عن حاضرة عدن


صلاح م. إسماعيل

ذكرت عدن في "سفر حزقيال" في العهد القديم كمحطة مهمة لتجارة التوابل التي كانت منتعشة لمدة ألفية كاملة، كانت المدينة في بدايتها شبه جزيرة صغيرة بلا موارد طبيعية تذكر ولكن موقعها بين مصر والهند جعلها ذا شأن مهم في طريق التجارة العالمية القديم.
 
تشتهر مدينة عدن بمينائها الذي يقع على الخط الملاحي الدولي الرابط بين الشرق بالغرب, ولا تحتاج السفن لأكثر من 4 أميال بحرية فقط لتغيير اتجاهها للوصول إلى محطة إرشاد الميناء. يتميز الميناء بأنه محمي طبيعياً من الأمواج, والرياح الموسمية الشمالية الشرقية, والجنوبية الغربية, وذلك لأنه يقع بين مرتفعي جبل شمسان على بعد 553 متر وجبل المزلقم على بعد 374 متر, مما يمكنه من العمل دون توقف طوال العام. ويغطي الميناء مساحة مقدرة بـ 8 ميل بحري من الشرق إلى الغرب و5 ميل بحري.
 
موقعها و مميزاته الطبيعية جعلت منها مصدر لجذب الأطماع الخارجية منذ أن استخدم الإنسان السفن في ممارسة التجارة و النقل، و في نفس الوقت مفتاح للسيطرة على اليمن منذ أن عرفت كموطن لمملكة أوسان في القرن السابع ق.م. على سبيل المثال، في الربع الأول من القرن السادس الميلادي سقطت مملكة حمير على يد قوات مملكة أكسوم ( تُعرف سابقًا باسم الحبشة والتي كان مقرها في مدينة أكسوم على سفح جبال عدوة شرق إقليم تجراي، إثيوبيا)، و كان الغزو لليمن من خلال باب المندب و دخل الأسطول إلى عدن، لتمتد السيطرة منها إلى كل انحاء اليمن.
 
مع بدء البرتغاليين في التوسع في مياه المحيط الهندي في عام 1498، أدركوا أن مدينة عدن هي مفتاحهم للدخول إلى البحر الأحمر. مع فشلهم في السيطرة عليها في ذلك الوقت، دخلت عام 1538 تحت سيطرة الدولة العثمانية، و كان الهدف من السيطرة عليها منع البرتغاليين من احتلالها، وفي ظل حكمهم شهدت المدينة أياماً عصيبة بسبب اكتساب ميناء المخا أهمية على حساب ميناء المدينة.
 
عام 1839، سيطرت بريطانيا على عدن. ثمّ أعلن الكابتن ستافورد هاينز أن المدينة أصبحت منطقة حرة. لتغدو  ميناءا مهما للانجليز يربط امبراطوريتهم الممتدة شرقا إلى الهند و غرباء إلى المحيط الأطلسي.
 
جعلت بريطانيا من عدن عاصمة للكيان الذي أشرفت على إنشائه تحت اسم " اتحاد إمارات الجنوب العربي" عام 1959 بإشراف السياسي البريطاني (وليم لوس). من المفارقات أن لوس نفسه أشرف على إنشاء اتحاد الإمارات العربية المتحدة.
 
بالقفز إلى الوقت الراهن، نجد أن الإمارات العربية تحاول انجاز ما فشلت به بريطانيا من جهة بفصل عدن و جنوب اليمن من جذوره و هويته اليمنية، و كذلك السيطرة على ميناء عدن عبر شركة موانئ دبي العالمية، كما فعلت قبلها شركة الهند الشرقية الذراع الاقتصادي و المالي لبريطانيا الاستعمارية، و هذا ما سأتناوله بشكل أسهب في المقالة القادمة.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر