من مزق كتلة الشرعية؟ 


سلمان الحميدي

اطلعت على مقالة طويلة لبيتر سالسبوري، خبير في تحليل شؤون اليمن لدى مجموعة الأزمات الدولية، يناقش فيها أسباب فشل وساطات المجتمع الدولي في خفض وتيرة العنف أو إلى تقدم حقيقي في إيجاد حل سياسي في اليمن، بعد الاستفاضة في التحليل رأى بيتر أنه من المستحيل الوصول لحل مع أطراف الحرب، إلا إذا تغير نهج المجتمع الدولي من خلال: توسيع المشاركة اليمنية، وإنشاء فريق اتصال دولي جديد. 
 

بدا المجتمع الدولي مثل كرة يتقاذفها طرفان، وحتى اللحظة لم يقم بأي شيء. 
 

المقالة المعنونة بـ «النهج الدولي إزاء الحرب في اليمن: هل حان الوقت لتغييره؟» تشير إلى أن اليمنيين والمحللين كانوا في البداية معتمدين على تطورات المعركة على الأرض للوصول إلى حل، لكن من يتتبع الأحداث اليمنية يجد أن التطورات تلك بإمكانها التوصل إلى بعض النتائج الدبلوماسية، لكن تلك النتائج لم تغير من الوضع شيء. 
 

وصل النزاع إلى طريق مسدود يقول بيتر، وبما أن الحرب هي ممارسة السياسة بطريقة أخرى، فقد أخفقت الاتفاقية التي صاغتها الأمم المتحدة في الكويت، ورغم ذلك قد غدت بمثابة إطار عمل لمبادرات الوساطة اللاحقة التي تقودها الأمم المتحدة. 
 

لا تغيرات المعركة على الأرض ولا مفاوضات أفضت إلى حلول. 
 

تالياً، ستجرب الأمم المتحدة طريقة أخرى: الضغط، وقد ولّد الضغط اتفاق ستوكهولم، لكنه لم يبارح الورق، لهذا يرى بيتر أن الضغط يرمز إلى "محدودية أفق الوساطة الخارجية في حل الصراع، فالضغط استطاع أن يجبر الأطراف على المصادقة على الاتفاقية وليس على تنفيذها". 
 

جاءت اتفاقية ستوكهولم نتيجة ضغط أمريكي على السعودية بعد مقتل جمال خاشقجي كما يقول بيتر، ولم يكن ثمرة من ثمار دبلوماسية الأمم المتحدة. 
 

الإمارات وتمزيق كتلة الشرعية 

ما هو موجود، كما يرى بيتر: تمكن الحوثي وتشرذم الحكومة.. وهذان العاملان لايزالان يحولان دون حل الصراع الذي كان متكافئا عندما جمعت السعودية الأطراف المناهضة للحوثي فبدت كتلة واحدة، لكن في أواخر 2017 "وجهت الأطراف المتحاربة انتباهها إلى مكان آخر، فحكومة الرئيس هادي وحلفاؤها دخلوا في صراع مفتوح مع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات". 
 

 بصورة ما، يرى الخبير أن الإمارات فرقت الكتلة المناهضة للحوثي، ومضت القوات المدعومة إماراتيا نحو الحديدة وتمكنت من تطويقها، ضمن استراتيجية السيطرة على الساحل والموانئ. 
 

تدريجيا، يفقد هادي والشرعية، الكفاءة في مواجهة الحوثي، تغيرت الوقائع في 2019، بعد سيطرة الانتقالي على العاصمة المؤقتة عدن "وهو الأمر الذي يعني إبطال دعوى وجود كتلة موحدة ضد الحوثيين" وهنا تحول الجهد السعودي نحو توحيد فريق الشرعية، ونجم عن ذلك "اتفاق الرياض" والذي لم ينفذ حتى الآن. 
 

ركز بيتر على جهود الوساطات الدولية، ووصل إلى نتيجة ترى أنه من المستحيل تحقيق أي تقدم مالم يتغير نهج الوساطات الدولية. 
 

في المقالة كلها، كان التحليل منصب على طرفين مراوغين: الشرعية والحوثي.. وكان التغافل ـ ربما لأسباب موضوعية واهتمام الباحثين والمحللين الأجانب بمنهجية التحليل ـ للمأساة الإنسانية، كما أنها لم تُشر إلى الحوثيين كمليشيا متمردة سببت هذه المأساة وألحقت باليمن خراباً هائلاً. 
 

نعرف أن أداء الشرعية ممثلة بهادي وحكومته، سيئاً وضعيفا في آن، ولكن الحوثي هو الطاغية المراوغ الذي يتاجر بالمآسي ويبتز المجتمع الدولي، ولا يلتزم باتفاق ولا يفي بوعد، كما تؤكد تجارب اليمنيين مع الجماعة الدموية. 
 

قد تكون الحلول التي أوردها بيتر، ناجعة ومناسبة في الأخير إذا ما وضعنا في الحسبان التالي: 

- قدرة القبائل على تغيير مسار المعركة في صنعاء وضواحيها. 
- إعادة تكتل الشرعية.
- تخلي "التحالف العربي"، عن مطامعه والتعامل بصدق من أجل مصلحته ومصلحة اليمن. 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر