مجرد ضجيج إعلامي


اسامه محمود

 خلال سنوات الحرب في اليمن كانت هناك معارك إعلامية تسير بالتوازي مع المعارك العسكرية، بل كانت تبدو أحياناً أشد استعاراً، سيما على القنوات التلفزيونية، وصفحات الفيس بوك، وبعض الارتدادات على منصة تويتر..
 
غير أن المتأمل، بغرض الفهم، بحاجة إلى تشريح الواقع الإعلامي المصاحب للحرب، ودراسة اجزاؤه بمنطق الجدوى، بعيداً عن العاطفة والموقف السياسي المسبق، وقد يحصل حينها على تقييم مبدئي، من شأنه توضيح: ما الذي فعله الأداء الإعلامي خلال الخمس السنوات الماضية؟!
 
فالقنوات التلفزيونية- مثلاً- يمتلك الحوثي منها قناه ناطقة بإسمه هي "قناة المسيره"، إلى جانب عدد من القنوات الفرعية المسانده. أما قنوات الشرعية فقد مثلت فيها "سهيل"، و "يمن شباب" و "بلقيس"، رأس حربة الخط الاعلامي، بالإضافة طبعاً الى "قناة اليمن" الرسمية الحكومية. وهناك قناة اسمها "الشرعية" مملوكة لرجل أمن سعودي، لكنها لاتمت للشرعية بصلة، وهي حالة عجيبة تستحق دراسة مستقلة لسنا بصددها الان..!
 
بالنظر إلى هذه القنوات، نجد أنها عملت- بقصد أو بدون قصد- على جرّ الأوساط الشبابية للعمل بطريقتها، مما ساعد على نمذَجَة تناولاتها، وجعل الأداء العام متشابهاً، ومفتقرا إلى الإبداع، وخصوصا في تعدد أساليب المواجهة، حتى بدى الجميع وكأنهم يدورون حول أنفسهم..!!
 
وكمثال على ذلك؛ بإمكان المتابع مراقبة الطريقة التي يتم التعامل بها، حاليًا، مع موضوع "الخُمُس"، الذي تبنته جماعة الحوثي، مؤخراً، ضمن ما سُميّ بـ"اللائحة التنفيذية" لقانون الزكاة، في محاولة جديدة لشرعنة نهبها لأموال اليمنيين..
 
 وبما أن الحوثي جماعة إنقلابية، لا شرعية لها من الأساس، ناهيك عن شرعية إصدار قانون للجباية، إلا أن ما يثير الإنتباه هو كيفية تعامل الصوت الوطني المعارض، المتمثل في الاوساط الشبابية، وطريقة تناولها المكرورة، والفاقدة للفاعلية الحقيقية..!!
 
فالواقع المعتاد من قبل هذه القنوات في مثل هذه القضايا؛ هو أنها تتجاوب مع فورة الغضب الشعبية لمدى معين، بحيث يبقى الجميع- تقريبًا- يدورون في نفس الحلقة المفرغة، ليومين أو ثلاثة أيام فقط، ثم يعود الجميع إلى دوامتهم اليومية. في حين يستمر الحوثي- كالعادة- في فرض مايريد بعد انتهاء فورة الغضب العابرة، بدون أن تترك تلك التناولات الإعلامية اثراً عمليا حقيقيا يُذكر..!!
 
لا نريد لهذا الرفض أن يكون مجرد ضجة إعلامية، بل أن يتحول إلى آليات عملية أكثر فاعلية، كالوصول بالقضية عالميًا، وتوسيع دائرة الرفض ومخاطبة المهتمين، والمنظمات الدولية..
 
ولإحداث التأثير المأمول، يفترض بها التركيز على آليات عمل داخلية، لتدعيم مقاومة الناس، الواقعين تحت سلطة الحوثي، لمثل هذه الإجراءات؛ وفتح أفاق أوسع أمام استثمار هذا الغضب الشعبي فيما يفيد، لمحاولة رفع مستوى تأثيره الفعلي ايجابياً.
 
تخيلوا معي؛ لو كان هناك- بالفعل- عملا حقوقيا فاعلا، وضغطا إعلاميا، تراكم على مدى السنوات الماضية، واستفاد من اخطاؤه، وبات اليوم أكثر تأثيراً؛ فهل كان الحوثي سيجرؤ على التعامل مع أمر خطير كهذا، بكل هذه الفجاجة؟!
 
كل هذا يقودنا إلى فكرة: تهديف العمل الإعلامي، وإخضاعة لقواعد الجدوى المرجوة، وإعادة الإعلام إلى وظيفته الرئيسية، وهي: التأثير..
 
فالإعلام بدون تأثير، عباره عن جهد مهدور، ومجرد محاولة لملئ مساحة فارغة بالضجيج فقط.!!

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر