء التدهور الطبيعي الذي يعتري قدرات ونتائج «اختبار وظائف الرئة» Lung Function Test بفعل التقدم في العمر.
 
- مركبات نباتية طبيعية

مركبات فلافونويد هي التي تعطي الفواكه والخضار ألوانها المختلفة، وهي من فئة المركبات الكيميائية الطبيعية، أو بوليفينول Polyphenols، التي تلبي القيام بالعديد من الأدوار في حياة النباتات. وباعتبارها أصباغا نباتية، فهي مسؤولة عن الألوان النابضة بالحياة للفواكه والخضراوات، كما أنها تجذب الحشرات التلقيحية، وتنظم نمو الخلايا في النباتات. وكانت عدة بحوث ودراسات علمية سابقة قد افترضت أن مركبات الفلافونويد الغذائية قد تحمل الكثير من الفوائد على صحة الإنسان. وكشفت تلك الدراسات عن وجود مجموعة من مركبات الفلافونويد ذات الخصائص المضادة للالتهابات والمضادة للسكري، بالإضافة إلى فوائدها المضادة للسرطان والواقية من اضطرابات الأعصاب.

ويُضيف البحث العلمي الجديد، إلى هذه القائمة من الفوائد الصحية، أن نوعاً معيناً من مركبات الفلافونويد، ويدعى أنثوسيانين Anthocyanins، يمكن أن يساعد في الحفاظ على وظائف الرئة بشكل جيد ويحميها من التدهور الطبيعي المتوقع مع التقدم في العمر. ومركبات أنثوسيانين توجد بشكل أعلى في أنواع الفواكه الداكنة اللون، مثل التوت والعنب الأحمر.
 
وقاد فريق البحث الدكتورة فانيسا غارسيا لارسن، وهي أستاذة مساعدة في قسم التغذية البشرية بقسم الصحة الدولية في الكلية، وشاركها باحثون من بريطانيا وتشيلي والنرويج.
 
وأفاد الباحثون بأن الدراسات العلمية السابقة كانت قد أظهرت أن يُمكن ملاحظة وجود مركبات أنثوسيانين النباتية في أنسجة الرئة بعد فترة قصيرة من تناول أنواع الفواكه المحتوية عليها، كما أظهرت نتائج تلك الدراسات أن مركبات أنثوسيانين النباتية تعمل على خفض إنتاج المخاط وخفض حدة مستوى الالتهابات في حالات مرض الانسداد الرئوي المزمن COPD.
 
ورغم هذه الملاحظة العلمية، كما قالت الدكتورة لارسن، فإن الأدلة التطبيقية على حالات المرضى قليلة جداً في توضيح الارتباط ما بين الفلافونويد ومستوى قدرات وظائف الرئة. وأوضحت أن الدوافع وراء إجراء هذا البحث بقولها: «أردنا أن نتحقق مما إذا كان تناول الأنثوسيانين الغذائي مرتبطا بانخفاض قدرات وظائف الرئة لدى متوسطي العمر من البالغين».
 
- تقييم وظائف الرئة

ولتحقيق هذه الغاية، فحصت الدكتورة غارسيا لارسن وزملاؤها الباحثون بيانات المسح الصحي التنفسي الثاني والثالث للمجمع الأوروبي للصحة التنفسية European Community Respiratory Health Surveys، والتي استمرت في المتابعة من عام 2002 إلى عام 2012.
 
ومن تلك البيانات، ركز الباحثون في هذه الدراسة على البيانات المتوفرة عن 463 بالغاً من النرويج وإنجلترا، ممن متوسط أعمارهم هو 44 سنة، والذين شاركوا في إجراء اختبار قياس التنفس Spirometry Test ضمن تقييم وظائف الرئة في بداية الدراسة وفي الأوقات المختلفة للمتابعة الطبية. و«اختبار قياس التنفس» هو أحد مكونات اختبار تقييم وظائف الرئة، ويقيس مدى تدفق الهواء وحجم الهواء الذي يمكن للشخص زفيره من رئته بأفضل وأقوى قدرة لديه.
 
وبشكل أكثر تحديداً، يقيس هذا الاختبار، الذي يتم بعد التنفس العميق وامتلاء الرئتين بالهواء، مقدار كل من ثلاثة عناصر: العنصر الأول هو «الحجم الإجمالي للهواء الذي يتم قذفه بقوة في الثانية الأولى للزفير» FEV1. والعنصر الثاني هو «الحجم الإجمالي للهواء الذي ينفث بقوة خلال عملية الزفير كلها» FVC، والعنصر الثالث هو «مقدار النسبة فيما بين العنصر الأول والثاني لقياس التنفس» FEV1-FVC.
 
وبالإضافة إلى ذلك، أتم المشاركون في الدراسة الإجابة عن أسئلة استبيان غذائي يتضمن مدى تناول عدد من المنتجات الغذائية، ومنها المنتجات الغذائية المحتوية على مركبات الأنثوسيانين، وتم تقسيم المشاركين إلى أربع فئات بحسب مدى تناول تلك المركبات الغذائية.
 
وكشفت نتائج البحث أن لدى فئة المشاركين الأعلى في تناول الأنثوسيانين كان ثمة بطء أكبر في مقدار التدهور للعناصر الثلاث في تقييم اختبار التنفس، وذلك عند مقارنتها مع نتائج تقييم اختبار التنفس لدى فئة المشاركين الأدنى في تناول الأنثوسيانين. وتحديداً، فان لدى فئة المشاركين الأعلى تناولا للأنثوسيانين، كان مقدار التدهور السنوي لـ«الحجم الإجمالي للهواء الذي يتم قذفه بقوة في الثانية الأولى من الزفير» حوالي 9 مليلترات، بينما بلغ ذلك حوالي 20 مليلترا في فئة المشاركين الأدنى تناولا للأنثوسيانين. كما كان مقدار التدهور السنوي في «الحجم الإجمالي للهواء الذي ينفث بقوة خلال عملية الزفير كلها» في فئة المشاركين الأعلى تناولا للأنثوسيانين هو حوالي 9 مليلترات، بينما بلغ ذلك حوالي 22 مليلترا في فئة المشاركين الأدنى تناولا للأنثوسيانين.
 
وبالإضافة إلى ذلك، نظر الباحثون في مدى تحقق فوائد لاستهلاك الأنثوسيانين لدى المدخنين، ولدى أولئك الذين كانوا يدخنون ثم تركوا التدخين، وكذلك لدى أولئك الذين لم يدخنوا أبداً. ووجد الباحثون أن مركبات الفلافونويد لم تفد المدخنين، بينما استفاد من تناول المنتجات الغذائية المحتوية عليها كل من الذين كانوا يدخنون ثم تركوا التدخين، والذين لم يدخنوا أبداً.
 
وخلص الباحثون إلى أن «التناول الغذائي لمصادر الأنثوسيانين يرتبط بتدهور أبطأ، وبشكل ملحوظ، في وظائف الرئة لدى عامة الناس، وخاصة بين منْ لم يُدخنوا أبداً ومن كانوا مدخنين في السابق، ولكن ليس بين المدخنين». وعلقت الدكتورة لارسين بالقول: «تشير دراستنا إلى أن عامة الناس يمكن أن يستفيدوا من تناول المزيد من الفاكهة والخضار الغنية بمركبات الفلافونويد مثل التوت، وخاصة أولئك الذين تخلوا عن التدخين أو منْ لم يدخنوا أبداً. وبالنسبة للمدخنين، يبقى الإقلاع عنه هو أفضل ما يمكنهم فعله لحماية صحتهم».
 
- التغيرات في سعة الرئة والتقدم في العمر
 
> يبلغ الحد الأقصى لحجم الهواء الذي تستطيع الرئتين الاحتفاظ به، أي السعة الإجمالية للرئة، حوالي 6 لترات. ولكن تلك الكمية تتراوح ما بين 3 و5 لترات في الغالب، وذلك بحسب مقدار العمر والجنس والطول والوزن. وبعد بلوغ المرء عمر 35 سنة، من الطبيعي أن تنخفض قوة وظائف الرئة تدريجياً، ما يمكن أن يجعل عملية التنفس أكثر صعوبة مع التقدم في السن.
 
وتوضح الرابطة الأميركية للرئة ALA أن هناك عددا من التغيرات الطبيعية التي تحدث مع التقدم في السن، والتي بمجملها قد تتسبب في انخفاض سعة الرئة. وعلى سبيل التوضيح، يمكن أن يعتري الضعف مجموعة العضلات التي تشارك في إتمام عملية التنفس، مثل عضلة الحجاب الحاجز والعضلات بين الضلوع والعضلات الصدرية المتصلة بالرقبة. كما يمكن أن يعتري الضعف تركيب مكونات أنسجة الرئة، التي يساعد تماسك بنيتها الطبيعية في الحفاظ على مجاري الهواء مفتوحة، وبالتالي قد تفقد مجاري التنفس مرونتها الطبيعية عند حصول ضعف في تركيب أنسجة الرئة، مما يعني أن تصبح مجاري الهواء أصغر وأكثر ضيقاً. كما يمكن أن تتغير بنية ومفاصل عظام القفص الصدري، وبالتالي قد يصغر حجم تجويف القفص الصدري، ما يترك مساحة أقل لتوسع الرئتين عند الشهيق والزفير.
 
ومن خلال إجراء اختبار قياس التنفس تتضح نتائج عدة جوانب لتقييم وظائف الرئة في حالات الإصابة بأمراض مزمنة في الرئة وكذلك عند تقييم مستوى التدهور الطبيعي لقدرات الرئة. وعلى سبيل المثال، فإن «الحجم الإجمالي للهواء الذي ينفث بقوة خلال عملية الزفير كلها» هو في الحالات الطبيعة حوالي 80? من السعة الإجمالية للهواء الذي يُمكن أن تستوعبه الرئتين، أي حوالي 3.8 لتر لشخص بطول 170 سنتيمترا. وهذه الكمية تقل مع التقدم في العمر بحوالي 0.2 لتر في كل عشر سنوات حتى لدى الأصحاء من الناس. وكذلك ينخفض «الحجم الإجمالي للهواء الذي يتم قذفه بقوة في الثانية الأولى من الزفير» بمقدار حوالي 2? سنوياً بعد بلوغ عمر 35 سنة.
 
وتضيف رابطة الرئة الأميركية القول: «حصول انخفاض في وظائف الرئة هو جزء طبيعي من عملية الشيخوخة، ولكن هناك خطوات يمكنك اتخاذها للبقاء بصحة جيدة قدر الإمكان. إن المحافظة على النشاط البدني، وتجنب التدخين، وتلقي اللقاحات هي من الطرق التي يمكن من خلالها حماية الرئتين وتقويتها».


المصدر: الشرق الأوسط

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر