استعادة الشعب إلى واجهة الحدث


همدان الحقب

كانت الثورة الشعبية 11 فبراير فعلا شعبيا واسعا من الخطأ اختزاله في مكونات سياسية بعينها أو أية أطر أخرى هي روافد للثورة لا الثورة كلها ، بمعنى آخر أن الثورة كانت عاصفة الشعب التي هبت في لحظة شعر معها أن مكتسباته القومية والنضالية مهددة وعلى رأسها جمهورية الدولة التي بدأ نظام صالح ينحو بها منحى توريثي كان يعد له بشكل لا يخفى على مراقب للوضع في اليمن ،  وفي منعطف حساس كهذا تكون فيها مكاسب الشعوب على حافة الهاوية تنتفض ملقية بثقلها في كفة الثورة مقابل كفة نظام استحال عصابة لم تعد تجيد سوى الفساد والاتجاه بالبلد نحو السقوط والانحطاط .
 
إذن لقد هدأت عاصفة الشعب بعد الثورة السلمية وبشكل ملحوظ وذلك بفعل الصعوبات التي اعترضت طريقها وزعزعت صفوفها وأهمها حجم المشكلات العميقة التي خلفها نظام الفساد وتباينت رؤى قوى الثورة حول كيفية حلها فضلا عن غياب الثقة المتبادلة داخل بينها وعدم قدرتها على التوافق وإنجاز خارطة نضال مستقبلي تحقق أهداف الثورة وتنتصر لها في كل المحطات ، ولا يمكن أن نتحدث عن العوامل التي كبحت الثورة دون التعريج على المصالح الإقليمية والدولية والتي حضرت محملة بمصالحها فتوافقت مع الصالح الثوري حيث توافقت وتباينت حيث تباينت وحيث تم الأخير ( تباينها ) أخذ حضورها طابعا صراعيا عزز حالة الانقسام الرأسي بين القوى الفاعلة في المشهد اليمني بل وعملت بعض القوى الإقليمية على إنتاج قوى جديدة قذفت بها إلى ساحة الصراع مسلحة برغبة العنف  وممارسته دون آفاق تذكر ، بمعنى آخر : قوى تم إنتاجها مصممة على نحو يجعل منها جزءا من المشكلة لا الحل ، كل هذه العوامل غيبت دور الشعب وفتكت بحركته النضالية وفاعليته المنتظمة.
 
إننا وسط كل هذا التعقيد والتداخل ومآلات حدث فبراير بحاجة لإعادة إحياء تيار الشعب ، بحاجة إلى تخليق وبناء خطاب وتيار وطني يستعيد فاعلية الشعب إلى واجهة الحدث ويناضل بالاستناد إلى ثورة فبراير وأهدافها بعيدا عن تحكم المصالح والأطراف القادمة من خارج حدود اليمن بمساره انتقاله وتطوره  ، نحن اليوم مأسورون لما رست عليه مآلات الحدث ( قوى وجماعات تأثير الخارج عليا قويا جدا ) ، وياما شعوب وقعت تحت وطأة الاستلاب الذي نعيشه وكانت معاناتها وتيهها كبيرين ، والشعوب التي استطاعت قوها الحية في منعطفات تشبه ما نحن فيه أن تجعل من الحضور الاقليمي والدولي يدوران في فلك أهدافها وخطها النضالي لا العكس أنجزت ثوراتها وبنت مداميك مستقبلها أما التي سيطر الخارج على قواها الحية فقد استمرت طويلا مجرد ساحة صراع ونفوذ مصالح على حساب الشعب وتطلعاته.
 
كانت الثورة شعبية وما دامت لم تُنْجَز فإن إعادة تشكيل خطاب وتيار شعبي يبقى ضرورة حتمية  لتتجاوز الثورة هذا الكم الهائل من الصعوبات الماثلة أمامها والمهددة لوجودها ، وكلما طالت فترة غياب الشروع في هذا التوجه والعمل عليه كلما ازداد النسيج الاجتماعي تمزقا وكلما وتكاثفت حالة الاستقطاب بين المتصارعين القادمين من خارج الحدود على الساحة اليمنية وبين فكي غياب تشكل الخطاب الثوري الموحد  والتيار الشعبي من جهة وتعمق حالة الصراع والاستقطاب الإقليمي والدولي من جهة أخرى يضيع والمشروع الوطني وتستمر عرى الشعب بالانحلال.
 
قد يبدو مثل هذا الطرح صعبا بالنسبة للمرحلة وقسوتها تحديدا مع حجم تباين الرؤى حتى داخل المكون الواحد إلا أنها خطوة لابد منها كمنقذ وحيد وضامن لانتصار الثورة وأهدافها  ، أعتقد أنها مرحلة لابد وأن نصلها تحت ضغط ما أنتجه الانقلاب من دمار وواقع لا يطاق والفرق هو أن نصل وفي اليمن ما يستحق أن نحافظ عليه أو أن نصل بعد أن تكون الحرب قد بلغت  مرحلة لم تدع شيئا إلا ونسفته ، أنا ألمح الألم يتأجج في صدور الناس وصبرهم على المليشيا في نفاد لكن من يلتقط الفرصة ويصف الجهود لينتهي كل هذا العبث ونطوي صفحة الانقلاب للأبد .

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر