أيلول المجيد


خليل العمري

 لا أحد بإمكانه أن يتخيل وضع اليمن في زمن ما قبل 26 سبتمبر قبل 59 عاما إذا لم يقرأ كتاب "كنت طبيبة في اليمن" لكلودي فايان.. الطبيبة الفرنسية الوحيدة بدون أدوية في بلد معتل ومغلق على العالم.
 
فبينما كانت أغلب دول العالم تعيش الانفتاح الحضاري وتصل إلى سطح القمر كانت الامامة تمنع الناس من التعليم وتجرم الفن وتفرض عليهم الجبايات وتنشر الخرافة وتتقاسم مناطق البلاد ك"غنيمة" واليمنيين كـ"رعية" لا كمواطنين.
 
كل هذه الظروف دفعت طلاباً يمنيين في الخارج الى التخطيط للإطاحة بظلام القرن مهما كان الثمن.. قال الزبيري (يوم من الدهر لم تصنع اشعته ..شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا.).الأيدي العظيمة التي غيرت قدر شعب بأكمله وحولته من رهينة للكهنوت الى دولة.
 
جردت سبتمبر السلالة من سلاحها الخطير وهو الشعور بالأفضلية الجينية..هذه النازية اختفت وعاد الهاشمي من وضعه الطبيعي كمواطن لا سيد .
 
 ذهب الى مقاعد الجامعة ليتنافس مع الشاب القادم من أعماق الريف على الوظيفة العامة وعلى حكم اليمن بعد ان ظل لقرون طويلة يولد حاكماً او يحلم بحكم البلاد منذ طفولته كما يقول عبدالرحمن الارياني في مذكراته.
 
عدالة اجتماعية وديمقراطية وحرية ومساواة وسيادة القانون وتعليم مجاني وتنمية وصحة.. عناوين سبتمبر العريضة التي لا يمكن أن يتجاوزها أحد حتى وإن حاول بعض الإماميين في فترات متفرقة ممن كانوا يرتدون ثوب الجمهورية المساس بها لكنها كانت تعود بوعي الناس وتمسكهم بقيم الفجر الجديد.
 
عشرات الاف الأطباء والمهندسين والأكاديميين والكتاب والأدباء والاف المدارس وعشرات الجامعات ومئات الصحف هي ما انجزته جمهورية سبتمبر بعد أن كانت في صنعاء مدرسة واحدة للأيتام.
 
تأتي الذكرى التاسعة والخمسون لثورة سبتمبر وأغلب اليمنيين يعيشون ظروف الإمامة الأولى بل أشد وأنكى..اذ تحول البلد الى مقبرة كبيرة واكبر مخيم للمجاعة بالعالم وسجن من حديد للمعارضين واغلقت الصحف وكممت الأفواه ولا صوت يعلو فوق السيد ..
 
وبدلا من وجود دولة تستمر في الإعمار والتنمية ..ذهب الإماميون الجدد لتمزيق المجتمع والحشد للموت والكراهية ومهاجمة المدن بالأسلحة الثقيلة وحصارها وفتح الباب للتدخلات الخارجية وتقويض سيادة اليمن .
 
الخلاصة ان سبتمبر العظيم صنيعة مجموعة من الطلاب العزل في الخارج ..كانت فكرة ثم تمددت هذه الفكرة واصبحت وعي شعبي ومن ثم ثورة جارفة وطوفان عظيم.. الأفكار العظيمة لا تموت ولا تهزم ومثلما صنع عشرون طالبا المعجزة سيصنع مئات الاف الشباب النصر.
 
أيلول مجيد وكل عام وانتم بخير !
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر