المقاطعة.. سلطة الشعوب


منذر فؤاد

 أثبتت المقاطعة الشعبية للمنتجات الفرنسية، أن الشعوب الإسلامية مازال لديها القدرة على التأثير، رغما عن أنظمتها الوظيفية التي تحكمها نيابة عن المحتل الغربي.
 
فلولا تأثير هذه المقاطعة، لما اضطر الرئيس الفرنسي ماكرون إلى إجراء حوار تلفزي، حاول فيه الالتفاف على تصريحاته السابقة، وتخفيف لهجته العدائية ضد الإسلام والمسلمين، أملا منه في إنهاء المقاطعة. 
 
لقد وضعت الشعوب حكوماتها في موقف محرج، عندما أشهرت سلاح المقاطعة، ما اضطر بعض الحكومات إلى إصدار بيانات هزيلة متأخرة نددت فيها بالإساءة الفرنسية، في حين فضّلت حكومات أخرى أن تظهر وجهها القبيح الذي أخفته عن شعوبها لسنوات وربما عقود.
 
ولقد أعادت المقاطعة الشعبية لفرنسا، ترتيب الخيارات الشعبية السلمية، لشعوب لاحظ لها في سلطة الحكم، فلجأت لاستعمال سلطتها الخاصة بها في الفضاء الالكتروني، ليترجم إلى عمل حركي تجاوبت معه الأرض الإسلامية من ماليزيا إلى المغرب العربي، ليضاف هذا العمل إلى لحظات نادرة من لحظات الاصطفاف ووحدة الصوت الإسلامي المغيّب منذ زمن طويل.
 
إنها لحظة مهمة إن بنت عليها الشعوب صرحا تضامنيا لا يشمل فقط قضية الإساءة إلى مقام النبي صلى الله عليه وسلم، إنما يشمل كل القضايا الإسلامية، ولا يشمل فرنسا فحسب، إنما كل الدول والأنظمة التي تشكّل عائقا أمام تطلعات الشعوب، وتنتقص من مقدساتها أو حقها في الحياة الكريمة.
 
هناك من يقللون من أهمية سلاح المقاطعة الشعبية، بدعوى أن هذه المقاطعة لاتؤثر على فرنسا، ثم يبدؤون بسرد لغة اقتصادية للتبادل التجاري، لتدعيم توجههم، وهؤلاء المرجفون الذين ينطقون بلسان غربي، تغيظهم رؤية الشعوب وهي تملك قرارها ولو للحظة واحدة، خاصة إذا كان هذا القرار ينبع من قضية إسلامية.
 
وهناك من ذهب بعيدا في فلسفته، ووجد في مقاطعة فرنسا، فرصة ليتقيأ جوفه بكلام يتهم فيه المسلمين بتشويه النبي صلى الله عليه وسلم، من خلال العمليات الإرهابية، وهو بلغته الانهزامية إنما يبرر للجانب الفرنسي الرسوم المسيئة، في حيت أن فرنسا في غنى عن هذا التبرير، إذ إنها تعلن في صراحة إن الإساءة لمقام النبي حق أصيل في حرية التعبير، ألا ما أقبح اللسان العربي عندما ينطق مدافعا عن فرنسا.
 
ما أحوج الشعوب اليوم إلى إنعاش المقاطعة وغيرها من الأساليب السلمية، كمساحة تمارس من خلالها سلطتها المنزوعة، وقرارها المصادر، وضغطها على الحكومات، حتى يأذن الله لها باستعادة قرارها وسيادتها.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر