توصلت الأنظمة الخليجية إلى صيغة مصالحة، أنهت ثلاث سنوات وسبعة أشهر من الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين على قطر، وسط حالة مفرطة من التفاؤل بما يمكن أن تحدثه من تأثير إيجابي في الأزمة اليمنية.
 
بعيدا عن لغة العاطفة، التي أعقبت قمة العُلا التصالحية، في الأوساط العربية واليمنية، فإنه من المبكر قياس مدى تأثير هذه المصالحة على الملف اليمني، وإن كانت أغلبية الآراء تصب في أن التأثير سيكون إيجابيا.
 
يمكن القول إن المصالحة التي أعلن عنها، لن تُنَفذ خطواتها خلال فترة زمنية قصيرة، بالنظر إلى ما أحدثته من شرخ سياسي يحتاج لفترة طويلة لالتحامه. على أن هناك من يرى أن تجاوز الأزمة لن يحتاج وقتا طويلا؛ إذا أخذنا في الاعتبار الدور الأبوي الأمريكي في إشعال فتيل الأزمة ابتداء، وإطفاء جذوتها لاحقا. أي أن الأزمة برمتها- منذ البدء وحتى النهاية- جرت تحت هندسة ورعاية الولايات المتحدة.
 
ما من شك أن المصالحة الخليجية، لا تصب في مصلحة إيران، التي وجدت في الأزمة فجوات سياسية واقتصادية عمدت إلى الاستفادة منها كثيرا بما يخدم مشروع الولي الفقيه في أكثر من عاصمة عربية، ومنها اليمن. إذ أن تقارب الدوحة مع طهران، الذي فرضته المقاطعة الخليحية، قد ترتب عليه تقاربا سياسيا، وتعاونا اقتصاديا، وإسنادا إعلاميا.
 
في اليمن؛ استفاد الحوثيون كثيرا من الدعم الإعلامي الذي توفر لهم من خلال الساحة الإعلامية للطرف الخليجي المختلف مع التحالف السعودي الإماراتي. وإذا كانت هذه الساحة قد أدت دورا بارزا في فضح التآمر السعودي الإماراتي في اليمن، فإنها تجاهلت بالمقابل جرائم حوثية طالت اليمنيين خلال فترة الأزمة الخليجية. بل إن بعض وسائل الإعلام تلك، تحوّلت إلى منبر للحوثيين لنشر أكاذيبهم. وما يُخشى منه الآن، بعد المصالحة، هو التزام الإعلام المؤثر- كقناة الجزيرة- الصمت حيال الانتهاكات الإماراتية السعودية في اليمن!!
 
قبل حصار قطر منتصف العام 2017، لم يكن هناك مشروعا خليجيا فيما يخص دعم الشعب اليمني وإنهاء الانقلاب الحوثي، فما الذي استجد حتى ينظر كثيرون بإيجابية مفرطة إلى تأثير هذه المصالحة على الملف اليمني؟
 
لم تكن قطر تشكل تأثيرا عسكريا كبيرا عندما كانت في التحالف، ومن المستبعد أن تعود إليه الآن. أما سياسيا؛ فإنها ستواصل دورها في اليمن ضمن المسموح به خليجيا، والمتفق مع سياسة الحياد التي فرضتها تطورات الثلاث السنوات الماضية. أما إعلاميا؛ فكل ما تستطيع تقديمه قطر الآن هو، على الأرجح، وقف إسنادها الإعلامي للحوثيين، بالتوازي مع الصمت الإعلامي عن انتهاكات التحالف.
 
 أما بالنسبة للدور السعودي الإماراتي في اليمن، فمن غير المتوقع أن تكون هناك متغيرات ميدانية مؤثرة على الانقلاب الحوثي، خاصة إذا نظرنا إلى سياسة التحالف التوسعية في المناطق المحررة، وعدم جديته في الخيار العسكري؛ وأيضا إلى سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة الحاكمة للسياسات الخليجية، إذ أن سياسة إدارة بايدن ستتسم بالتسامح مع إيران وأذرعها، بمن فيهم العصابة الحوثية.
 
المصالحة الخليجية كانت ضرورية بالنسبة للشعوب الخليجية، التي تأثرت كثيرا، وعانت  تصدعا اجتماعيا غير مسبوق. كما أنها ضرورية لاقتصادات الدول الخليجية، وسمعة أنظمتها السياسية، التي تضررت أيضا جراء السياسات الصبيانية، والتراشق الإعلامي الذي فتح ملفات جديدة على الإعلام الخليجي.. على أن تأثير هذه المصالحة على اليمن، يبدو أنه سيكون دون ما هو متوقع منها.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر