ألغام الحوثي في تعز


سلمان الحميدي

مليشيا الحوثي هي أول مليشيا في التاريخ تقوم بتنويع خطوط الحصار، وهذا ما لا يوجد في مناهج كبرى الكليات العسكرية في العالم. آل اللغم: عباقرة العنف العابر. 
 

مؤخراً، قال المرصد اليمني للألغام، إن محافظة تعز أكثر المحافظات اليمنية ملوثة بالألغام الفردية والألغام المضادة للآليات ومخلفات الحرب من مقذوفات غير منفجرة وصواريخ وقنابل وعبوات ناسفة.
 

من فعل ذلك غير الحوثيين؟ ولماذا تكون هذه المحافظة ذات الجغرافية الصغيرة والكثافة السكانية العالية أكثر المحافظات التي زرع فيها الحوثيون الألغام؟ ماذا يعني ذلك إن لم يكن ترصداً للقضاء على أكبر عدد من اليمنيين؟ لماذا تعز بالتحديد؟ 
 

من أول الحرب، كان الناس يتحدثون عن ضرورة تحرير محافظة تعز قبل أي محافظة أخرى، ينظرون لموقعها الجغرافي كنقطة وصل بين الشمال والجنوب، وللاستفادة من الكثافة السكانية الكبيرة وتحديدا شريحة الشباب، كانوا يقولون بأن ذلك سيساعد كثيرا في تحرير بعض المحافظات أيضاً. 
 

لم يحدث ما كان يقوله الناس، أو ينادي به المحللون. وخشية أن تقوم المقاومة في تعز بعمل ذلك بإمكانياتها البسيطة، سارعت مليشيا الحوثي بإحكام الحصار على المدينة، ولأن الخوف أكبر من أن تتلافاه مليشيا مجهزة بأقوى العتاد المنهوب، قام الحوثيون بوضع خطوط مختلفة لمنع تقدم محتمل للمقاومة والجيش: خط الألغام، خلفه أفراد المليشيا، خلفهم الدبابات، وخلف الدبابات خط التعزيزات الكبير، وخلفهم مدافع الهاوون.  
 

كل الخطوط تتهاوى نظرا لتفرق تكوينها، عدا خط الألغام والعبوات طبعاً، فمثلاً لن نجد عشر دبابات مرصوصة إلى جوار بعض، وهذا يسهل للمهاجمين التحايل على الدبابة، خاصة وأن من الممكن تحديد موقع تمركزها، لكن المشكلة الكبيرة تكمن في الخط الأول: خط الألغام. 
 

وليت الحوثيون اكتفوا بخط ألغام واحد لعرقلة الجيش، لو فعلوا ذلك لنالوا شرف الخصومة، ولكنهم أصغر من أن ينالوا أي شرف، لقد زرعوا تباب ووديان لاستهداف الرعاة والأغنام والإبل والمارة، هم لا يريدون عرقلة تقدم المقاومة، بل القضاء على الإنسان اليمني، ولأنهم يريدون تحقيق هدفهم هذا بلا منغصات، فهم يكثفون من الألغام والعبوات في الخط الأول، كي لا يصل إليهم شباب ورجال تعز.  
 

من معارك الأسبوعين الماضيين في الجبهة الشمالية، يتضح أن رجال المعارك قد تعلموا كيف يتعاملون مع الألغام، لا كاسحات ولا أجهزة اكتشاف، يقومون بمغامرات غير مأمونة، ولكنها كشفت أنهم قد امتلكوا الخبرة في التعامل مع المعركة. فتحوا ثغرة في خط الألغام، وقطعوا مسافة كبيرة، خسر الحوثيون أكثر من أربعين فردا بينهم قيادات، بينما استشهد من أبناء تعز ثلاثة من خيرة الشباب، وأصيب آخرون. 
 

أربعة من الذين هاجموا، هاجموا بأطراف صناعية. ما فعلوه يثلج الصدر، وما كشفوه يُفصح عن إجرام المليشيا بحق اليمنيين، عندما دخل الشباب إحدى البنايات، وجدوا داخل غرفة صغيرة ثمانية ألغام كبيرة موصولة في انتظار الضحايا، تعامل معها الشباب وتمكنوا من تفكيكها. 
 

لكن قبلها، في الطريق، كان أحد القيادات قد داس لغماً فبتر قدمه، كانت القدم المدماة داخل البيادة بعيدة عن صاحبها وقد أسعفوه. 
 

عندما تنظر إلى ما فعله الشباب في الجبهة الشمالية، تراه كبيراً، لكن كل ما ألحقوه بالحوثيين من خسائر وما سيفعلونه، لن يساوي بيادة ذلك الفرد! 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر