نخب الفشل والتغيير


فكرية شحرة

 كثير من الناس يؤمل بحدوث تغيير في حياته حين يطل علينا عام جديد. بل أن البعض ينوي استغلال بداية عام جديد لبداية جديدة، لقناعة داخلية أن البدايات الزمنية تشكل دافعا نفسيا لحدوث التغيير.
 
رغبة الإنسان أن يحدث تطورا في حياته، تأتي مقترنة بحلم التغيير، فلا تطور دون تغيير ليظل المرء مراوحا بين هذه الرغبة وعجز المحاولة.
 
وتظل تحاصره عوامل التغيير من الإمكانات والثقافة السائدة وقوة الفرد وتحمله لاجتياز الصعوبات.
 
ولإن تغيير المجتمعات يبدأ من الفرد ذاته، حين يخرج عن طوق السائد والمألوف ليحدث التغيير في مجتمعه، نعول كثيرا على الإنسان أولا وأخيرا وليس النظام بقراراته المرتهنة.
 
النخب التي تنادي بالتغيير تعجز عن إحداث تغيير حقيقي، وتكتفي بالتنظير حول هذه المفردة التي أُفرغت من معناها؛ فلا يمكن أن يحدث التغيير في واقعنا من خلال هذه النخب، لأنها جزء من النظام السائد الذي مثّل فشلنا..!!
 
الذين سيحدثون التغيير هم الاستثناء من كل هذا؛ الذين استطاعوا تغيير ذواتهم وبرزوا عن نمط الكل السائد، وأعتقوا أنفسهم من أسر الثقافة المجتمعية الخانعة؛ ومن يتمتعون بجسارة وجراءة السؤال والمحاسبة لكل ما يحدث..
 
الذين ينزلون من أبراج التنظير إلى عمق أوجاع الناس ليصنعوا التأثير بأنفسهم.
 
فمن يطالب الناس بالتغيير والتنوير والتفكير، وفي قناعته يشعر أن التغيير يحتاج إلى معجزة، لن يحدث على يديه شيء، إنما ذلك الذي يصنع المعجزة لأنه يراها من الممكن.
 
للأسف أصبحت عقول الناس مرنة لتقبل الأسوأ؛ صلبة، صعبة التقدم في تقبل التغيير للأفضل؛ تتشبث بنمط الموجود كما هو، خوفا من كلفة التغيير الباهظة.
 
إذ أن محاولة تغيير ما هو موجود، أصعب بكثير من مهمة الحفاظ على ما هو موجود. لهذا تلجأ الجماعات والمليشيات المسلحة لفرض فكرها بالعنف والسلاح.
 
وعوضا عن التصدي لأي انحطاط وانتكاس يطال حياة الناس وسلامهم، نجدهم يستسلمون له خانعين..!! ربما لأن وسائل الترهيب والترغيب تؤتي أكلها؛ فالعقول التي تمتلئ بحاجة الجوع والفقر والخوف لا تلتفت لحاجة العلم والتنوير اللّذين يقودان إلى التغيير السليم.
 
التغيير يبدأ من الذات تطبيقا لقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)
 
هذه الحقيقة ليست تنطع برمجة عصبية، حتى نستخف بها؛ بل هي سنة ربانية. فالتغيير هو سنة إلهية ثابتة في هذا الكون.
 
فأين المشكلة في تغيير ذاتك، كي تخرج عن السائد المفروض عليها؟! هل ضعف الإرادة؟ أم عدم ثقة بالنتائج؟
 
يقول أحد المختصين، وهو الدكتور إليوت بيركمان: إن “البدء في فعل شيء جديد أسهل من التوقف عن فعل شيء معتاد، دون استبدال سلوك آخر به"
 
هذا هو التغيير المثمر: إحلال سلوك وعادات وفكر، يزيح السائد الموجود..
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر