سجدة صلاح وقاضية كلاي.. لقطات مبهجة للمسلمين

اختلف كثير من السياسيين، ورجال الدين، وخبراء علوم الاجتماع حول طرق مواجهة ظواهر العنصرية ومعاداة الأجانب والمسلمين، التي ارتفعت حدتها في المجتمع الغربي في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ.
 
لكن أحدا لم يخطر بباله أن الرياضة بإمكانها أن تلعب دورا فاعلا في وجه هذه الظواهر الخطيرة، والمساعدة في تغيير الوعي المزيف المنتشر في الغرب ضد الأجانب والمسلمين.
 
محمد صلاح، أيقونة مصرية أدهشت العالم بأسره، بالتزامها الأخلاقي ونجاحها الرياضي، ما أهّلها لحمل راية الرياضي المسلم خلفا لأسماء لامعة في عالم الرياضة، وعلى رأسها الملاكم العالمي محمد علي كلاي.
 
ـ كفاح ونجاح
 
شكل صلاح (25 عاما) مثالا للمثابرة والاجتهاد بداية من طفولته ومرورا بظروف حياته الصعبة في إحدى قرى محافظة الغربية شمالي مصر، لكنه لم يتراجع أبدا عن إيمانه بنفسه، إلى جانب مسؤولياته تجاه مجتمعه.
 
بدأ مسيرته الرياضية في سن السابعة في أحد الأندية المحلية في محافظته، ثم بدأ بتطوير نفسه حتى انتقل إلى نادي "المقاولون" المصري عام 2010، حيث انضم إلى صفوف فريق الناشئين، ولكن أداءه المميز وعمله الجاد دفع مدرب الفريق الأول إلى إشراكه في مباريات الدوري المصري، ونال خلالها إشادة الجميع.
 
وعقب فاجعة استاد بورسعيد الرياضي عام 2012 التي راح ضحيتها 72 شخصا، توقف النشاط الرياضي في مصر، لكن القدر كان يخبّئ لصلاح ما كان يحلم بتحقيقه منذ صغره.
 
ـ صلاح يطير إلى أوروبا
 
انتقل صلاح إلى نادي بازل السويسري، لتكون تجربته الاحترافية الأولى في القارة الأوروبية، وعقب موسمين ناجحين جدا هناك، نجح صلاح في جذب انتباه الأندية الإنجليزية، وهذا ما تحقق لاحقا بانتقاله إلى نادي تشيلسي.
 
لم يكن وضع صلاح في تشيلسي أفضل حالا من سابقه، نظرا لقلة مشاركته في المباريات، ما دعاه للانتقال إلى إيطاليا للعب في نادي فيورنتينا، وهناك توهج وقدم أداء قويا، فنجح روما الإيطالي في الظفر بموهبته موسم 2015 ـ 2016.
 
وأكمل صلاح مسيرة تألقه في الملاعب الإيطالية خلال موسمين قضاهما مع روما، سجل خلالهما 34 هدفا، واختير خلال موسم 2016 ـ 2017 أفضل لاعب في الفريق.
 
ـ صلاح يلمع
 
شكل موسم 2017 ـ 2018 الذي لم ينته بعد محطة مفصلية في تاريخ صلاح، انتقل بدايته إلى صفوف ليفربول الإنجليزي مقابل 42 مليون يورو، ليعود إلى منافسات الدوري الأعرق في العالم.
 
وتألق صلاح الذي نجح في دخول قلوب مشجعي ليفربول سريعا، في منافسات دوري أبطال أوروبا والدوري الإنجليزي، وأبهر الجميع بتسجيل 39 هدفا، وصنع 13 آخرين في جميع المسابقات.
 
وعلى صعيد منتخب بلاده، نجح "مو" كما يطلق عليه محبوه في أوروبا، في قيادة مصر للتأهل إلى كأس العالم المقرر انطلاقها في يونيو / حزيران المقبل في روسيا.
 
ـ الرياضة والأخلاق
 
ورغم كم الشهرة والنجومية التي يحظى بها صلاح في أوروبا بشكل عام، وخصوصا في إنجلترا، إلا أنه ما يزال محافظا على تواضعه، وتأسيس علاقة طيبة جدا مع مدربه وكامل أفراد فريقه ليفربول، فضلا عن المشجعين.
 
وبعيدا عن الأضواء، يعرف صلاح بمشاركته في إطلاق إنشاءات خدمية وأعمال خيرية عديدة، في قريته وأنحاء عدة في مصر.
 
ومؤخرا، أعلن صندوق مكافحة وعلاج الإدمان في مصر أن الخط الساخن لعلاج الإدمان شهد خلال ثلاثة أيام بعد إطلاق صلاح حملة (أنت أقوى من المخدرات) زيادة في المكالمات الواردة بنسبة 400 في المائة، مقارنة بعدد المكالمات التي تلقاها الصندوق خلال الفترة نفسها في مارس / آذار السابق.
 
ـ إنجلترا تغير نظرتها للإسلام
 
وخارج مصر، نجح صلاح في أن يكون معشوقا لجماهير فريقه لدرجة دفعتهم لتكرار الهتاف بأنهم سيعتنقون الإسلام حال "استمر في تسجيل الأهداف".
 
وراحت سجدة صلاح عقب كل هدف يحرزه، إحدى الحركات التي ينتظرها جماهير الفريق في المدرجات، وتثير نشاطها وهتافاتها، وهو ما يظهر خلال تقليد الأطفال والشباب لصلاح، والسجود عقب تسجيل أهداف، ومشاركة ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
 
هذا التغير السريع الذي طرأ على نظرة المواطن الأوروبي إلى الإسلام والمسلمين، أمر توقف عنده كثير من الكتاب والمفكرين الغربيين.
 
يقول الكاتب البريطاني موسى أوكونغا، إن بريطانيا تعاني مشكلات تتعلق بالعنصرية ومعاداة اللاجئين، والمواطن يحسب أن المهاجرين يسلبون حقوقه، ويحصلون على وظائفه، ويستفيدون من ضرائبه.
 
وأضاف لـ "الأناضول"، محمد صلاح صار في الفترة الأخيرة رمزا للدفاع عن هذه الأقلية في أوروبا، وأصبح أحد أهم النماذج الإيجابية في تغيير وعي البريطانيين تجاه الأجانب والمسلمين، ودعم فكرة "المهاجر الصالح" في وجه "المهاجر الفاسد".
 
ظاهرة صلاح، ذكّرت كثيرين بأسطورة رياضة الملاكمة محمد علي كلاي الذي أبهر العالم أيضا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، بنجاحه الرياضي وضربته القاضية التي اشتهر بها، ومثل صورة رائعة عن الإسلام في الغرب، وصار رمزا للسعادة والمحبة للمسلمين.
 
كذلك كريم عبد الجبار، عملاق كرة السلة على مدار تاريخها الطويل، وأيقونة من أيقونات دوري NBA الأمريكي، الذي كان خير ممثل للإسلام والمسلمين في عالم الرياضة حول العالم.
 
ورغم كافة ما يعانيه العالم الإسلامي من صراعات واختلافات، إلا أن أغلب المسلمين اجتمعوا على حب صلاح، حيث يرون فيه مصدرا للسعادة والأمل، لا سيما والعالم يقارنه بعمالقة كرة القدم الحاليين كريستيانو رونالدو، وليونيل ميسي.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر