خطاب سوداوي لمن يملك مالاً


سلمان الحميدي

«هذا المقال موجه لمن يملك أموالا طائلة، أو يدخرها، للبخيل والجشع، للأثرياء الطماعين في الخلود وبناء الثروة، وللآخرين».
 
إذا قامت حرب نووية واسعة، فإن الحياة ستنتهي على ظهر الكرة الأرضية، ولإبقاء "ذري" أي حُبُوب تُعيد الحياة، يقوم العالم بطرق بدائية بتخزين أصل الأنواع، فالنباتات والحبوب هناك بنك تحت الأرض، تقريباً في النرويج، أي بذرة أو جنس للنبات وأنواعه يتم تخزينه في البنك، ولينجو الجنس البشري من الفناء، فتستثمر جهات ببناء ملاجئ وفلل تحت الأرض باهظة الثمن، وتحت الأرض سينتظرون فترة حتى تزول السحب السوداء المميتة ومن ثم يعودون إن كُتبت لهم العودة بلا تشوهات جينية.
 
مازال العالم ذاهلاً من الآثار التي خلفتها القنبلتين الذريتين، التي اختتمت بها الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الثانية بإلقائهما على مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين. ليتيل بوي، هي قنبلة اليورانيوم التي ألقاها الأمريكيين على هيروشيما في أغسطس 1945، بلحظة واحدة قُتل عشرات الآلاف، دُمرت المدينة، وامتدت تأثيرات القنبلة إلى جينات الساكنين، كل مستلزمات التجميل الديمقراطي في العالم المتقدم لم تمح التشوهات التي خلقتها القنبلة، بلحظة يتحول النهار إلى ليل بفضل السحب السوداء، تذوب الأبنية واللحم، تبقى الآثار الدالة على وحشية الإنسان، والبرهان الذي يختصر كلفة التقدم الكيميائي للعالم المتمدن.
 
بعد ثلاثة أيام، ألقى الأمريكيين قنبلة ثانية على مدينة ناجازاكي، تكررت اللحظة نفسها، ومُنيت المدينة بالخراب نفسه، يعيش اليابانيون عقدة اللحظة المرعبة منذ ذلك الوقت، لحظة واحدة قضت على أسطورة الساموراي الصامدة عبر التاريخ، من حينها والياباني يعمل بلا ضجيج، العالم أحنى رقبة الساموراي فجعله يبذل كل طاقته ليحاكي تقدم العالم.
 
ومن ذلك الوقت والدول الصناعية التواقة لصوغ الحضارة الجديدة، لا تكف عن صناعة الأسلحة النووية، ومن لم تصل للوصفة النهائية للقنبلة، تجري البحوث والدراسات، وتتباهى بالمفاعلات وتبتهج متحدية بقرب الوصول لامتلاك ما سيدمر جزء من الكوكب الجميل الذي تعيش فيه.
 
سنة 1986عرف العالم مأساة نووية، وقعت في أوكرانيا، نتيجة خطأ عامل، أو عمال، في منشأة تشرنوبيل، فحدث تسرب اشعاعي أدى إلى انفجار هائل «توحي لفظة تسرب بثقب برأس إبرة صغيرة في ماسورة كبيرة، لا كارثة مازال ما يقارب من اثنين مليون ونصف أوكراني يعانون منها حتى اليوم، فضلا عن تلوث إشعاعي لمئات الآلاف من الهكتارات امتد إلى بيلاورسيا».
 
 بعد عقود من إلقاء القنابل النووية الأمريكية على هيروشيما وناغازاكي، وعقود من تسرب الإشعاع من محطة تشرنوبيل الأوكرانية، يوجه بوتين بوضع الثالوث النووي الروسي على الأهبة تحسباً لأي عدوان محتمل، وفي الوقت نفسه تسيطر القوات الروسية على محطة تشرنوبل، وبالأمس تم قصف مباني قريبة من محطة زابوروجيا النووية في أوكرانيا، العالم في خوف، والنووي يصنع التوازن بين دول العالم المتقدم، المندوب الروسي قال الليلة أنهم مهتمون بصون السلامة النووية لمنشأة زابوريجيا لأن العالم اختبر مأساة تشرنوبيل.. وبهذه البساطة تأتي الطمأنة.
 
لا أحد يضمن العالم من استخدام النووي في الحرب، إلا إذا كانوا صنعوا هذا السلاح ليمسحوا على رأسه، ومع ذلك من سيضمن رئيس كوريا الشمالية؟
 
***
 
لنفترض الآن الأسوأ، وهذا الافتراض لمن يملك المال أو يدخره: ماذا لو قامت حرب نووية بالفعل؟ إذا وقعت حرب نووية شاملة، فأنت لن تعيش، لأنك مش حَبُوب أو نبات، وفلوسك وممتلكاتك لا تؤهلك لشراء فلة تحت الأرض.
 
ماذا جنيت من ادخارك للأموال، من طمعك وبخلك، من جشعك، من الاستيلاء على ممتلكات الآخرين، من المغالطة والحذق لجني الكثير، من حرمان نفسك اللذة الطيبة في الحياة.
 
أموالك ستحترق، مدخراتك لا جدوى منها، ستخسر في الدنيا.
 
أما في الآخرة، فستلقى كراهية الآخرين لك بما ارتكبته بحقهم وحق نفسك، وستدخل النار..
في الدنيا نار وفي الآخرة نار.. خسارة.
إذا كانت نووية،
 
فتبقى لك على هذا الكوكب الجميل، بضعة أيام، أو أسابيع، أو أشهر، أو سنوات، الوقت ضيق، اغتنم الفرصة، رد لكل ذي حق حقه، متع نفسك، كل واشرب، تفقد أهلك، أقاربك، أصحابك.
 
وأنتم..
تسامحوا، انشروا المحبة، كلوا واشربوا، و "أفشوا السلام"..
وإذا لم تحدث حرب نووية شاملة؟ يسأل سائل.
لم تخسر شيئاً، مكانِهْ صبوحك..
لم تخسر شيئا من الذي أنفقته على نفسك، أو على الآخرين، فهل ستخسر شيئا إذا طلبت المحبة والعفو منهم؟
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر