بين رفاهية الرئيس وبؤس الشعب!


منذر فؤاد


تتدحرج البلاد إلى هوة سحيقة، من البؤس والفقر والمجاعة وتردي الوضع المعيشي والصحي… الخ، ومن يتربعون في كراسي السلطة يعيشون حياتهم دون أي إحساس بالمسؤولية أو تأنيب الضمير، ولتبرير ذلك يلجأون لأعذار ومبررات متعددة.
 
في مدن اليمن وريفها، يعيش ملايين الكادحين، تحت رحى الحرب، ومقصلة الفقر المدقع، وتهديد الأوبئة المنتشرة في طول البلاد وعرضها، في مقابل ذلك، يقضي الرئيس اليمني وأعضاء حكومته أياما هادئة في فنادق الرياض، يسهرون حتى ساعات متأخرة من الليل، ثم ينامون عميقا غير آبهين بما يعيشه ملايين اليمنيين، داخل الوطن المستباح من أبناء جلدته، المهدور دمه بين جيرانه.
 
في اللحظات التي يتناول فيها الرئيس هادي، أو أعضاء حكومته طعام الإفطار في العاصمة السعودية الرياض، يبدأ ملايين اليمنيين يومهم الجديد، بمزيج من الهموم والمآسي لما آل إليه الحال، في زمن رديء تهاوت فيه كرامة الرجال، وتربع في الواجهة الحثالة والأنذال، وتاهت الإنسانية في ظلمات المال.
 
يرتشف مسؤلو الشرعية القهوة الصباحية، في نفس اللحظة التي تمد فيها مسنّة في شوارع اليمن–نال منها الدهر–تمد يدها إلى المارة، بحثا عن ما يسد رمقها، ويخفف عن معدتها المترهلة سياط الجوع، ويحفظ لها البقاء على قيد الحرب، ويمنحها فرصة أخرى للتسول في أزقة جديدة صباح اليوم التالي.. يواصل هؤلاء ارتشاف قهوتهم الصباحية في الخارج، على وقع زحام شديد للأهالي أمام خزانات مياه الشرب، داخل الوطن، خليط من الأطفال، والنساء، وحتى العجائز، يخوضون منافسة قوية للحصول على مياه شرب نقية، توفرها منظمات إنسانية، بعد غياب الدولة، وعجز الشرعية عن فعل ما يجب، أو بالأصح تخاذلها مع إمكانية القدرة.
 
تتربع الشمس بتوهجها في وسط السماء، سيتناول الرئيس وأعضاء حكومته وليمة الغداء، من المؤكد أنها باذخة بعض الشيء، أقل مايمكن تأكيده أنها تحتوي على اللحم، يبدأ الساقطون في سلم المسؤولية، تناول غداءهم في الرياض، في نفس اللحظة التي تحاول فيها طفلة يمنية، الوصول إلى فتحة مكب النفايات المرتفع، لتحصل على جزءا مما يصلح لأن يكون وجبة غداء، يتعفف آخرون عن الأكل من النفايات، ويفضلون الصيام حتى ساعات الليل، وربما لأيام أخرى، بينما يتنقل الرئيس وفريق حكومته من وجبة لأخرى، ومن طبق لآخر، حتى تشتد عليهم أحزمتهم فيبادروا للتخفيف عن بطونهم من اشتداد الأحزمة!
 
يتحدث الناس في الشوارع بلغة مليئة بالقهر واللعنات عن انخفاض سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار، وتهاوي الريال بشكل مريع، وارتفاع الأسعار، وتفشي المجاعة، وهموم كثيرة لا حصر لها، بينما يتحدث بعض المتساقطين في الرياض عن ضرورة مشاركة طارق صالح في المعركة ضد الحوثيين حتى ولو لم يكن ضمن الشرعية، يتحدث آخرون بلغة مسؤولة عن التدخل الإماراتي والعبث بالتراب اليمني، لكنهم لا يستطيعون فعل شيء، كل إناء بما فيه ينضح، وإذا نضح إناء الشعب فلابد للرئيس وحكومته أن يصغوا جيدا لآنية الشعب قبل أن تفرغ ما بها من ماء وغضب ثم تنكسر في وجه الرئيس وبطانته.
 
في هذ البلد السعيد" سابقا" التعيس "حاليا".. المواطنون يتضورون جوعا، البطالة تنهش في أجساد الشباب، الأوبئة تشق طريقها الآمن لاصطياد الفقراء، الحرب تربح مزيد من الأرواح، المواقف تباع في المزاد، الريال يتهاوى والأسعار تتعالى، ينتحب التراب عند صراخ كل بطن جائع، وعند كل جنازة شهيد يُحمل فوق الأكتاف، وعند كل دعوة صادقة تفتح لها أبواب السماء، وعند كل دمعة يتيمة تخرج حارة من القلب.
 
لازالت أمعاء اليمنيين تنظر بتروي لمستقبل يحكمه هادي، سيواصلون الجوع لأجل كرامتهم، وسيصنعون من لياليهم البائسة الممتزجة بالأنين، خليطا من الثورة والصبر والنضال، لأجل عدالة قضيتهم، يحتاجون إلى قائد ملهم، يشاطرهم كل هذا العناء، لكن لن يفهمهم أبدا رئيسا لا يفقه شيئا من المعاناة كهادي.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر