التحالف الذي تحوّل إلى احتلال


منذر فؤاد

 
  في مارس 2015 تدخلت السعودية ودول أخرى عسكريا في اليمن ضد الحوثيين المدعومين إيرانيا، وفي يناير 2020 تدخلت تركيا عسكريا في ليبيا بمفردها ضد قوات حفتر المدعومة من عدة دول، وما حققه التدخل التركي لصالح حكومة ليبيا في ثلاثة أشهر يتفوق على ما حققته السعودية ودول أخرى لصالح حكومة اليمن خلال خمس سنوات.
 
قد تبدو هذه المقارنة غير منطقية أو غير مقبولة للبعض، لكنها تعكس بجلاء أن التحالفات الصادقة والحقيقية تصنع فارقا وتأثيرا ملحوظا في مدى زمني قصير، أما التحالفات التي تحكمها المصلحة والتآمر، فإن تأثيرها ينقلب عكسيا مع مرور الوقت، ويصبح الفكاك منها مطلبا ملحا للحفاظ على وحدة الأرض ومنعا للمزيد من الدماء وملشنة الحياة اليومية للمواطنين.
 
عندما تدخلت السعودية والإمارات في اليمن، كان هناك تعويل على أن هذا التحالف سيسهم في إنهاء الانقلاب الحوثي، لكن ما حدث هو أن انقلابا ثانيا ولد من رحم التحالف السعودي الإماراتي في عدن جنوب اليمن، أما الحكومة الشرعية فقد أضحت فاقدة لأي فعل مشروع يحفظ لها اسمها، وعاجزة حتى عن إصدار قرار ينهي وجود التحالف، ذلك أن ارتمائها في حضن السعودية صنع منها جارية حقيرة في البلاط الملكي، وأما الشعب فقد نالت منه الحرب وعاونتها الأوبئة والأمراض المتعددة.
 
لقد أدخل"التحالف العسكري الداعم للشرعية" اليمن في هوة سحيقة يصعب الخروج منها، بينما تفرّغ قطبيه_ السعودية والإمارات_ لتحقيق أهدافهما في السيطرة والنفوذ وشراء الولاءات في مناطق الحكومة الشرعية، وكانت النتيجة أن أصبحت مناطق الحوثيين خالصة لهم وآمنة لنشاطاتهم المختلفة، وأصبحت مناطق الحكومة مسرحا للعبث والفوضى، خاصة المناطق التي لم تصلها الحرب الحوثية كسقطرى والمهرة وحضرموت.
 
إن استمرارية إدارة الحرب بهذه الطريقة، سيؤول حتما إلى تثبيت الانقلاب الحوثي في شمال البلد، وتمكين انقلاب الانتقالي جنوبا، وهو ما يعني تفكيك البلد وتحويلها إلى مسرح للفوضى والصراع لأمد طويل على أهداف وأجندة متباينة، بعيدا عن الهدف الأول الذي ينشده اليمنيون في إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة واستقلال القرار. 
 
إن الدور الذي يقوم به قطبا التحالف في اليمن" السعودية والإمارات" ينطبق عليه وصف الاحتلال لا التحالف، فالاحتلال يأتي عادة متماشيا مع مصلحة المحتل ومتعارضا مع مصلحة أبناء الأرض المحتلة، أما التحالف فتغلب عليه النديّة والمصلحة المشتركة بين الحلفاء، وما يجري في اليمن يمكن إدراجه في إطار الاحتلال غير المعلن من جانب "قطبي التحالف" للأرض اليمنية.
 
ما أحوج اليمن اليوم إلى قرار رسمي بعقد تحالفات واتفاقيات جديدة مع دول عربية وإسلامية، بما يساعد على استقلال القرارين السياسي والعسكري وإخراجهما من العباءة الخليجية، وتطوير القدرات العسكرية تدريبا وتسليحا بما يسّرع من حسم المعركة مع الانقلابيين أينما وجدوا، وإعادة تشغيل القطاعات الاقتصادية التي عطّلها قطبا التحالف، يبقى السؤال الأصعب عمّن سيتخذ مثل هذا القرار خاصة وأن السعودية هي صاحبة القرارين السياسي والعسكري للسلطة الشرعية في اليمن؟!
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر