لطالما تكررت مفردة "الانقلاب" في خطابات وبيانات الحكومة اليمنية، حتى فقدت الكلمة جرسها الإيقاعي المخيف، وأضحت مفردة مرادفة للعجز الذي أصاب السلطة الحاكمة، والتآمر الذي يطبع مواقف حلفائها، عند كل انقلاب ينفذه الوكلاء المحليون.
 
سقوط سقطرى بيد ميليشيا الانتقالي، أو الانقلاب كما وصفته الحكومة، لم يشذ عن الانقلابات السابقة، من ناحية الداعم الخارجي لها، وهما الامارات والسعودية، اللتان دعمتا انقلاب الحوثيين عام 2014، وانقلابات الانتقالي المتعددة في المناطق الجنوبية، وإن بدت بعض مواقف الدولتين المعلنة مغايرة لما هو غير معلن.
 
السعودية والإمارات ليستا على خلاف فيما يخص تحالفهما في اليمن، وإن كان ثمة  خلاف فلن يتعدى الخلاف على نصيب كل منهما من الكعكة اليمنية، وهو خلاف لا شأن لليمنيين به وهم الضحايا، وما قيمة أن يفضل الضحية ذئبا على آخر، طالما وأن مصيره الهلاك!
 
ما الذي يجعل السلطة الحاكمة تستنجد بالسعودية عند كل انقلاب أو سقوط منطقة بيد الانتقالي، وقد أضحت الحقائق معروفة لعامة الناس، أن السعودية شريكة للإمارات في تجزئة التراب، وتقويض مؤسسات الدولة، ضمن لعبة قذرة تمثل الإمارات فيها دور الحليف الشرير، وتمثل السعودية دور الحليف الطيّب؟ هل السلطة الحاكمة-أيضًا- لها دور في هذه التراجيديا، وإن بدا للشعب أنها تمثله؟ باعتقادي، فإن رأسها الذي يقيم في منفاه الاختياري، متورط في هذه اللعبة.
 
لقد كان الناس حتى وقت قريب، ينظرون للسعودية من منظور يختلف عن نظرتهم للإمارات، فجاء انقلاب عدن، وسقوط سقطرى ليكشف للناس خطأ نظرتهم السابقة، إذ لا فرق بين قطبي التحالف، فكلاهما يمثل مشروع احتلال لا تحرر، انقلاب لا دولة مؤسسات.
 
تظن الحكومة أنها تحسن صنعا عندما تستجدي السعودية للتدخل، وتظن أن بإمكانها إحداث شرخ في التحالف الوثيق بين السعودية والإمارات، يعود بالنفع عليها، وهذه نظرة قاصرة، أثبتت عدم جدواها في مواقف سابقة، بل أظهرت حالة العجز والوهن في المنظومة السياسية والعسكرية اليمنية، أمام الداخل والخارج.
 
إن التحالف الوثيق بين السعودية والإمارات في اليمن، لا يمكن عزله عن تحالفهما الوثيق، ودورهما كقائدتين لقوى الثورة المضادة في ليبيا وتونس ومصر وسوريا، وتطابق مواقفهما من قضايا إقليمية ودولية، كالقضية الفلسطينية، وحصار قطر، والموقف من تركيا، ومحاربة الحركات الإسلامية، وملفات أخرى، ومن يظن أن اليمن حالة استثنائية في هذا التحالف فهو مخطئ، وما لم يكن هناك تصدعا سعوديا إماراتيا تجاه القضايا أنفة الذكر، فلن يكون هناك تصدعا فيما يخص الحالة اليمنية.
 
ما يجري من تمدد غير شرعي في الخارطة اليمنية، تدعمه الإمارات والسعودية، يعطي تقييما حقيقيا لطبيعة التحالف بين الدولتين، وتبادل الأدوار المتفق عليه بينهما، وهو قبل ذلك، دليلا إضافيا على تطابق الموقف السعودي مع الموقف الإماراتي تجاه اليمن، بعد أن نجحت السعودية في تضليل قطاع واسع من الجماهير على مدى السنوات القليلة الماضية.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر