سيرة مختصرة للخذلان


غمدان اليوسفي

بعد 31 شهرا من انطلاق عمليات (عاصفة الحزم) وانتهاءها وانطلاق (إعادة الأمل) تتدحرج الأسئلة وتكبر ككرة ثلج موقعة في نفوس اليمنيين أشد أنواع صدمات الخيبة والقهر.
 
لم يعدم التحالف العربي تلك الروح الداعمة من قبل جموع الشعب اليمني على امتداد الخارطة اليمنية التي رفعت أعلام الشكر واندفع الشباب إلى الجبهات حين أصبح الجيش مجرد مليشيا تسوقه الروح السلالية بواجهة صور شقيقين مجرمين هما حسين الحوثي وشقيقه عبدالملك.
 
كانت المطامح الحزبية لحظتها مجرد خجل مما حصل واعتراف غير معلن بقصور في التعامل مع ملف الحوثي منذ بداية إشكاليته، وقاتل يومها الإصلاحي مع السلفي مع الإماراتي مع السوداني مع الشباب المتحرر مع الاشتراكي والناصري في صف واحد في مدينة عدن.
 
لم يكن كل هؤلاء بحاجة لشيء، فلديهم من القهر الحوثي مايجعلهم قنابل عابرة للحواجز والدبابات بعد أن فعل المجرمون في عدن أشنع الفضائع والمجازر التي أدمت كل قلب يمني، وحين حانت لحظة الحقيقة لم تكن عدن بحاجة لسوى أيام في ظل صفوف متراصة بهدف واحد وروح واحدة وقهر واحد.
 
فرحة تحرر عدن رسمت في نفوسنا ربما تلك الفرحة التي نذكرها حين كنا صغارا يوم إعلان تحقيق الوحدة، بكينا فرحا في البيوت والشاشات وتبادلنا التهاني مع اصدقاءنا هنا لإيماننا بان عدن بيت اليمنيين جميعا ولن يستطيع أحد أن يغير تلك الحقيقة مهما حاول البعض.
 
بعدها تغيرت الخطة، وبدأت أهداف التحالف تنحو منحى صدم الجميع، لم يكن التحالف عاجزا عن مواصلة السير والعمل في تعز بنفس وتيرة عدن خصوصا مع الإرباك الذي حصل في صفوف الحوثيين وصالح عقب استعادة عدن.
 
تماسك الجميع وحاول أن يتغاضى عما يحدث في عدن من زراعة كراهية بشكل مرعب، وحاول الجميع لملمة الصفوف حتى مدة من الزمن حين خرجت صور الشاحنات المعبأة بأبناء تعز المطرودين من عدن والإهانات اليومية من الحزام الأمني لكل ماله علاقة بتعز.
 
بدأت معالم تفكك أهداف التحالف تدريجيا، وبدأت تكبر المطامع الذاتية في تعز، وخلقت قوة جديدة في المدينة لم تكن تذكر فيما قبل تلك المرحلة وهي قوة السلفيين، وذهب كل السلاح أو معظمه لهذه القوة وأصبحت هي المتحكم بالمخزون حتى وصلت حد بيع السلاح لبقية الجبهات.
 
كبرت صراعات الفصائل في تعز بمباركة من قيادة التحالف والتي شجعت فصيلا على آخر في ظل غياب أي رؤية لمحاربة الحوثي، وظلت الحرب على الحوثي شيئا استثنائيا فيما أنجزت الفصائل ما انجزت من تحرير لكثير من مناطق المحافظة، لكنه ذلك التحرير المشروط بعدم إنهاء المشكلة.

جاءت أزمة قطر وأنهت ماتبقى من تماسك الملف اليمني وذهب الملف كاملا إلى يد الإمارات فيما ظهرت السعودية في مظهر المتأمل بدون تحريك أي ساكن في احتواء هذا التفكك والتشتت في المشهد، وكبرت إشكاليات عدن نفسها وذهب أربعة محافظين ضحية هذا التفكك في الأهداف، بينما نسيت تعز وهي الجبهة المشتعلة الوحيدة.
 
مثلت محافظة مارب الحالة الاستثنائية الوحيدة من ناحية الاستقرار السياسي والأمني.
 
حين يتساءل اليمنيون اليوم ماهي أهداف التحالف وهل مازالت قائمة وهل أنجزت ولو نسبة ضئيلة من تلك الأهداف فإن الإجابات محبطة ومرهقة للنفس.
 
الإشكالية لدى كتاب ووسائل إعلام التحالف أنها لاتريد أن تسمع إحباطاتنا وانزعاجنا من تصرفاتها كونها خلقت كل هذا التفكك ووسعت الخلافات بين أبناء البلد الواحد بتصورات غير منطقية وكانت قادرة أن تضع شروطها على كافة الأطياف السياسية مقابل تحقيق الهدف الأهم المتمثل في طرد الحوثي من المحافظات تدريجيا.
 
ستمر الشهور حتى سبتمبر القادم، وسيكون أمام التحالف ملف عسير، ولن يكون بمقدوره تجاوزه ككل مرة، ذلك الملف هو ملف لجنة التحقيق الدولية، والذي لن يمر حسب اعتقادي بخير في 2018.
 
اليوم، يبقى السؤال قائما:
 
هل يستطيع التحالف إنجاز شيء من أهدافه على الأرض ؟
الجواب بسؤال أيضا:
 
هل يريد التحالف إنجاز شيء من أهدافه على الأرض..
 
حين يريد لن يكون هناك استحالة.

حقوق النشر محفوظة "يمن شباب نت"   ©2017
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر