الاستقبال الدّامي للدّراما


فكرية شحرة

 الاستهانة بصناعة الدراما أحد أبرز مظاهر التخلف عن ركب الأمم. فالفن الهادف والمتقن أحد الجيوش القوية التي تحمي وتخلد عظمة أي بلد، كما أن احتكارها أسوأ أنواع الإبتذال الفني..!!
 
في الدول التي أدركت أهمية وخطورة الدراما، لن نجد هذا النقد المبتذل للشخصيات الفنية؛ بل سيتركز النقد على قصور العمل ككل، وضعفه أو قوته.
 
إن أركان أي دولة تكمل بعضها؛ فكما أن الجيش قوة عسكرية، فالإعلام والفنون قوة ثقافية كاسحة أيضا.
 
أما خاصية تحطيم الشخوص، فهي حالة نفسية لتفريغ الإحباط الذي ينتابنا كل عام في موسم الدراما اليمنية؛ تبدأ كنكات ثم تتحول إلى معاول هدم..!
 
وأي هزال في الدراما اليمنية، لن يكون سببه نقص المواهب والقدرات البشرية؛ بل هي تلك الأسباب التي تتعلق بالمادة والإمكانيات.
 
الدراما، هي أكثر البرامج التي تحظى بالإقبال من المشاهدين بمختلف أعمارهم، على اختلاف مستوياتهم وتنوع ميولهم؛ فهي قادرة على التأثير والتغيير في تكوين الرأي، وبلورة الأفكار، إذا ما تم إنتاجها بصورة مهنية رفيعة المستوى، محملة بالفكرة المراد إيصالها للمشاهد. ومعروف أن الدراما قادرة على غرس صور مشاهد وأفكار يصعب محوها.
 
لهذا ينبغي ألا ينحصر إنتاج الدراما في رمضان فقط، حتى لا يكون موسم السخرية وجلد الذات اليمنية. كما أن على الدولة تمويل إنتاج دراما هادفة وطنية بجوار تلك الأعمال الحاصلة التي تحاكي إنسان هذا البلد.
 
المال هو عصب الحياة في كل عمل فني، وشحة الامكانات والأجور تعد سببا كافيا ليبدو العمل هزيلا..
 
ما نحتاجه كيمنيين، في هذه المرحلة، ليس مشاهد جميلة؛ بل فكرة مؤثرة عبر نص جيد. وما ينقصنا- كي نصل إلى عمل مرضي- هو التشجيع لا التثبيط.
 
ينبغي ألا تضيع جهود العمل الدرامي، مهما كان متواضعا، في فلتان التقييمات المزاجية. والقنوات اليمنية التي قدمت أعمالا، في ظل هذه الظروف، تستحق التشجيع كي تقدم أعمالا أفضل.
 
التشجيع مطلوب، مثلما ينبغي على أي قناة تنتج عملا دراميا أن تحترم عقول متابعيها، فتبذل مزيد من الجهد، والمادة، واختيار نصوص جيدة، والعمل عليها، ليخرج العمل حقيقيا، وليس سد فراغات..!!
 
حتى يأتي اليوم الذي يكون للأعمال المحلية بصمتها في مواسم الدراما. فالساحة الفنية تزدحم للأسف بالأعمال العربية، التي تبدو أمامها الأعمال المحلية أعمال هواة، غير مدروسة الإداء والتأثير.
 
إننا نثق أن ذائقة الجمهور هي جزء من نقد الدراما، الذي نشكو شحة من وجوده مثل كل شيء في بلادنا.
 
ففكرة جودة العمل، تخضع عندنا إلى المزاجية، وتقبل العمل بتقبل الطرف الذي يقدم العمل، ولا تخضع لمعايير يفرضها وضع إنتاج الدراما المتعارف عليه.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر