في وقت أعلن فيه عبدالملك الأبيض الرجل الثالث في ميليشيا طارق عفاش، انشقاقه وعودته إلى حضن الحوثيين، كانت مدينة التربة- في ريف تعز الجنوبي التي زارها الأبيض في وقت ما- تشهد توترا جديدا، بعد نشر وحدات عسكرية للجيش لتأمين المدينة من أي محاولة للسيطرة عليها من قبل الأذرع العسكرية الموالية للإمارات.
 
هل هناك مبرر للجدل الذي رافق نشر وحدات الشرطة العسكرية في التربة؟ في الحالة الطبيعية، لايمكن أن يتحول نشر الجيش لوحدات عسكرية في الإطار الجغرافي المحدد له، إلى مادة جدلية تستحضر معها لغة مناطقية وتراشق سياسي عقيم، لكن في الحالة غير الطبيعية -التي نعيشها الآن- فثمة حسابات سياسية مرتبطة بأجندات إقليمية، لا يستغرب معها أن يسمح لميليشيات خارج إطار الجيش أن تتواجد في مدينة التربة بشكل غير معلن، بينما يصبح حضور الجيش نوع من أنواع الاحتلال الذي يجب التصدي له!
 
لو افترضنا جدلا، أن الجيش الوطني بدأ يعزز حضوره في الساحل الغربي، ويستأجر شقق سكنية لإيواء أفراده في المنطقة، ولديه خطط للسيطرة على المديريات الساحلية باعتبارها خاضعة لسيطرة ميليشيا موالية لدولة خارجية، أترى شواذ السياسة والإعلام -الذين يوالون أبو ظبي- سيرحبون بهذه الخطوة باعتبارها عمل عسكري مشروع لاستعادة الساحل، أم سيرونها تشتيتا للجهود وتمزيقا للصف العسكري في مواجهة الحوثيين؟
 
ربما سيذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك في مهاجمة الجيش وشيطنته، لكن عندما يتعلق الأمر بمحاولة ميليشيا طارق عفاش الخارجة عن الدولة، تعزيز حضورها في التربة رغم بعد المدينة عن الساحل الغربي، ويتخذ الجيش خطوات احترازية للتصدي لهذا الزحف الميليشياوي، فإن هذه الأقلام لا تستنكر حضور الميليشيا، بقدر ما يزعجها حضور الجيش، وتتعالى اللغة المناطقية الرافضة "للجيش الشرعي" الذي جاء "لاحتلال الحجرية" في حين أنها لا تجد مانعا لاحتلال المنطقة من "بيادق ميليشياوية" جاءت من أماكن تبعد مئات الكيلومترات.
 
لقد فشلت جميع الأحزاب السياسية فشلا ذريعا في مجالها، وأصبحت مطايا لأطراف خارجية، فهل يمكن لها أن تنجح إذ تخوض غمار العسكرية، وتوزع صكوك الوطنية على ألوية الجيش، وتصنف الجيش سياسيا ضمن لغة مبتذلة تجعل للحزب الناصري نصيب في اللواء 35 مدرع، ولحزب الإصلاح بقية ألوية الجيش في حين أن العسكرية تتطلب توسيد الأمر لأهله، ونبذ لغة التحريض والقتال بين أفراد الجيش الوطني، وتعزيز حالة التنسيق والتعاون، في إطار عسكري لا تدخل فيه الأحزاب السياسية.
 
إن الفرز المناطقي الموجّه الذي رافق انتشار وحدات الشرطة العسكرية في التربة، والبيانات السياسية والدعوات التحريضية لمواجهة الجيش، تنم عن ضربة موجعة للمشروع الإماراتي والأذرع الموالية له في الداخل، حال تمكن الجيش من تأمين المنطقة بالكامل، وعلى قدر الألم يكون الصراخ.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر