الحزام الأمني والحزام الناسف..!


محمد قشمر

اشتد الجدل حول ما يسمى بالحزام الأمني في بعض المناطق المحررة والتي تسعى لتوطيد الأمن فيها، والأصل أن يكون ذلك بهدف تطبيع الحياة العامة وعودة الأمور في تلك المناطق الى طبيعتها، الحزام الأمني الذي يحمل هذا الاسم الجديد والدخيل أصلاً على المصطلحات الأمنية المتعارف عليها مما يدخل هذا الكيان في دائرة التساؤلات التي لا تنتهي.

الجميع يحدث عن مشروع حزام أمني لمحافظة تعز وأصبح هذا الأمر أو المشروع أو الخبر مصدر تشاؤم وشد وجذب حول الفائدة المرجوة لهذا الحزام لمدينةٍ محاصرةٍ مثل محافظة حرة شامخة تأبى القيود كمحافظة تعز رائدة اليمن الثقافية.

 نعود بذاكرتنا الى الأحزمة الأمنية القائمة فعلاً وما قدمته للمدن التي تتولى عليها جملة ً وتفصيلا، بل نعود الى مدينة عدن النائمة على جرح يأبى أن يتعافى لأنها ما وجدت الطبيب الماهر، نعيش فيها لحظات من التأمل حول ما قدمه لها ذلك الحزام الأمني.

عدن حتى هذه اللحظة تعيش لحظات وأيام لم تكن في يومٍ من الأيام في ذاكرتها، تعيش أيام صعبة جداً من اللا أمن والانفلات الأمني الذي قد يكون مقصوداً في حالاتٍ كثيرة. فهل استطاع الحزام الأمني في مدينة التعايش السلمي، ومدينة الفن الجميل أن يشعر الناس بالأمن والأمان أم أنه أصبح أداة خوفٍ وكسر للمجتمع اليمني في تلك المحافظة الحزينة.

ماذا يعني أن تكون هناك قوات تطلق على نفسها بالأحزمة الأمنية؟ وهي تعيش بشكل مطلق خارج إطار الدولة..!! بل أنها إحدى أهم أعداء الشرعية الممثلة بالرئيس هادي وحكومة بن دغر. كيف يمكن أن يكون ذلك الحزام أمنياً وهو يعمل خارج إطار الدستور اليمني والتوافقات اليمنية والشرعية اليمنية والقوانين اليمنية؟

كيف يكون ذلك الحزام أمنياً وهو العدو الأول للمواطن اليمني البسيط؟ كيف يكون ذلك الحزام أداة أمنٍ وهو الذي يسعى بكل طاقته لأن يكون الوجه الآخر للانقلاب؟

كيف لا يكون الوجه للآخر للانقلاب وهو الذي يمارس كل الأعمال التي يمارسها الانقلابيون في المناطق الواقعة تحت سلطتهم؟ ها هو ذا الحزام الأمني في الأمس القريب يمنع طائرة الرئيس من الهبوط..! وها هو الحزام الأمني يمنع طائرة المرتبات من الهبوط..! وها هو الحزام الأمني يمنع سفينة المساعدات من الرسو ووصول تلك المساعدات الى المواطن البسيط الجائع الذي أصبح يراه حزاماً للخوف حزاماً نارياً كذلك الذي يحيط بجسم الانسان ويسبب له الوجع والألم ثم الموت..!!

 الحزام الأمني أصبح حزاماً ناسفاً ينسف كل القيم والمبادئ التي سعى ويسعى لها الشعب اليمني في كل محافظات اليمن دون استثناء، ولا يمكن لذلك الحزام او لأي حزامٍ مشابه أن يحقق النتيجة التي يرجوها الشعب اليمني لأنه بني على أسس غير وطنية، ولأنه مبني على أفكار لا تنتمي للمجتمع ولا الى القيم اليمنية.

الحزام الأمني الذي فشل في منع الاغتيالات في مدينة عدن المحزمة بهم حتى ضاقت بها الأيام، هو الذي ينفجر في وجه المجتمع العدني ليفرض -بقوة البطش والمعتقلات الخارجة عن الأطر الإنسانية والقانونية- ما يريده من مدينة عمياء تمشي خلفه الى الهاوية.

الحزام الأمني الذي يسعى بكل قوته الى البقاء كميليشيات تخدم أفراداً ولا تنتمي الى وطن، هو الذي يريد كسر الوطن وكسر الشرعية بدراهم معدودات لا تساوي دمعة قهرٍ على وجه طفل قًتل أباه على أيدي الغدر، وذلك الحزام يلهو في شوارع عدن ليثبت أنه سيداً للبلاطجة وقائداً لهم.

تعز برجالها الأشراف الأبطال لا تحتاج الى حزام أمني (ناسف)، ينسف ما قدمه الشهداء وما قدمه الأبطال في سبيل التحرر من الطغيان الذي لا يحترم انسانيتنا. تعز تقاوم كل الأحزمة الناسفة التي تقتل الحياة وتنسف الكرامة، تعز تقاوم الظلم وتسعى الى النور والعدل والمساوة.

تعز تبحث عن دولة، حتى وإن كان هناك قصور واضح لبعض قياداتها الرسميين والحزبين، الا أنها لن تتنازل عن ذاتها لتسلمها لميليشيات جديدة تحت مسمى حزام أمني يقتل ليثبت أنه قوة موجودة على الأرض.

انا من هذا الموقع أبعث بمناشدة عاجلة الى سيادة الرئيس وحكومته أن يوفروا للجهات الأمنية في تعز ما تحتاجه لتثبيت الأمن، والكل يعرف تماماً بأن تعز فيها من الأمن مالا يوجد بغيرها من المدن، رغم شحة الإمكانيات، كما أبث خالص امتناني لمن زارها من الوزراء وعرف ماذا تعنيه تعز ارضاً وانسانا.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر