الطريق إلى التسوية الغامضة


ياسر عقيل

على أعتاب العام الرابع من الحرب في اليمن وتدخل التحالف العربي يجرى التحضير لتسوية سياسة لم تعلن مضامينها بشكل صريح، غير أن سلسلة من اللقاءات والتسريبات تكشف ملامح تحرك دولي في هذا السياق، لإنهاء الحرب من خلال إقناع الأطراف بالقبول بالحل السياسي بعد تعثر الحسم العسكري الذي يراوح مكانه دون إحراز أي تقدم.
 
خلال الأيام الماضية كشف وكالة "رويترر" عن مفاوضات بين مسؤولين سعوديين وقيادات من الحوثيين في العاصمة العُمانية مسقط والتي تحتفظ بعلاقة دبلوماسية جيدة مع معظم الأطراف المؤثرين على استمرار الحرب وخاصة إيران التي تعد الداعم الرئيسي للحوثيين في اليمن، يبدوا واضحاُ أن هناك تفاهمات من خلال توقف استهداف المدن السعودية وهدوء في جبهات الحدود.
 
بالتزامن من تلك المفاوضات زار وفد دبلوماسي أوروبي رفيع العاصمة صنعاء لأول مرة منذ تدخل قوات التحالف الذي تقوده السعودية في 26مارس/آذار 2015 والذي ضم سفيرة الاتحاد الأوربي وسفراء فرنسا وهولندا ودبلوماسي سويدي، لا يعرف بالتحديد ماهي التصورات التي يمكن أن يقدموها للحوثيين لإقناعهم بمشروع تسوية لم تحدد ملامحها وهي طي الكتمان، لكن هناك معطيات تجعل الكثيرين يترقبون ما ستنتج تلك التحركات خلال الأيام القادمة.
 
كان لافتاً من خلال دعوة الرئيس هادي في اجتماعه مع هيئة مستشارية الحوثيين إلى بِناء الثقة وإطلاق الأسرى والمعتقلين وإيقاف إطلاق الصواريخ السعودية، أن ثمة رسائل مبطنه تمهد الرأي العام المساند للحكومة بتقبل صيغة التسوية الجديدة التي يتم الاعداد لها بعيداً عن الإعلام، في الوقت نفسه التقى هادي السفير الأمريكي، وكان الأخير قد أجرى سلسلة لقاءات خلال الأيام الماضية مع مسؤولين آخرين، كثافة تلك اللقاءات توحي أن هناك محاولات عديدة للتشاور للوصول إلى نقاط اتفاق لتسوية جديدة.
 
كل تلك التحركات تجرى في إطار تهيئة المناخ أكثر للمبعوث الأممي الجديد البريطاني غريفيث الذي بدأ مهامه بشكل رسمي حيث التقى الرئيس هادي اليوم في الرياض ومن المتوقع أن يجرى لقاءات خلال الأيام القادمة مع جميع أطراف الأزمة اليمنية، لطرح أفكار جديدة للعودة للمفاوضات بشكل معلن أو تعزيز وجهة النظر الدولية التي تسعى بشكل غير معلن إلى إبرام تسوية جديدة من خلال التحركات الأخيرة.
 
لا شيء يمكن أن يتحقق على المدى القريب على الأقل في ظل ما يجرى من تواطئ دولي مع انهيار مؤسسات الدولة بالإضافة إلى أن هناك جُملة أسباب تجعل من التفاؤل بعيد المنال من خلال التجربة الطويلة في المفاوضات مع الحوثيين، حيث تغيب الإرادة والاهتمام بأوجاع الشعب الذي يعاني من سلسلة أزمات، في المقابل تبقى الشرعية في حالة من التشتت وعدم القدرة على إدارة موقفها بشكل أكثر ثقة من خلال تقديم نموذج للدولة التي ينشدها اليمنيون.
 
من الممكن أن تصنع التحركات الدولية الأخيرة تقدم نحول الحل السياسي في حالة كان هناك ضغوط دولية قوية وجادة على الحوثيين بشكل خاص كونهم الطرف الذي نفذ الانقلاب على الدولة في سبتمبر من العام 2014، في ذلك الوقت تعامل العالم بدون مسؤولية إزاء عملية تجريف مؤسسات الدولة والسيطرة عليها بقوة السلاح، كان ذلك الخذلان الكبير هو السبب الذي أوصل البلاد إلى الأزمة الإنسانية الأسوأ عالمياً.
 
أيضاً عدة اعتبارات ستقف كعقبات امام الحل السياسي وأبرزها أن قيادات تتربح من استمرار الحرب، كما أن بقاء مقترحات الحل السياسي جامدة دون تغيير مناسب يفضي إلى قبول جميع الأطراف، سيجعل من المفاوضات مضيعة للوقت وقد تشكل هدنة مؤقتة فقط لتعود الحرب من جديد أشد ضراوة.
 
وفي الحقيقة تعيش جميع الأطراف حال ضعف أكثر من أي وقت مضى بسبب حالة الاستنزاف التي تعيشيها بالإضافة إلى السخط الشعبي جراء تدهور المعيشية وتفاقمها يوميا، والتي قد توصل الجميع إلى مأزق، في الوقت الذي تنعدم فيه خيارات المناورة والضغط لدى الطرفين.


*المقال خاص بـ"يمن شباب نت"

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر