قصص لـ"القصة بقية"


هشام المسوري

  في برنامج للقصة بقية على قناة الجزيرة، مساء الاثنين 19 فبراير، أجمع أغلب المشاركون فيه على أن المبادرة الخليجية التي رعتها السعودية، لغّمت ثورة فبراير. ومع استعراض أحداث وتحولات الثورة وفقاً لسياسة الفيلم، وقع بعض المتحدثين في حالة تناقض.
 
فالمبادرة الخليجية، بداية الفيلم، لغمت الثورة ومثلت تدشينا للثورة المضادة؛ وفي منتصف الفيلم كان الوضع غامضاً؛ ومع اقتراب الفيلم من نهايته، بدى لبعض المتحدثين أن ما حدث من تحالف بين صالح والحوثي وما تلا ذلك، كان انقلاباً بتواطؤ سعودي على مخرجات ثورة فبراير ومرجعيات العملية الانتقالية، التي هي المبادرة وآليتها ومخرجات الحوار وقرارات مجلس الأمن، التي استندت للمبادرة ومؤتمر الحوار.
 
نحتاج هنا تعريف واجابات لا تحيلنا للتناقض، فما حاجة السعودية مثلاً للانقلاب على ما نعتبره لغماً سعوديا خليجياً؟ وإذا كانت المبادرة ملغمة بالفعل وشكلت انحرافاً عن ثورة فبراير، فكيف يتبنى أصحاب هذا الطرح نفسه مسألة الدفاع عن نتائجها المباشرة وفي مقدمتها الرئيس هادي ومخرجات الحوار؟
 
دولة قطر انسحبت من المبادرة الخليجية واعتبرتها غير منسجمة مع توجهاتها الداعمة للثورة، بينما ظل تيار واسع من الشباب وبعضهم كان حاضراً في القصة البقية، يتنقل بين رفضه للمبادرة وقبوله بها، وبين التشكيك بها واعتبارها انحرافاً عن الثورة، وسعيه للانخراط في نتائجها كالمشاركة في مؤتمر الحوار. ولا يزال يتنقل بموقفه منها حتى اليوم، ويعتبرها مفخخة، وفي الوقت نفسه، يدافع عنها باعتبارها إحدى المرجعيات الثلاث!
 
إن كان البعض يتبنى موقفا ثورياً جذرياً، فهو قد انحرف عن ثوريته التي يدعيها بمجرد تبني مرجعيات العملية الانتقالية، بدءً بالمبادرة وما نتجت عنه من مؤتمر حوار ووثيقة ومسودة دستور، وجميعها جرت تحت رعاية السعودية والخليج ومجموعة الدول العشر. وحتى عمليات التحالف العربي نفسها يقول الرئيس هادي الذي يحظى بدفاع اصحاب هذا الموقف، أنها جاءت بناءً على طلبه، ولم يتخذ يوماً موقفاً تجاه علاقة الشرعية والتحالف العربي، غير تلك المعروفة من مواقفه اليومية في التثمين والإشادة بدور التحالف العربي بقيادة السعودية ودون أن ينسى الحاق قوله: "بمشاركة فاعلة من الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة" .
 
 
هذا التناقض بات أقرب إلى سمة عامة في أوساط الكثير من الشباب الذين يتجاذبهم النزوع نحو الموقف الثوري، وفي الوقت نفسه فشلهم في تنظيم أنفسهم تحت إطار سياسي يقود تمثيل رؤية ثورية.
 
 أما الانتظار من أحزاب سياسية ليست ذات طبيعة ثورية، أن تتخذ سياسة ثورية خالصة، تجاه المبادرات السياسية والاقليمية، ليس أكثر من مجرد تعبير عن فشل المنتظرين في تنظيم أنفسهم على شكل تيار يتبنى الرؤية الثورية التي كان يمكنها رفض المبادرات السياسية بالمطلق والسير نحو ابتكار البدائل السياسية الثورية بما يخدم الأهداف المعلنة للثورة.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر