اليمني الذي يوجّه بوتين!


سلمان الحميدي

 لا يتوقف عن توجيه الرئيس الروسي، وكأن علاقته بفلاديمير بوتين متينة، ما يحتم على الرئيس المحترم ملاحظة منشورات "الهرش" والتوجه إليها بعيداً عن صخب العالم ومؤثرات وكالات الاستخبارات الكبرى، تماما مثلما فعل الرجل ـ بوتين وليس الهرش ـ عندما رأى، قبل أشهر، المعلمة التي درسته عند الطفولة،  فهرع إليها مبجلاً دون اكتراث لبروتوكولات الحفلات الكبرى للناس المهمين..
 
تلك معلمته، وكأنه أراد أن يرد لها جزء من الجميل، لاجتهادها في تعليمه بشكل جيد وربما قاس، فسلوك بوتين وفقاً للتحليل النفسي لكبار الادب الروسي، تشير بأن طفولته كانت نزقة، وبالتالي يحتاج إلى معلمة صارمة مالم فإنه لن يتخطى الحروف الهجائية، قرصة أذن أو ردع بعصى جعلته اليوم يناطح الإمبريالية رأساً برأس!.
 
ومنذ غزا أوكرانيا، والإنسان الطيب عبدالرحمن الهرش، لا يكف عن تأييده لما يقوم به بوتين وحسب، إنما يبرر بمنطق واع، ويجادل ـ جدل غير فلسفي ولكنه عميق ـ كل من يدين الحرب، وقد وصل به الأمر إلى حد استعجابه من بعض زملائه الناصريين الذين يقفون في صف أوكرانيا، ولأنه صريح فهو يعبر عن موقفه علانية: كيف لقومي عربي يقف ضد امتداد روسيا القومي أصلاً؟.
 
حتى مع هذا النقد الذاتي، لا يبدو لمتابعي الهرش أن تفاعله يحمل طابع أيديولوجي لرجل عجنته السياسة فراح يبحث عن أقرب أيديولوجيا تحرك آمال حظه العاثر كيمني متحزب صلّع ولم يتحقق من طموحه شيء، وفي ظل الحرب لم يتبق له من طموح غير أن يرى قيادات الحزب مجتمعة في مقر واحد، وهكذا وجد عند بوتين القوة القومية التي تداعب أحلامه المجهدة.
 
لن تجد نموذجا واضحاً  للتفاعل مع العالم، كتفاعل الهرش مع بوتين، حين تسمعه ـ الهرش وليس بوتين ـ  تتخيله سليل شيوعي صادق يتصفح البرافدا قارئاً المقال الأخير للينين..
 
وهذا النموذج، لا تمثله العلاقة الاستراتيجية بين الهرش كقومي بروليتاري وتوجهات بوتين، فهناك نماذج كثيرة لليمني البسيط الباحث عن تقدم في أي مكان في العالم، ليتغنى به كتعويض عن معاناته ومعاناة الأيديولوجيا التي يعتنقها، داخل الوطن، وإلا فبماذا يُفسر تحمس بن القرية، ماجد، وهو إصلاحي بسيط يتابع مستجدات النهضة التركية، حتى أنه طالب بشاشة التلفاز ذات تخزينة، لأن هناك مفاجئة سيعلنها الأتراك، وقد بقينا نصغي لقناة تي آر تي في الوقت الذي مفترض أن نسمع فيه لأيوب طارش وعلي الآنسي..
 
كان الأتراك على باخرة في البحر، وكان مركزا على كل التفاصيل، كانت الخلاصة  أنهم عثروا على غاز، أما ماجد فراح يتحدث طيلة التخزينة وبعدها، عن حصول الأتراك عن "غاز ذو جودة عالية" ويصمم على "ذو جودة عالية".
 
غير أن الهرش لا يمل من تأييد بوتين، وانخراطه في دعم الروس على صفحته في فيسبوك، حتى تشعر وكأنه من الدائرة الضيقة للقيصر، أو أحد راسمي خطة الإسناد في العالم الافتراضي لمواجهة المضايقات التي تفرضها سياسات مواقع الإعلام البديل على روسيا، هذا ما يؤكد على نوايا الإمبريالية التي تحشد كل أدواتها لخنق روسيا، ولكن لسان حال الفيس بوك يقول: هيهات.. الهرش لكم بالمرصاد.. لن تمروا..
 
أذهاننا مرتبطة بالعالم وأحداثه، لكننا نتغافل عن التعبير حول علاقة الارتباط هذه، أو بالأحرى نفقد الاستمرارية مع استمرار حدث ما كحرب روسيا، أما عبدالرحمن الهرش فلا، وقد كنا أربعة في شارع المغتربين أثناء أذان المغرب، حاشد البحيري مع عبدالرحمن الهرش يتحاورون عن القومية في شرعب وتطورات الوضع في روسيا مع عنتر الفتيحي، وأصحاب الدراجات النارية يلتفتون إلينا وكل سائق استشف العمق فطمع بأجرة المشوار من مشاة يناقشون قضايا العالم ولكنهم حانبين بخمسمائة ريال..
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر