قَدم العمل الحر حلولًا جذرية لكافة القيود التي كانت تُفرض على من يعمل بدوام كامل. فالآن من يختار العمل المستقل لن يحتاج الذهاب يوميًا إلى مكتب أو مقر العمل. لأنه يستطيع العمل من أي مكان يحدده سواء المنزل أو أي مكان أخر يُريده. كما يستطيع اختيار أوقات العمل والجداول الزمنية الخاصة به.
 
فقفد كشفت دراسة قامت بها شركة الأبحاث المستقلة "Edelman Berland" العام الماضي 2015، وبتكليف من اتحاد المستقلين وبالشراكة مع موقع Upwork المتخصص في وظائف العمل الحر، أن هناك ما يقرب من 54 مليون شخص في أمريكا يعمل بالعمل المستقل، و60 % منهم بدأ العمل الحر بمحض إرادته واختيار تام منه.
 
حيث قال 50% من المستقلين بأنهم لن يتركوا العمل الحر واللجوء إلى الوظائف التقليدية-بغض النظر عن المقابل المادي الذي سيحصلون عليه حينذاك. فالعمل الحر لا يمكن اختزاله بمجال محدد، فأي شخص يستطيع العمل في أي تخصص يتقنه، طالما يستطيع تقديم خدماته باحترافية في هذا المجال، ونستعرض هنا أهم تخصصات العمل الحر التي يمكنك العمل بها:
 
التصميم الجرافيكي
 
تُعتبر أفضل طريقة لإيصال رسالة ما في وسائل الإعلام الإلكترونية أو المطبوعة، هي استخدام الألوان، والرسوم التوضيحية أو المتحركة، والتصوير الفوتوغرافي، بالإضافة إلى مختلف تقنيات التخطيط والطباعة. لذلك يُعتبر تصميم الجرافيك من أكثر مجالات العمل الحر شهرة وانتشارًا، فهو فن الاتصال البصري، وحل المشكلات من خلال استخدام فن التيبوغرافي، والتصوير، والرسوم.
 
يعمل مصممو الجرافيك على تخطيط وتطوير وتحليل البيانات المختلفة لخلق تصميم بصري يستطيع إيصال الهدف أو الرسالة المرجوة. فيقومون بتصميم الكتب والصُحف والمجلات، والرسوم البيانية. وكذلك تصميم الهوية البصرية الكاملة للشركات، والتي تُعبر من خلالها الشركة عن أهدافها وقيمها، وحتى عرض وتسويق منتجاتها. فيبدأ تصميم الهوية البصرية بشعار الشركة أو المؤسسة، مرورًا بموقع الشركة الإلكتروني، والإعلانات الخاصة بها، بالإضافة إلى جميع المطبوعات، والأوراق الخاصة بالشركة، وحتى ملابس الموظفين وبطاقات التعريف الخاص بهم.
 
لذلك إن كنت تريد البدء في العمل الحر كمصمم جرافيك لابد من أن تمتلك الموهبة والقدرة الإبداعية، ثم إتقان المهارات الأساسية الخاصة بالتصميم كنظرية الألوان، والقدرة على جمع ومزج الألوان، والتفرقة بينهم.  وكذلك إجادة العمل على برمجيات التصميم المختلفة مثل الـ Photoshop، والـ Illustrator، والـ InDesign وغيرها من البرمجيات الأخرى.
 
 
الكتابة وصناعة المحتوى

حاليًا، بدأت الصحافة المكتوبة في الاندثار، فاتجهت كافة الصحف إلى بناء مواقع إلكترونية خاصة بها لعرض محتواها، مما أدى إلى تطور وانتشار الصحافة الإلكترونية لتصبح البديل الأساسي للصحافة المكتوبة. ومن هُنا بدأت أهمية التحرير وصناعة المحتوى في الازدهار. فلا أهمية لموقع متخصص في صناعة التقارير أو الأبحاث أو حتى المقالات المختلفة دون صناع المحتوى أو المحررين.
 
فيتسع مجال الكتابة وصناعة المحتوى ليشمل الكثير من التخصصات المختلفة، بدءً من كتابة الكُتب والقصص والروايات، أو كتابة السناريو الخاص بالأفلام أو المسرحيات، وكذلك كتابة النص الخاص بالبرامج التلفزيونية. بالإضافة إلى صناعة وتحرير الأخبار، أو تحرير التقارير الصحفية، وصناعة المحتوى الإعلاني الخاص بالشركات والمؤسسات، أو حتى صناعة المحتوى الخاص بمواقع التواصل الاجتماعي.
 
وبالتالي أصبح تخصص الكتابة وصناعة المحتوى من أهم تخصصات العمل الحر، فهو لا يقل أهمية عن مجال تصميم الجرافيك، فكما تحتاج المؤسسة إلى مصمم متميز للتعبير عنها وصناعة الهوية البصرية الخاصة بها، تحتاج أيضًا لكاتب جيد يستطيع نقل رسالتهم، والحفاظ على تواصلهم مع العالم. فيمكن لمن يمتلك مهارات الكتابة والتحرير أن يبدأ كصانع محتوى في مجال تخصصه أيّأ كان.
 
الترجمة

بسبب تطور وسائل التواصل الاجتماعي بين البشر، وبسبب عدم إتقان البشر جميعًا لنفس اللغة، ازدادت الحاجة إلى مهارات الترجمة، مما جعلها واحدة من أسرع المهن نموًا حتى الآن. فتعتبر الترجمة طريقًا مهمًا للتفاعل العالمي بين الدول والشعوب، فمن خلالها يستطيع الفرد التعرف على ثقافات الأمم عن طريق قراءة تاريخهم، علومهم، وآدابهم.
 
فلا تقتصر أهمية الترجمة في إقامة العلاقات التفاعلية بين الأمم لتحقيق التقدم في السياسة أو التكنولوجيا وحسب. بل يتسع مجال الترجمة ليشمل ترجمة الكُتب، أو الأبحاث والرسائل العلمية، أو ترجمة التقارير المتخصصة، وترجمة العقود التجارية أو القانونية، أو حتى ترجمة الشهادات الدراسية.
 
البرمجة والتطوير
 
تُعتبر البرمجة من أهم مجالات وتخصصات العمل الحر، فالبرمجة والتطوير هما أساس العمل المستقل، فلا وجود لموقع على الإنترنت إلا بالبرمجة وتطوير الويب، ولا وجود لتطبيق على الهواتف الذكية بدون البرمجة. فوفقًا لموقع العمل الحر Upwork، تعتبر البرمجة بلغاتها المختلفة من أهم تخصصات العمل الحر وأكثرهم دخلًا.
 
فتطوير أي برنامج ينطوي على سلسلة من الخطوات، بدءً من تعرف المبرمج على المشكلة، والتخطيط للحل، ثم كتابة "الكود" الخاص بالبرنامج، ليختبره ويتأكد من نجاحه، ومن ثم توثيقه واعتماده. لذلك إن كنت تريد البدء في العمل الحر كمُبرمج لابد من إتقان المهارات اللازمة والإلمام بلغات البرمجة المختلفة.
 
تقنية المعلومات

البدء باستخدام أجهزة الكمبيوتر أدى إلى تغير عالم الأعمال للأبد، فاعتماد الشركات على البرمجيات المختلفة دفعها لاستخدام تكنولوجيا المعلومات لضمان إدارة أعمالهم بسلاسة وأمان. لذلك أصبح مجال تكنولوجيا المعلومات من أهم المجالات في سوق العمل كافة، وليس فقط العمل الحر، فتكنولوجيا المعلومات عبارة عن دراسة واستخدام الأنظمة لتخزين، واسترجاع، وإرسال المعلومات المختلفة. متضمنًا في ذلك البرمجيات والأجهزة والتطبيقات.
 
ولا يقتصر تخصص تكنولوجيا المعلومات على مجال الأعمال والشركات فقط، حيث يلعب دورًا جوهريًا في مجال التعليم الحديث، من خلال إعداد الدورات التدريبية المختلفة وتخزينها ومن ثم عرضها على شبكة الإنترنت.
 
 فمع تطور التعلم الذاتي، وظهور المساقات مفتوحة المصدر، أصبح هناك العديد من المواقع المُتخصصة في تقديم الدورات التدريبية من أهم الجامعات عبر الإنترنت ليتسنى للطلاب حول العالم من الاستفادة منها. وبالتالي إن كنت تبحث عن تخصص فريد لتبدأ به العمل كمستقل يمكنك البدء بعد إتقان المهارات والخبرات اللازمة بمجال الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات.
 
التسويق والمبيعات
 
يَكمن نجاح أي شركة أو منتج في التسويق المميز له. فمعظم جوانب العمل تعتمد بشكل أساسي على التسويق الناجح. لأن التسويق هو العملية التي يتم من خلالها عرض المنتج أو الخدمة، والترويج للعملاء المحتملين. حيث توفير الدعم المتخصص للشركات والمؤسسات، ومساعدتها في النمو والتوسع من خلال الفهم المتعمق للسوق، ووضع الاستراتيجيات التسويقية الفعالة، وتنفيذ الحملات التسويقية على فئة المستهلكين المستهدفة.
 
فعلى الرغم من أن التسويق في غاية الأهمية للشركات لتحقيق النجاح، إلا انه قد يكون مكلف للغاية في البداية، فبعض الشركات قد تنفق ما يقرب من نصف مبيعاتها على التسويق، وبالتالي تسعي الشركات لبرامج التسويق التي تعطيها أفضل فرصة للنمو والمنافسة في السوق وبأسعار مناسبة، فتلجأ إلى المُسوقين ومقدمي الدعم في مجال التسويق من المُستقلين، مما يجعل مجال التسويق من أهم مجالات العمل المستقل.
 
والآن، إن كنت تُتقن المهارات اللازمة للعمل بإحدى التخصصات السابقة، يُمكنك البدء بالبحث عن العمل أو الفرصة الوظيفية التي تناسبك من خلال مواقع العمل الحر المختلفة، نذكر منها ما يلي:
 
1-   مُستقل

مستقل هو منصة العمل الحر للمستقلين في الوطن العربي، حيث يعمل على وصل الشركات وأصحاب المشاريع بأفضل المستقلين المحترفين لمساعدتهم على تنفيذ أفكارهم ومشاريعهم، وبنفس الوقت يتيح للمستقلين مكانا لإيجاد مشاريع يعملون عليها ويكسبون من خلالها.
 
 
2-   Upwork
 
يُقدم Upwork للمستقلين العديد من المشروعات والوظائف على المدي القصير والطويل، فيضم الموقع أكثر من 1.5 مليون عميل، يسعون للحصول على المستقلين المناسبين لأداء الاعمال الخاصة بهم.
 
3-   Freelancer
 
يُقدم الموقع العديد من فرص العمل في كافة المجالات والتخصصات المتعلقة بالعمل الحر، بالإضافة إلى وجود العديد من المسابقات التي يتنافس عليها المستقلين.