حسم قائد المليشيات الحوثية عبد الملك الحوثي موقف جماعته من "عملية السلام" على نحو لا يمكن معه لليمنيين، قيادةً وحكومةً وأحزاباً ومنظمات مجتمع مدني ووجاهات مجتمعية، الاستمرار في الغمغمة عن "سلام" معلق على خشبة الموت التي ينصبها الحوثي على امتداد الجغرافيا التي يسيطر عليها من أرض اليمن.
 
قال ضمن كلام طويل: "إن المرحلة مرحلة حرب، وليس هناك اتفاق هدنة، وما هو حاصل خفض للتصعيد في ظل وساطة عمانية، وأننا سنعطيهم فرصة كافية لإنجاح مساعيهم، لكن ذلك لن يستمر الى ما لا نهاية ".
 
وفي حين تواصل المليشيات الحوثية، التي تواجه اليمن بأكمله، الحديث عن الحرب والتعبئة للحرب باعتبارها خيارهم الاستراتيجي، فإن اليمن بكل قواه السياسية والحزبية والمجتمعية والقتالية يواصل التشظي، وبناء قوات مسلحة مشتتة وموزعة تجسد هذا التشظي، وتتناغم معه، وتأتمر بأمر زعامات حزبية وسياسية في مشهد لا يمكن تفسيره إلا بأنه الخطيئة التي يمتطيها المشروع الحوثي الايراني ليواصل التحليق بخياراته الارهابية في تدمير اليمن.
 
لم يكن بإمكان هذه الجماعة أن تلملم مشروعها الطائفي من الحارات والقرى والمدن والعزل، ومن فوق الثرى ومن تحت الثرى، ومن خيبات أزمنة الحكم الرديء وتقذف به في وجه اليمن الجمهوري وخياراته الوطنية لو لم يكن هذا هو حال اليمن وقواه السياسية والاجتماعية والقتالية.
 
اليمنيون اليوم أمام خيار واحد ووحيد، إذا أرادوا التصدي لهذا المشروع التدميري الخبيث، وهو تجميع قواهم المشتتة: جيش، قوات عسكرية حزبية، أحزمة أمنية ونخب عسكرية، حراس الجمهورية، ألوية رئاسية، قوات مكافحة الارهاب، العمالقة، قوات درع الوطن.. وأي دروع أو قوات أخرى مخبأة هنا أو هناك في منظومة عسكرية قتالية بهيئة أركان موحدة ومسرح عمليات يجسد إرادة فعلية للحسم، لتشكل بذلك الأرضية التي تنطلق منها عملية السلام الحقيقي الذي يحتاجه اليمن.
 
قد يبدو أن الأمر ليس بهذه البساطة، وهذا صحيح، ولكن كيف لا يكون ذلك ممكناً والأمر بيد أولئك الذين تصدروا المشهد والمقاومة، ويقفون فوق جبل من الضحايا والابطال الذين قدموا أرواحهم فداءً لاستعادة الدولة وانهاء الانقلاب وتحقيق السلام.
 
بيد هؤلاء إعادة بناء المشهد بقواعد تجمع بين التصدي للخطر الوجودي ومعالجة كل القضايا التي تراكمت بالعودة للناس واحترام خياراتهم. وهذا هو الاختبار الحقيقي لكل من قرر أن يقف في الصف الوطني لاستعادة الدولة المنهوبة.
 
إن المنطق المتبجح الذي يخاطب به قائد المليشيات الحوثية اليمنيين هو تعبير عن حالة التشظي تلك، وكان من الممكن جداً أن يكون الأمر أكثر وجاهة حينما خاطب رئيس مجلس القيادة مؤتمراً دولياً بمستوى مؤتمر ميونخ للأمن والسلم لو أن واقع حال المنظومة السياسية والعسكرية التي يمثلها كانت في وضع يجسد هذه الارادة، ويتناغم في نفس الوقت مع النظرة الشاملة للحل السلمي الذي تحدث عنه والذي لا يمكن لليمن أن يستقر بدونه.
 
لا أدري كيف للمجتمع الدولي أن يستوعب هذا المنطق في سياسته كخيار وحيد لتحقيق السلام في حين أن هذا المنطق في حاجة ماسة لتأسيس نقطة انطلاقه في أرض الواقع بشروط ليست مستعصية على التحقيق، وهي بيد اليمنيين وحلفائهم وليست بيد المجتمع الدولي، تلك هي توحيد روافد القوة.
 
والحقيقة هي أن كثير من التجارب التاريخية تقول إنك تستطيع أن تكون قوياً بقدر إصرارك على تحقيق هدفك.
 

*نقلاً من صفحة الكاتب على فيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر