الثورة في معجم الإرياني


سلمان الحميدي

وأنا أقرأ المعجم اليمني في اللغة والتراث، لمطهر الإرياني، وجدت أحداثاً ووقائع من الثورة التي قضت على الملكية وأعلنت ميلاد الجمهورية، في فترة الإمام يحيى أو نجله الإمام أحمد، دونتها الذاكرة الشعبية بأبيات وأمثال، كما استشفيت ثورية الإرياني حتى في هذا المعجم الرائع من خلال إحالتنا على أبيات من الشعر الجمهوري عند التأصيل للفظة ما، وأعمق من هذا هو رده على أحمد محمد الشامي، المعروف أنه كان مؤيداً، ولكن الإرياني لمّح إلى أن الشامي متأثراً بالإمامة بحكم أن البيت التي ينتمي إليها تجاور بيت الإمامة.. 
 

جاء هذا التلميح عند تحليل مادة "ح ج ر". 
 

«الجُحر لغة، هو: كل ما تحفره الهوام والسباع لأنفسها في الأرض» و «في لهجاتنا أصبحت كلمة الجُحر اسماً للدبر والعجيزة عند الإنسان وغيره»، «ومن شعر عهود التكبر والاستعلاء، قول أحمد شرف الدين المعروف بالقارة: 

ما احقّ جحر القبيلي بالثّفرْ 

لولا تحجى عليه الحمارْ 
 

القول قول أحمد شرف الدين، غير أن الإرياني عاتب الشامي وسط هذا المعجم الضخم، لأن الأخير أورد القصيدة في كتاب ما، وفي المعجم وتحت مادة ح ج ر، يكتب الإرياني هذا الاستطراد: 
 

«ولما كان الشيء بالشيء يذكر، فإنني أستطرد مستغرباً على الأستاذ الشاعر الأديب العالم أحمد بن محمد الشامي، كيف أورد قصيدة القارة المشار إليها سابقاً، في كتابه "نفحات ولفحات" كاملة وبلا سبب، إلا التلذذ بما فيها من الهجو المقذع للقبائل اليمنية، وهي حصن اليمن وقوته، وأبناؤها هم حارثو الأرض وزارعوها، الذين كانوا عبر العصور هم مصدر الخير والعطاء لكل طبقات الشعب اليمني من أعتى إمام إلى أصغر سيد إلى أي قاض أو حاكم أو وال، ثم إلى جميع الناس حتى أبسط مواطن، والقصيدة تنم عن حقد دفين واحتقار شنيع لعامة اليمنيين من قبائل ومشائخ وهم من كانوا في الخطر درع اليمن وحصونه المنيعة، وهو من كانوا وسيظلون الحارثين الغارسين الزارعين القالعين المنعمين بالحياة والبقاء والرفاه للجميع. إنها زلة من زلات الأستاذ أحمد الشامي التي تدحض بها رجله فتكشف ما في أعماقه رغم كل المزاعم». 

  

ومما استدل به الإرياني، ألفاظاً شعبية كثيرة، وردت فيما يُطلق عليه "الشعر القبلي"، أثناء الثورة على الإمامة، منها على سبيل المثال: 
 

(1) 

قال شاعر قبلي في المواجهة بين الجنود الجيش المصري المدافع عن الجمهورية في اليمن وبين أنصار الملكية في الستينيات: 

هم با يطيبوا بنا إن جَوْا وبا نخفر 

وِنْ شي حنةْ قلب با نتلاحق ابطار 

أي: إنهم سيطيبون بنا نفسا للموت إن وجدوا أننا سنخذل بعضنا بعضًا، وإن وحدتنا حنة القلوب فسوف نتطارد معهم ولو عراة. 
 

(2) 

قال علي بن علي صبرة عن الجاهل المتخلف الذي يتمسك بأفكار بالية عفي عليها الزمن ويريد إعادتها، وهما بيتان من قصيدة طويلة في الرد على أحد الشعراء المرتزقة الذين كانوا يجندون لمحاربة الجمهورية محاولين إعادة الملكية: 

ليت العقول تُشترى داخل علبْ 

نبيع لك يا الذي عقلك قليلْ 

أقدرْ أسوي مثالكْ من خُلب 

وانت مِحرنْ وماسك للصميل 

 

(3) 

القويح: صراخ القرود وصخبها لأمر يحل بها ويخيفها، ومن الشعر العامي ذات الطابع القبلي الذي كان الجمهوريون ينشدونه في الستينات أثناء حربهم مع الملكيين، قولهم: 

بالله يا الميج أَلِّيْ يِسْرحْ 

على المعاركْ بقنبالَهْ 

إرسل بصاروخْ أَلِّيْ يقرح 

ولا قرح فرقع امْيالَهْ 

على الرُّباح حيثما تِقْوَحْ 

في الجروفاتْ هجَّالَهْ 

والرباح التي تقوح في الجروف، هم الملكيون، لأن قادتهم اتخذوا من المغاور والكهوف والجروف الجبلية مساكن لهم ومقرات يقودون منها حربهم اليائسة.. 

 

** 

عاشت ثورة 26 سبتمبر العظيمة 

وعاش الصامدون في وجه نكبة 21 سبتمبر.. 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر