لماذا يحجبون الحرية؟


منذر فؤاد

بكل ما أوتيت من شهوة البطش، عمدت ميليشيا الحوثي، منذ انقلابها على مؤسسات الدولة، إلى محاربة حرية الرأي والتعبير على امتداد الجغرافيا اليمنية، ومنعت اليمنيين بشتى السبل من إبداء الرأي، تجاه القضايا والأحداث المختلفة، أو الاطلاع على الآراء ووجهات النظر المتعددة.
 
بعد إحكام قبضتها على العاصمة صنعاء، والتخلص من حليفها الراحل صالح، في 4ديسمبر الجاري، بدأت ميليشيا الحوثي أولى خطواتها العدائية المناهضة للحريات، وحجبت جميع منصات التواصل الاجتماعي، وهي خطوة تأتي استكمالا لخطوات سابقة قامت بها الميليشيا لإسكات الأصوات المعارضة لها، وفرض سياسة الصوت الشمولي الواحد، الذي يمجد رأس الجماعة، ويبالغ في تقديسه بشكل مبتذل.
 
يعتقد الحوثيون أن الحريات الإعلامية يجب أن تكون حكراً عليهم، ولذلك بدأوا بإغلاق مكاتب المؤسسات الإعلامية، وأوقفوا عشرات الصحف، واختطفوا 14 صحفياً، ثم حجبوا مئات المواقع الإلكترونية، في إطار مساعيهم للسيطرة على الحريات، وتوجيه المواطنين إلى مطابخهم الإعلامية والصحفية، فالإعلام من _وجهة نظر حوثية_ قوة لا يجب أن يمتلكها من يناهضون الحوثيين، أو حتى من يقفون في منتصف المسافة بدعوى الحياد، ومن المهم التذكير بالخطاب "المتشنج" لزعيم العصابة عبدالملك الحوثي وهو يحرض على الصحفيين حاملي الأقلام باعتبارهم أشد خطرا على جماعته من المقاتلين حاملي سلاح البندقية.
 
يعتقد الحوثيون أيضاً، أن حجب مواقع التواصل الاجتماعي، سيمنع الناس من الدخول إليها، أو تصفح محتواها، أو النشر فيها، لكن هذا الاعتقاد غير صحيح بالمطلق، في ظل وجود تطبيقات خاصة بفتح المواقع المحجوبة، تستخدم على نطاق واسع، بحيث أصبح قرار الحجب لا قيمة له، وبالتالي فإن الحجب لم يؤدي إلا لمزيد من النقمة والسخط على الميليشيا، وإبراز مزيد من قبح ممارساتها.
 
يمكن القول إن منصات التواصل الاجتماعي، كانت ولاتزال، عين المواطن اليمني، لمعرفة مايحدث، بعد إغلاق ومنع المؤسسات الإعلامية، من قبل الحوثيين، وأسهمت كثيرا في كشف ممارساتهم وجرائمهم المختلفة، لكن قرار حجبها في هذا التوقيت كان الهدف منه بدرجة رئيسية، إظهار الحوثيين لسلطتهم المطلقة، وتحكمهم بكل شيء بعيدا عن حلفائهم في السلطة من حزب صالح، الذين أضحوا مجرد أتباع لا حلفاء، بعد مقتل زعيمهم.
 
سيأتي يوم، وسيقرر الحوثيون_ ربما_ إغلاق خدمة الإنترنت كليا، باعتبارها خدمة تؤثر على قيم المجتمع، وتشجع على التطرف، وتنشر الأفكار الإرهابية، وتنال من مقام قائد الثورة الحوثية، ولا أستبعد ذلك من جماعة، ساوت في الحجب، بين منصات التواصل الاجتماعي، والمواقع الإباحية، وتلك مفارقة تعكس وجود خلل قيمي، عند الحوثيين، يتنافى مع الفطرة السوية للنفس البشرية.
 
عداء الميليشيا الحوثية للحرية لن يتوقف، ومعركة الشعب للدفاع عن هذه الحرية لن تتوقف أيضا، لابد لأحدهما أن ينتصر، ومن غير المعقول أن تنتصر إرادة جماعة سلالية عمرها سنوات، على إرادة شعباً تمتد جذوره لآلاف السنوات.. الحرية للحرية.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر