صور لم تسردها الشرعية


سلمان الحميدي

صورة تبادل الأسرى تلخص الفرق بين المليشيات والدولة، بين العصابات والمؤسسات وإن كانت واهنة. الصورة نفسها مشحونة بالعواطف: الفرحة والحزن، اللقاء والانتصار، والأماني باكتمال البهجة بإطلاق البقية.

هذا ما بدا عند الطرفين، من يملك الحق ومن يسلك مسالك العصابات، ومن الطبيعي أن يكون كذلك، فحتى من لديه مجرماً في السجن يتوق لإطلاقه، فكيف بأقارب المظلومين والمختطفين الذين تكتظ بهم الأقبية والدهاليز.

الفرق واضح بين الفريقين، المختطفين الذين أفرج عنهم الحوثيون، والأسرى الذين أطلقتهم الشرعية، المشهد على مأساويته يحكي الفرق بين من يلتزم بأخلاقيات الحرب والمواثيق الإنسانية الدولية وبين العصابات التي تنتهك كل شيء من المواثيق إلى الأعراف والأخلاق، يحقق هذا صورة إيجابية عن الشرعية عند المجتمع الدولي على الأقل، رغم ما رسمته الصورة في ذهن المجتمع المحلي من استياء نظراً لعدم تجهيز الشرعية لاستقبال يليق بالمختطفين..

هناك فرق بين من خرج يتوكأ على العكاكيز ومن وصل شاتماً يعلو هيأته الرغد..

من سلم الطائرة، نزل المتوكئون على العكاكيز، عذبهم الحوثيون وجوَّعوهم، على أجسادهم ذكريات العذاب والهزال، معظمهم مختطفون وليسوا أسرى، كانوا مغيبين عن أهاليهم ومعيشة أهاليهم. رجل يبكي وهو يحتضن ابنته، وآخر يبحث عن ابنه الوحيد بين المستقبلين لكنه لم يعرف أن ابنه قد استشهد، كاتب مُنع عن أطفاله ومات والده وهو في المعتقل، صحافيون جرى اختطافهم من مقار أعمالهم، رجال وشبان اختُطفوا من الطرقات والمنازل، هؤلاء هم غالبية قائمة الشرعية، يحملون تفاصيل إجرام عصابات تتجاوز هذا الحد، إلى تعذيب المختطف حتى الموت.

ومن سلم طائرة الصليب الأحمر، نزل أسرى الحوثيين، هؤلاء الذين قبضت عليهم الدولة في جبهات القتال، لا الطرقات والمنازل، نزل هؤلاء وعلى وجوههم دسم التسمين وبياض التربية، نزلوا بعد قضاء نزهة في سجون الشرعية، أفرغوا رصاص بنادقهم حتى آخر طلقة إلى قلوب اليمنيين قبل الأسر. الالتزام بالمواثيق الدولية وأخلاقيات الحرب بالتعامل مع الأسرى؛ كان مثالياً عند الشرعية، هذا ما يمنح الحوثي شعور النصر، وأن صفقة تبادل الأسرى بشكلها هذا يعني إخضاع الأطراف "الشرعية والتحالف والمبعوث الأممي تحديداً" لقوة المليشيا، بينما الأطراف الأخرى "الشرعية والتحالف"، لا تعطي الصورة حقها، لذا ظهرت عشوائية الترتيب لاستقبال المختطفين في اليوم الأول، وكانت التغطية باهتة إلى حدٍ ما، لم تظهر معاناة المختطفين غير في تغطية المصورين وبعض الوسائل الأهلية الأخرى. كان على الشرعية إظهار الصورة كاملة ليرى العالم قبح الحوثيين من الزوايا المختلفة.

قد يقول قائل، أن العالم يعرف الفرق بين المليشيا والدولة، بين العصابة والمؤسسات، بين الحوثيين والشرعية؟ لكن هناك من لا يعرف أن الحوثيين يستغلون تواصلهم مع المجتمع الدولي لإيهامهم أنهم مظلومين، يقومون بتعبئة ذواكر بصور وفيديوهات من الحرب، يحملها "فليتة" ويوزعها على من يلقى: انظروا ماذا فعلت السعودية باليمنيين؟! بينما لدى الشرعية ألف مأساة لا يرويها أحد، بينها ملف المختطفين.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر